حكايا الزمان والأوان





وهذا حسننا البصري يحاسب الوعّاظ الذين صاروا( قصّاصا )، و نخشى اليوم أنْ نورد الحكايات فيُدخلنا في الزمرة التي ذمّها، وحذّر منها.

سأذكر اليوم حكاية و أسطورة:
- الحكاية ذكرها التاريخ، ولكن وقع الاختلاف في بطل القصّة،
- والأسطورة نسجها الخيال، من وحي أفعال الرجال!!

حكاية
آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجله!!

رُوي – والله أعلم – أنّ أبا حنيفة الإمام الأعطم – و في روايات أخرى أئمّة آخرون - : كان يُضطرّ إلى مدّ رجله في الدرس لألم فيها.

حضر إلى حلقته يوماً رجل وقور مهيب الطلعة، يوحي سيماؤه بأنّه من المعدودين بين أهل العلم ، فاستحيا أبو حنيفة، وآوى إليه رجله.
وتابع الشيخ درسه، حتى إذا حان وقت الحديث عن صلاة الفجر، و ضرورة أدائها في وقتها – قبل الشمس -، استأذن الشيخ الضيف بالسؤال، فوجف قلب أبي حنيفة، ففيم كان زلّته!
قال الشيخ: وماحكم الصلاة إذا أشرقت الشمس قبل طلوع الفجر؟!
قال أبو حنيفة: الحكم حينها أن يمدَّ أبو حنيفة رجله!
و في رواية: آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجله!!

ملحوظة:لا حاجة لأيّ تعقيب!!
لا تعجبوا فقد وقع مثل هذا في عصرنا عصر الفكر المنوّر!! حين قُدم في مؤتمر كبير من تجمّل فوضع ريشة (د.) الأعجمية على عمامته!! إماماً لصلاة العصر، فجهر بالقراءة، ثمّ ردّ على المعترضين بقوله: ألا تدرون أنّ المذاهب الإسلامية واسعة جدّا؟!!




أسطورة
ويتجملون فيضعون ريشة (د.) الأعجمية على عماماتهم!![/FONT][/CENTER]

أوحى الرجال أبناء الرجال!إلى المخيّلة بهذه الحكاية،وهم يزاوجون بين الحضارات، فيدّعون أنّ الإنسانيّة في سلوكها و تصرّفاتها واحدة، وقد أعجبني هذا القول، لكنّي كرهت الأحكام القاطعة في قضايا متقاربة يقولون عنها: إنّها متطابقة!!



ذهب أبو حنيفة إلى الموضّأ استعداداً لصلاة الظهر،تاركاً عمامته وجبّته ( اسمحوا لي أن أستخدم تعبيرات حديثة،موافَقةً لروح الحداثة! ) في مشهده الذي يلقي فيه دروسه- كما يفعل مشائخ العصر.

وفي مكان آخر من الكرة الأرضيّة في زمن أحدث- مع استخدام آلة الزمن– دخل جان بول سارتر- إلى الحانة يبحث عن كأس ينشّط بها ذهنه، ولباقةً (Étiquette ) منه - وهوالرجل المهذّب ( gentilman) - خلع قبّعته ( chapeau )، ووضعها على ( علاقة ) عند مدخل الحانة، فسارع واحد من أبناء الإنسانيّة المعذّبة إلى قبّعته (chapeau son)، فلطشها، وركب آلة الزمن ، فأوصلته إلى عمامة أبي حنيفة ، فلطشها، ووضع مكانها قبّعة سارتر، ولكي يكمل الأمانة، و لايبوء بإثم السرقة، عاد بمركبة الزمن إلى سارتر، ووضع مكان قبّعة سارتر عمامة أبي حنيفة.

ما أجمله من إنسان يعلّق سمّاعة الطبيب برقبته، و يعلّق لسانه على الأحكام الشرعيّة! وآخر علّق على رأسه عمامة يجسّ بطن الحبلى ليتأكّد من شهر الحمل وسلامة الجنين!

لا تتهموني بالتخيّل، انظروا في كثير من الصحف، ومواقع الشبكة الدولية، أليس فيها فتاوى شرعيّة وبحوث دينيّة يقوم بها أطبّاء ومهندسون؟!

وأمّا الشيخ المزاول لشؤون الطبّ فهو حيٌّ يرزق– ولن أذكر لكم اسمه كيلا توفّر الحامل أجرة الطبيب، وتذهب إلى الفحص بالمجّان!!-.
ثمّ ألم يُنشأ مركز طبي - لا أدري ربّما مراكز – للاستشفاء يقو م على أمره أئمّة دين– لا أدري!! هكذا يدّعون-.