هذه احدى الدورات التي عقدت في احد المنتديات وعجبتني

قدمتها الأستاذه منى صالح الجناحي

مقدمة
لماذا نتحدث عن اللعب ؟؟ كلنا نعرف ان الاطفال يحبون اللعب ويرغبون فيه اكثر من اي شيء اخر ، اتوقع اننا نحتاج ان نعرف امور كثيرة حول لعب الاطفال الا اننا سنحاول البحث في هذه الدورة عن اجابات لبعض الاسئلة المهمة بالنسبة للوالدين في مسألة لعب الاطفال مثل : كيف يلعب الاطفال ، وكيف يختلف نوع اللعب لديهم مع اختلاف اعمارهم وما دور الآباء في كل مرحلة ؟ كيف نختار الالعاب وكيف نعرضها للطفل واين؟ وغير ذلك..


اذن ، افترض ان هذه الاسئلة وغيرها تحتاج ان نناقشها بمزيد من التفصيل ، من اجل ذلك سنتناول موضوع اللعب في حلقتين ،

خطة اليوم الاول : اللعب واهميته :
- اولا :خواطر حول اللعب
- ثانيا : نظرة تاريخية
- ثالثا : مراحل لعب الاطفال ودور الام في كل مرحلة

خطة اليوم الثاني : الالعاب في المنزل
- اولا : كيف يختار الاهل الالعاب
- ثانيا : هيا نلعب معا



اليوم الاول: اللعب واهميته:

اولا : خواطر حول اللعب :

اكتب لكم اليوم وانا اراقب منظر مجموعة من الاطفال من نافذة مكتبي ، ارى اولادا تتراوح اعمارهم بين التاسعة والحادية عشرة يمسكون 4 اعمدة خشبية ويحاولون غرسها في الارض الرملية ، اعتقد انهم يحاولون تصنيع مركزا للاهداف ، لربما يخططون لتهيئة هذه الارض للعب كرة القدم فيما بعد ، انهم يعملون بكل جدية ويتبادلون بعض الكلمات التوجيهيه مع بعضهم البعض ، بالنسبة لي فأنا اراه عملا شاقا ومتعبا ، فلماذا يجده هؤلاء الصغار شيئا اساسيا ، وهل ما يقومون به لعب ام عمل ؟
لو انكم تأملتم هذا الموقف قليلا ، ستلاحظون ان الاولاد يعملون ، ولكنهم يجدون في هذا العمل فائدة ومتعة وترفيه ، اذن هو لعب ايضا ، مما يدعونا الى الوصول الى مقولة مشهورة في عالم التربية وهي " (ان اللعب هو عمل الاطفال ) ، ويذهب هذا المعنى الى ان القيم التي يكسبها الانسان من عمله مثل تقدير الذات والاحساس بالثقة بالنفس والحصول على خبرات منوعة هو تماما ما يكتسبه الاطفال من خلال لعبهم ، فبالنسبة للبالغ يشكل "العمل" مصدر الخبرة والتطوير الذاتي بالنسبه اليه ، اما الاطفال فإن " اللعب " هو الذي يقدم لهم هذه الاشياء .

لازلت اراقب الاولاد وهم يعملون- او يلعبون لا فرق – ارى اثنان منهما يحملان حجرا ثقيلا بكل حماس ، انهما يريدان الآن تسوير ملعبهم بمجموعة من الاحجار ، هل ترون ما يمكن ان ينمو في جسمي هذان الطفلان وهما يقومان بهذه اللعبة ، عضلات تنمو هنا وهناك ، عضلات الذراعين ، الكتف ، الرجلين انواع مختلفة من التآزر بين الحواس المختلفة ( اهمها التوافق بين حاسة النظر وحركة اليد ) ، ولا تنسوا ايضا اللغة ، العمليات العقلية التي تنمو مع التفكير الدائم من اجل انجاز العمل بأحسن ما يمكن ...

الاحظ الآن ان هناك مشكلة ، بوادر شجار بين طفلين ، يريد احدهما وضع العمود ثم احاطته بالرمل ، بينما يقترح الآخر الحفر اولا ثم دفن العمود ، اسمع نقاشا حادا ، حسنا ، هل يمكنكم ملاحظة ما وراء هذا الشجار؟؟ ، ان هؤلاء الاولاد يتعلمون الكثير الآن ، كيف يقنع كل منهما الآخر بفكرته ، كيف يتعامل مع الآخرين وسلطاتهم ، كيف يتكيف مع اختلاف افكار الناس التي لن تتوافق دائما مع افكاره؟ ..

اه الآن توقف الشجار ، لقد استجاب الجميع لرؤية احدهم ، انه الزعيم ، كم ممتع ان يتاح لي فرصة ان ارى عمليا كيف يكون الطفل قائدا ، وفي صورة اخرى تابعا يتقبل ارشادات طفل آخر يماثله في العمر والاهتمام ..

اعود الى الاولاد الآن بعد ان اشرفوا على الانتهاء من لعبهم- عملهم- ينظرون الى عملهم من اليمين ، اليسار ، ثم يعدلون هنا وهناك ، احدهم يبتكر طريقة جديدة لحمل الرمل ، وفي هذا الجو من الابداع والتفاعل والحماس والنمو اسمع احدهم يتحاور مع صوت قادم من بعيد ، اه ، انها والدته ، انها تطلب منه الكف عن اللعب ( اسمعها تقول مضيعة الوقت ) والحضور الى المنزل ، اعتقد انكم تعرفون ما اريد ان اقول لها الآن : اتركيه فانه لا يضيع الوقت ، انه يتعلم الحياة..