آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

مشاهدة تغذيات RSS

control

التجربة الفلندية | بقلم: أ.ضحوي منور الشمري

تقييم هذا المقال
أكدت المقارنات الدولية الزعم الفنلندي بأنها تمتلك أفضل نظام تعليمي في العالم، وأظهرت النتائج الأولية للدراسة التي أجراها البرنامج الدولي للتقييم الطلابي (بيسا) على طلبة من أربعين دولة في العالم أن فنلندا أتت على رأس الدول من حيث تدريس مادة الرياضيات والقراءة والعلوم بما فيها العلوم التطبيقية (التقنية والمهنية).


ِِوتجري (بيسا) دراستها كل ثلاث سنوات بين نظم التعليم في الدول المتقدمة منذ خمسة عشر عاماً، وتمولها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية للدول الأوروبية.


فلسفة التعليم في فنلندا هي إتاحة الفرصة لجميع الطلاب للمشاركة والتعلم. إنهم يشبهونها بالمشاركة في لعبة الهوكي. وإنهم لا يختارون لاعبي الهوكي المهرة فقط ليلعبوا؛ الجميع يجب أن يلعب، ثم بعد أن تتاح الفرصة للجميع، يعرفون من هو المتفوق والبارع. وهذا سيتيح الفرص للجميع بالتساوي وسيوسع شريحة المهرة، وأيضاً يعني أن تجعل كل أفراد المجتمع مهرة ! ويقارن أحد الكتاب الأمريكان فلسفة التعليم في فنلندا بما هو موجود في أمريكا، فيقول: «إن التعليم في فنلندا غاية في ذاته وليس وسيلة لسوق العمل ولا يحكمه سوق العمل. وهذا في حد ذاته أحد أهم ما يجب الالتفات إليه لمن يريد النمو والتطور».


المدارس في فنلندا غالبيتها مدارس صغيرة وليس عدد الطلاب قليلاً في الفصول مقارنة بالمدارس في الدول الأخرى. فالطلاب يصل معدل عددهم في الصف الواحد (30) طالباً.


بفنلندا لا تتجاوز عدد الساعات في التدريس (25) ساعة أسبوعياً ويعمل الطلاب ما مقداره (5) ساعات على الأشغال والواجبات المدرسية.


وللمدارس حرية اختيار المنهج وطرق التدريس وتدشين العملية التعليمية. هناك ثقة وحرية في الاختيار، وهناك جمعيات تتكون من الطلاب والمدرسين والمهتمين بالتعليم مما يجعل علاقة الطلاب بالمدرسين قريبة وشفافة وهذا يفعل ظاهرة البحث والتعلم والاستكشاف والمهارات الأكاديمية للطلاب. إنه جو من اللعب والتعلم بطرق جديدة ومبتكرة. ولقد تحولت المدارس إلى أماكن للتعلم والاهتمام العلمي بدلاً عن كونها مبانٍ للتدريس والتلقين والنجاح والرسوب وسوق العمل والوظيفة...!


مشكلتنا في العالم الثالث التعامل دائما مع قوالب ثابته لاتتغير، المنهج لا تخرج عن فحوى الكتاب من الجلدة للجلدة واختبارات موحدة للجميع دون مراعاة الفوارق الفردية للطالب وايضا المعلم ،،،،، نحتاج التركيز على المهارات لا المعارف وحفظ المعلومات بل التصرف بهذه المعلومات


في فنلندا يبدأ الطلاب الالتحاق بالمدرسة في سن السابعة من العمر، ويحضرون نصف يوم فقط، وتستمر هذه المدة ستة عشر عاماً في ما يسمى بمرحلة التعليم الأساسي الإلزامي. وهذه المرحلة تعتبر مرحلة دراسة واحدة على عكس التعليم الشائع في بريطانيا مثلاً، حيث ينتقل الطلاب في عمر أحد عشر عاماً إلى المرحلة المتوسطة وغالباً ما تكون مدرسة أخرى. في فنلندا، لا حاجة لأن ينتقل الطالب من مدرسته الابتدائية؛ فالطالب يبقى في مدرسته مع أساتذته وأقرانه والمجتمع المدرسي حتى سن السادسة عشرة التي يقررون ،وهم أكثر نضجاً حينها - وأهلهم إن كانوا يودون أن يواصلوا الدراسة في الاتجاه الأكاديمي العالي أو أن يتوجهوا للتخصص التقني والمهني،


في السنوات من سن7-12 عاماً يدرس الطلاب مدرساً واحداً لكل صف كل الموضوعات، أما بعد ذلك حتى نهاية التعليم العام، فيدرس الطلاب في فصول متعددة حيث يدرس كل مادة مدرس في فصل وينتقل الطلاب بين الفصول وبين المدرسين السنوات الست الأولى هي ما يهم في التعليم الفنلندي. إنها فترة بناء المعرفة والمهارات البسيطة والتعود على حياة التعلم لتعود عليهم بالفائدة في المراحل التي تليها. وهذا التعليم العام الإلزامي هو تعليم مجاني تماماً، الوجبات والكتب والأدوات القرطاسية مجانية في فترة التعليم الإلزامي.


وفي المرحلة الثانوية، على الطلاب أن يدفعوا ثمن الكتب والأدوات. وهم على ذلك يدخلون الجامعات مجاناً بلا رسوم، أن ينتقلوا إلى التعليم الثانوي وبوسع الطالب أن يتخرج منها. كما أن التعليم الثانوي ليس إجبارياً ولكن غالبية المتخرجين من التعليم العام يفضلونه.


لدى الطالب الفنلندي فترات عطل كثيرة وتصل مدة العطلة الصيفية إلى عشرة أسابيع، لكن هناك تأكيد على الجانب الأسري الذي رجع بآثار إيجابية على عملية التعليم وعلى الثقافة والمجتمع الفنلندي. الطالب يتعلم القراءة والكتابة من أهله أكثر مما يتعلمها من المدرسة، وهذا حفز الأهالي على المزيد من القراءة وحب الكتب والانشغال بها مع أبنائهم وأنفسهم. لقد أدى هذا بالآباء إلى زراعة حب الكتاب والقراءة لدى الطلاب وساعد في ذلك دور المكتبات العامة كثيراً. لقد أصبحت القراءة والتعلم في فنلندا فضيلة ومزية وأصبح الطلاب المراهقون يأملون في أن يتخرجوا ويلتحقوا بالتدريس. ولقد أحبوا التدريس والتعلم والتعليم كباراً وصغاراً.


المدرسون يختارون ما يريدون أن يتعلموا وكيف يعلمونه للطلاب. إنهم يجدون متعة في الاختيار ويستمتعون بالحرية في التعليم وكل ما في الأمر أنهم يحافظون ويتأكدون من سريان المعيار الحكومي على مناهجهم، إنهم يرفضون المنهج المكتوب وأصبحت نقابة المدرسين التي تتوسع يوماً بعد يوم حجر عثرة أمام أي توجه يسعى لتقنين المناهج وترسيمها وكتابتها.


يقوم المدرسون باختيار موضوع للدراسة، إنهم يفضلون العمق والشمولية ويفضلون التجريب العملي ويفتح المجال على مصراعيه للطلاب والمدرسين للتجريب والاستكشاف وجمع النتائج والبحث والاستعانة بالموسوعات الورقية والإلكترونية وكل السبل المعاصرة، ويخرج الطلاب والمدرسون بخبرة هم أنتجوها كاملة عن موضوع درسوه بكل متعة وعناية.


واكرر الشكر للدكتور هلال بن محمد العسكر الذي نقلت عنه المقال ويشغل عميد كلية التقنية بالرياض- السعودية
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
عامة , ‏ تربوية

التعليقات