آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

مشاهدة تغذيات RSS

control

لا تتعامل مع طلابك بأسلوب الوسم

تقييم هذا المقال
بعض الناس عنده طريقة خاصة في التعامل مع الآخرين من خلال التعرف عليهم بصفة واضحة أو من خلال إصدار حكم على شخصيات من يتعرفون عليهم أول مرة بصفة ما لتميزهم بها عن غيرهم، وكلنا نعمل ذلك فلا تتعبوا أنفسكم بالإنكار، فأنا لن أقصدكم في حديثي القادم، من سأقصده بحديثي هم الذين يصدرون حكماً نهائياً لا رجعة فيه، أو ما أسميه استخدام "أسلوب الوسم". والمشكلة الأولى مع هؤلاء أنه قد لا يهمهم إذا كانت تلك الصفة حسنة أو سيئة - وهم في استخدامهم للجانب السلبي أكثر ميلاً من الجانب الإيجابي - المهم في تلك الصفة أنها تثبت في أذهانهم حتى يسهل عليهم برمجة أنفسهم في تعاملهم مع الآخرين حسب الصفة التي تميزهم ، وستوجد في أذهانهم صورة أو لقطة ما أو ربما بطاقة اسم تخيلية للشخص الذي يتعرفون عليه للمرة الأولى يتم وضعها في أذهانهم وعليها كل ما يحتاجون لمعرفته حسب وجهة نظرهم عن هذا الشخص ويتم استخدام اللقاء الأولي في جمع تلك المعرفة وسيصدرون أحكام غير قابلة للنقض في تصورهم على الأقل بالإيجاب أو بالسلب وسيكون على ظهر البطاقة إن لم يكن أعلاها تلك الصفة التي وسم بها. مثلاً لنفرض أن أحد هؤلاء في مكان عمله ويتم تعريفه بإنسان جديد ولأول مرة يراه ، وهذا الإنسان صامت أثناء اللقاء أو قليل الكلام و شديد الهدوء أو ربما يبدو عليه ملامح الخمول الغريب ، أو قلة المبادرة في الحديث ، فوراً تبدأ العملية التلقائية التي تحدث في عقله الباطن ويحدث نفسه : "حسناً هذا كسول" وحتى لو ثبت له لاحقاً أن ذلك الشخص كان في وقت اللقاء الأول مريضاً أو يعاني من الخجل الشديد أو رهبة المواجهة فلن يغير -على الأغلب إن لم يكن أبداً- من ذهنه تلك الصورة التي انطبعت في ذهنه ولن يفصل صفة الكسل عن ذلك الإنسان مهما عمل ؛ نعم سيشعر بالتعاطف نحوه وسيحزن لظروفه حتى لو ثبت له - كما نقول بالحجة والبرهان - أنه قد يكون عكس تلك الصفة ، أو رآه يعمل بجد ، سيصعب عليه تغيير أو إزالة تلك الصفة ، سيقدر أنه قد بذل جهداً حقيقياً ، أو تحسن للأفضل ، ولكن تلك الصفة ستبقى في بطاقة الاسم، وستكون بكل تأكيد مسجلة بلون واضح غامق إن لم يكن بألوان النيون أو الفسفور المشعة فكلما تذكره يقول في نفسه : آآآه فلان ، ويكمل عقله الباطن الجملة بتذكيره "الكسلان" لأنه يستخدمها في الأساس للتعرف عليه وتذكره ، كلما احتاج لذلك سيستخدم الصفة ذاتها التي يحتاجها في التذكر "فلان الكسول". المشكلة الثانية أنه قد لا يعطي الآخرين فرصة في تعديل الصورة الأولية التي انطبعت في أذهانهم لأنه يتعاملون بمبدأ الوسم الذي يستخدمه ملاك القطعان من قديم الزمان حين يستخدمون النار والحديد في وضع الوسم الخاص بملكياتهم عليها، حيث يتم تحمية الميسم على النار الحامية حتى يسخن بشدة بحيث يترك أثر الوسم حرقاً لا جدال فيه، ويتم استخدامه في ترك العلامة التي لا يمكن إخفاؤها على مكان واضح يمكن رؤيته بسهوله وبحيث لا يمكن إزالته أبداً لقد تم الوسم وانتهي - لا تراجع - فأحدهم يفكر في اللاوعي " لقد تم الوصف والتصقت الصفة بك وانتهينا ".وستلتصق الصفة به من أول ميلاد المعرفة به إلى لحظة الممات.
ولعل المشكلة الأكبر في التعامل مع هؤلاء أن بعضهم يحتفظ بهذه الصفة وهذا الحكم لنفسه حتى لو أثر على سير للعمل وسلاسة التعامل معه ، السؤال الذي يخطر ببالك هو كيف تتعامل مع هؤلاء؟؟!! ، ماذا لو كان ذلك الشخص رئيسك في العمل ؟؟!! وكان وسمه لك بصفة سلبية واستخدم تلك الصفة في تعامله معك بطريقة لا تتناسب مع جو وبيئة العمل ؟؟!! وماذا لو كان هذا الشخص معلم الفصل واستخدمها مع طلابه؟؟!! تذكر لي طالبة في المرحلة الثانوية عن موقف تعرضت له في بداية السنة الدراسية في الصف التاسع مع إحدى المعلمات عند دخولها للصف في أول حصة دراسية ستعطيها لصفها وكانت أول كلمة توجهها معلمتها لها وأمام كل الطالبات بأن قالت:" أنااااا أعرررفج من الصف السادس ، إنت قلييييلة أدب " وردت عليها الطالبة أمام كل الطالبات وبنفس اللحظة : "بس أنا ما أعرفچ" ونظرت إليها المعلمة نظرة المرأة الحديدية لأتباعها ومن الأعلى للأسفل ثم نطقت بتلك الحكمة المتناهية :" بلا قلللللة أدب " لقد كان من سوء حظ الطالبة أنها معلمتها التي ستدرسها وابتدأت علاقتها بها بهذا الموقف الصدامي من بداية العام الدراسي ، رغم أنها ليست من معلمات المواد الأساسية . هذا الموقف مازال في ذاكرتها وربما تعلمت منه درساً ولكن ما جعلني أذكره هو مقدار الألم الذي تعرضت له الطالبة في تلك اللحظة المحرجة والتي أسعفها ذهنها بالرد السريع على المعلمة رغم صعوبة.
------------------
بقلم: أ. إقبال المطيري
موجهة فنية لمادة الرياضيات
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات