المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقرأ عن الطلاق وأحكامه



طيبة
08-15-2007, 01:43 PM
:(309):سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

متى تعتبر المرأة طالقا ؟ وما الحكمة من إباحة الطلاق ؟
الجواب : تعتبر المرأة طالقا إذا أوقع زوجها عليها الطلاق وهو عاقل مختار ليس به مانع من موانع وقوع الطلاق , كالجنون والسكر ونحو ذلك . وكانت المرأة طاهرة طهرا ليم يجامعها فيه , أو حاملا أو آيسة أما إن كانت المطلقة حائضا أو نفساء أو في طهر جامعها فيه وليست حبلى ولا أيسة فإنه لا يقع عليها الطلاق في أصح قولي العلماء إلا أن يحكم بوقوعه قاض شرعي . فإن حكم بوقوعه وقع . لأن حكم القاضي يرفع الخلاف في المسائل الإجتهادية . وهكذا إن كان الزوج مجنونا أو مكرها أو سكران ولو آثما في أصح قولي أهل العلم , أو قد اشتد به الغضب شدة تمنعه من التعقل لمضار الطلاق لأسباب واضحة يؤيد ما ادعاه من شدة الغضب مع تصديق المطلقة له في ذلك أو شهادة البينة المعتبرة بذلك , فإنه لا يقع طلاقه في هذه الصور لقول صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة الصغير حتى يبلغ , والنائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق ) ولقوله عزوجل : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) سورة النحل : 106 .. فإذا كان المكره على الكفر لا يكفر , إذا كان مطمئن القلب بالإيمان , فالمكره على الطلاق من باب أولى , إذا لم يحمله على الطلاق سوى الإكراه ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم . وقد فسر جمع من أهل العلم منهم الإمام أحمد رحمه الله , الإغلاق بالإكراه والغضب الشديد . وقد أفتى عثمان رضي الله عنه - الخليفة الراشد - وجمع من أهل العلم بعدم وقوع طلاق السكران الذي قد غير عقله السكر وإن كان آثما . أما الحكمة في إباحة الطلاق فهي من أوضح الواضحات . لأن الزوج قد لا تناسبه المرأة وقد يبغضها كثيرا لأسباب متعددة , كضعف العقل وضعف الدين وسوء الأدب ونحو ذلك . فجعل الله له فرجا في طلاقها وإخراجها من عصمته , حيث قال سبحانه : ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ) سورة النساء الآية 130


سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

إنني طلقت زوجتي ثلاث طلقات متفرقة , وأول طلقة في حالة سكر سخطا وغضبا , أما الطلقتين الأخيرتين نتيجة غضب شديد , علما بأن الحب موجود بيننا , هل لا رجعة لها أفيدونا جزاكم الله خيرا ؟

الجواب : أولا : هو ذكر أنه طلق زوجته ثلاثا , فالطلاق الأول يقول أنه في حالة سكر وغضب , والطلاق الثاني في حالة غضب شديد والطلاق الثالث في حالة غضب شديد أيضا . فيسأل هل تطلق زوجته , وأنا أناقشه : هل اعتبره طلاقا أم لا , هو نفسه اعتبره طلاقا أم لا , فطلاق السكران اختلف فيه العلماء فمنهم من قال : إنه لا يقع طلاقه لعدم العقل , ومنهم من قال : إنه يقع طلاقه عقوبة له , والقول الراجح أن طلاقه لا يقع لأنه غير عاقل , ولا يدري ما يقول , وأما العقوبة فإننا نعاقبه بالجلد , فمثلا نجلده أول مرة وإذا عاد المرة الثانية جلدناه , وإذا عاد المرة الثالثة جلدناه , وإذا عاد مرة رابعة قتلناه , لأنه قد صح الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من شرب فاجلدوه . ثم إن شرب فاجلدوه . ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه ) فأمر بقتله في الرابعة . وأختلف العلماء هل هذا منسوخ أو محكم فقيل إنه منسوخ وقيل إنه محكم , وقيل إنه محكم لكنه مقيد والصحيح أنه محكم لكنه مقيد بما ؟ إذا لم ينته الناس بدون قتل , فإذا لم ينته الناس بدون قتل , قتل في الرابعة , وأما إذا كان يمكن أن ينتهي الناس بدون قتل فإننا لا نقتله , وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية , والذين قالوا يقتل إذا جلد ثلاث مرات , يقتل ف يالرابعة مطلقا , هؤلاء أهل الظاهر كابن حزم , ومن كان تابعا أو سابقا عليه , والذين قالوا : إنه منسوخ هم جمهور أهل العلم , ولكن كما نعلم جميعا , النسخ لا يجوز القول به إلا بشرطين : 1 - عدم إمكان الجمع 2 - العلم بتأخر الناسخ , فإذا أمكن الجمع امتنع النسخ , لأنه متى امكن الجمع بين النصوص وجب القول بها جميعا , حتى لا نلغي بعضها , وإذا لم يعلم التاريخ وجب التوقف , لأنه ليس نسخ أحدهم بالآخر بأولى من العفو . الطلقة الثانية : يقول : إنه ف يحال غضب شديد والغضب له ثلاث مراحل : أولى , ووسطى , ونهاية .. أما الأولى : وهو الغضب اليسير الذي يعقل الإنسان فيه ما يقول ويملك نفسه هذا لا أثر له , بمعنى أن الغاضب كغير الغاضب في ترتيب أحكام نطقه عليه .. الحالة الثانية : غضب متوسط , هو لم يبلغ الغاية , لكنه لا يملك نفسه , كأن شيئا ضغط عليه حتى تلك بالطلاق . الحالة الثالثة : الغاية : غاضب حتى لا يدري ما يقول إطلاقا ولا يدري أهو في الأرض أو في السماء , وهذا يقع فيه بعض الناس يكون عصبيا غذا غضب لا يدري ما يقول ولا يملك نفسه ولا يدري نفسه أهو في الأرض أم في السماء ولا يدري هل الذي معه زوجته أو رجل من السوق , فهذه ثلاث مراتب . فالمرتبة الأولى : أن أحكان هذا الغضبان كغيره . لأن هذا غضب لا يؤاخذ . فالمرتبة النهائية : أجمع العلماء على أن نطق الغاضب لا حكم له فيها أنه لاغ , لأن هذا ما عنده شعور إطلاقا , فكلامه ككلام المجنون , والمرتبة الوسطى : الذي يتصور الإنسان ما يقول ويدري ما يقول , لكنه لم يكل نفسه . كأن شيئا غصبه على أن يتلفظ بالطلاق , هذا موضع خلاف بين العلماء والصحيح أن الطلاق لا يقع في هذه الحال , والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طلاق في إغلاق ) ولأن الرجل لو أكره على الطلاق فطلق تبعا للإكراه فإن طلاقه لا يقع وهذا نوع من الإكراه . لكنه إكراه بأمر باطن يجب أن يظاهر




يتبع................

طيبة
08-15-2007, 01:45 PM
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء

ما حكم الطلقة الواحدة وبلفظ واحد محددة بزمن معين كأن يقول الرجل لزوجته : أنت طالق لمدة شهر هل يقع هذا الطلاق وهل عليه إثم إن هو عاشرها قبل انقضاء الشهر مع العلم أنها لم تخرج من بيت زوجها في تلك الفترة ؟

الجواب : نعم يقع الطلاق ويكون طلقة واحدة رجعية يعني له أن يراجعها مادامت في العدة والطلاق لا يتحدد بوقت كأن يقول مثلا : أنت طالق لشهر أو إلى سنة الطلاق إذا صدر فإنه لا يتحدد لوقت ينتهي بانتهائه ولكنه إذا كان دون الثلاث ولم يكن بعوض فإنه يجوز له أن يراجعها مادامت في العدة




وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين

رجل غاب عن زوجته مدة طويلة , وقد طلقها بينه وبين نفسه , ولم يخبرها بذلك فهل يقع الطلاق ؟

الجواب : الطلاق يقع وإن لم يبلغ الزوجة فإذا تلفظ الإنسان بالطلاق وقال طلقت زوجتي . طلقت الزوجة سواء علمت بذلك أم لم تعلم , ولهذا لو فرض أن هذه الزوجة لم تعلم بهذا الطلاق إلا بعد أن حاضت ثلاث مرات فإن عدتها تكون قد انقضت مع أنها ما علمت , وكذلك لو أن أن رجلا توفي ولم تعلم زوجته بوفاته إلا بعد مضي العدة فإنه لا عدة عليها حينئذ لانتهاء عدتها بانتهاء المدة



سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

ماهي أسباب الطلاق من وجهة نظر سماحتكم ؟

الجوا ب : للطلاق أسباب كثيرة منها : عدم الوئام بين الزوجين بألا تحصل محبة من أحدهما للآخر , أو من كل منهما . ومنها سوء خلق المرأة , أو عدم السمع والطاعة لزوجها في المعروف ومنها سوء خلق الزوج وظلمه للمرأة وعدم إنصافه لها . ومنها عجزه عن القيام بحقوقها أو عجزها عن القيام بحقوقه . ومنها وقوع المعاصي من أحدهما أو من كل واحد منهما , فتسوء الحال بينهما بسبب ذلك . حتى تكون النتيجة الطلاق . ومن ذلك تعاطي الزوج المسكرات أو التدخين , أو تعاطي المرأة ذلك . ومنها سوء الحال بين المرأة ووالدي الزوج أو أحدهما . ومنها عدم عناية المرأة بالنظافة والتصنع للزوج باللباس الحسن والرائحة الطيبة والكلام الطيب والبشاشة الحسنة عند اللقاء والاجتماع
كل الناس أفقه من عمر
عن مسروق بن الأجدع قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء ؟ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الاكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها، فلا عرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم . قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم ؟ قال: نعم . فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن ؟ قال: وأي ذلك ؟ فقالت: أما سمعت الله يقول: وآتيتم إحداهن قنطارا ؟ قال: فقال اللهم غفرا، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله - أو - فمن طابت نفسه فليفعل .
أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير، وسعيد بن منصور في سننه، والمحاملي في
باب سنة الطلاق و بدعته و السنة في الطلاق أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه ثم يدعها حتى تنقضي عدتها يعني طلاق السنة الطلاق الذي وافق أمر الله سبحانه و تعالى و أمر رسوله صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) و في حديث عبد الله بن عمر الذي ذكرناه و لا خلاف في أنه إذا طلقها في طهر لم يصبها فيه واحدة ثم تركها حتى تنقضي عدتها أنه مصيب للسنة مطلق للعدة التي أمر الله بها قاله ابن عبد الله و ابن المنذر قال ابن مسعود طلاق السنة أن يطلقها من جماع ، و قال في قوله تعالى ( فطلقوهن لعدتهن ) قال طاهرا من جماع و نحوه عن ابن عباس ، و في حديث ابن عمر الذي رويناه " ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثمم ان شاء أمسك و ان شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " و قوله ثم يدعها حتى تنقضي عدتها فمعناه أن لا يتبعها طلاقا آخر قبل انقضاء عدتها ، و لو طلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار كان حكم ذلك حكم جميع الثلاث في طهر واحد .

قال احمد طلاق السنة واحدة ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض و بذلك قال مالك و الاوزاعي و الشافعي و أبو عبيد ، و قال أبو حنيفة و الثوري السنة أن يطلقها ثلاثا في كل قرء طلقة و هو قول سائر
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " مره أن يراجعها فإذا طهرت مسها حتى إذا طهرت أخرى فان شاء طلقها و إن شاء أمسكها " رواه ابن عبد الله ، و منها أنه عوقب على إيقاعه في الوقت المحرم بمنعه منه في الوقت الذي يباح له و ذكره هذا فان طلقها في الطهر الذي يلي الحيضة قبل أن يمسها فهو طلاق سنة و قال أصحاب مالك لا يطلقها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر على ما جاء في الحديث و لنا قوله تعالى ( فطلقوهن لعدتهن ) و هذا مطلق للعدة فيدخل و قد روى يونس بن جبير و سعيد بن جبير و ابن سيرين و زيد بن أسلم و أبو الزبير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم ان شاء طلق و ان شاء أمسك و لم يذكروا تلك الزيادة و هو حديث صحيح متفق عليه و لانه طهر لم يمسها فيه فأشبه الطهر الثاني و حديثهم محمول على الاستحباب ( مسألة ) و ان طلقها ثلاثا في طهر لم يصبها فيه كره و في تحريمه روايتان ) اختلفت الرواية عن أحمد في جمع الثلاث فروي عنه أنه محرم اختارها الخرقي و هو مذهب الشافعي و أبي ثور و داود و روي ذلك عن الحسن بن علي و عبد الرحمن بن عوف و الشعبي لان عويمر العجلاني لما لاعن إمرأته قال كذبت عليها يا رسول الله ان أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمرهرسول الله صلى الله عليه و سلم متفق عليه و لم ينقل إنكار النبي صلى الله عليه و سلم عليه و عن عائشة أن إمرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله ان رفاعة طلقني فبت طلاقي متفق عليه و في حديث فاطمة بنت قيس ان زوجها أرسل إليها و لانه طلاق جاز تفريقه فجاز جمعه كطلاق النساء ( و الرواية الثانية ) ان جمع الثلاث محرم و هو طلاق بدعة اختارها أبو بكر و أبو حفص روي ذلك عن عمر و علي و ابن مسعود و ابن عباس و ابن عمر و هو قول مالك و أبي حنيفة قال علي لا يطلق احد للسنة فيندم و في رواية قال يطلقها واحدة ثم يدعها ما بينها و بين ان تحيض ثلاث حيض فمتى شاء راجعها ، و عن عمر انه كان إذا اتي برجل طلق ثلاثا أوجعه ضربا ، و عن مالك بن الحارث قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال ان ابن عمي طلق إمرأته ثلاثا فقال ان ابن عمك عصى الله و أطاع الشيطان فلم يجعل الله له مخرجا .

و وجه ذلك قول الله تعالى ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) إلى قوله ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا ) ثم قال بعد ذلك ( و من يتق الله يجعل له مخرجا - و من يتق الله يجعل له من امره يسرا ) ورى النسائي باسناده عن محمود بن لبيد قال أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن رجل طلق إمرأته






(258)

ثلاث تطليقات جميعا فغضب قال " ا يلعب بكتاب الله عز و جل و انا بين أظهركم ؟ " حتى قام رجل فقال يا رسول الله ألا أقتله و في حديث ابن عمر قال قلت يا رسول الله لو طلقتها ثلاثا قال " إذا عصيت ربك و بانت منك إمرأتك " و روى الدارقطني باسناده عن علي قال سمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلا طلق البتة فغضب و قال " يتخذون آيات الله هزوا و لعبا من طلق البتة ألزمناه ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره " و لانه تحريم للبضع بقول الزوج من حاجة فحرم كالظهار بل هذا أولى لان الظهار يرفع تحريمه بالتكفير و هذا لا سبيل للزوج إلى دفعه بحال و لانه ضرر و إضرار بنفسه و بامرأته من حاجة فيدخل في عموم النهي و ربما كان وسيلة إلى عوده إليها حراما أو بحيلة لا تزيل التحريم ، و وقوع الندم خسارة الدنيا و الآخرة فكان أولى بالتحريم من الطلاق في الحيض الذي ضرره بقاؤها في العدة أياما يسيرة و الطلاق في طهر مسها فيه الذي ضرره احتمال الندم بظهور الحمل فان ضرر جمع الثلاث يتضاعف على ذلك أضعافا كثيرة فالتحريم ثم تنبيه على التحريم ههنا و لانه قول من سمينا من الصحابة رواه الاثرم و غيره و لم يصح عندنا في عصرهم خلاف قولهم فيكون ذلك إجماعا ، فأما حديث المتلاعنين فغير لازم فان الفرقة لم تقع بالطلاق فانها وقعت بمجرد لعانهما و عند الشافعي بمجرد لعان الزوج فلا حجة فيه ثم إن اللعان يوجب تحريما مؤبدا فالطلاق بعده

تفسير الآية رقم 1 من سورة الطلاق
من كتاب تفسير ابن كثير
قال الله تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
خوطب النبي صلى الله عليه وسلم أولا تشريفا وتكريما ثم خاطب الأمة تبعا فقال تعالى : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن ثواب بن سعيد الهباري حدثنا أسباط بن محمد عن سعيد عن قتادة عن أنس قال طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعالى : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } فقيل له : راجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك ونسائك في الجنة ورواه ابن جرير عن ابن بشار عن عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة فذكره مرسلا وقد ورد من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها
وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني سالم أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأة له وهي حائض فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : [ ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر بها الله تعالى ] هكذا رواه البخاري ههنا وقد رواه في مواضع من كتابه ومسلم ولفظه [ فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ] ورواه أصحاب الكتب والمسانيد من طرق متعددة وألفاظ كثيرة وموضع استقصائها كتب الأحكام وأمس لفظ يورد ههنا ما رواه مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع : كيف ترى في الرجل طلق امرأته حائضا ؟ فقال : طلق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ليراجعها ـ فردها وقال ـ إذا طهرت فليطلق أو يمسك ]
قال ابن عمر : وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } وقال الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله في قوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } قال : الطهر من غير جماع وروي عن ابن عمر وعطاء ومجاهد والحسن وابن سيرين وقتادة وميمون بن مهران ومقاتل بن حيان مثل ذلك وهو رواية عن عكرمة والضحاك وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } قال : لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة وقال عكرمة { فطلقوهن لعدتهن } العدة الطهر والقرء الحيضة أن يطلقها حبلى مستبينا حملها ولا يطلقها وقد طاف عليها ولا يدري حبلى هي أم لا ومن ههنا أخذ الفقهاء أحكام الطلاق وقسموه إلى طلاق سنة وطلاق بدعة فطلاق السنة أن يطلقها طاهرة من غير جماع او حاملا قد استبان حملها والبدعة هو أن يطلقها في حال الحيض أو في طهر قد جامعها فيه ولا يدري أحملت أم لا وطلاق ثالث لا سنة فيه ولا بدعة وهو طلاق الصغيرة والايسة وغير المدخول بها وتحرير الكلام في ذلك وما يتعلق به مستقصى في كتب الفروع والله سبحانه وتعالى أعلم
وقوله تعالى : { وأحصوا العدة } أي احفظوها واعرفوا ابتداءها وانتهاءها لئلا تطول العدة على المرأة فتمنع من الأزواج { واتقوا الله ربكم } أي في ذلك وقوله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن } أي في مدة العدة لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه فليس للرجل أن يخرجها ولا يجوز لها أيضا الخروج لأنها معتقلة لحق الزوج أيضا وقوله تعالى : { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } أي لا يخرجن من بيوتهن إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة فتخرج من المنزل والفاحشة المبينة تشمل الزنا كما قاله ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والحسن وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وأبو قلابة وأبو صالح والضحاك وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني والسدي وسعيد بن أبي هلال وغيرهم وتشمل ما إذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال كما قاله أبي بن كعب وابن عباس وعكرمة وغيرهم وقوله تعالى : { وتلك حدود الله } أي شرائعه ومحارمه { ومن يتعد حدود الله } أي يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها { فقد ظلم نفسه } أي بفعل ذلك
وقوله تعالى : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } أي إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله تعالى في قلبه رجعتها فيكون ذلك أيسر وأسهل قال الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن فاطمة بنت قيس في قوله تعالى : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } قالت : هي الرجعة وكذا قال الشعبي وعطاء وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والثوري ومن ههنا ذهب من ذهب من السلف ومن تابعهم كالإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى إلى أنه لا تجب السكنى للمبتوتة أي المقطوعة وكذا المتوفى عنها زوجها واعتمدوا أيضا على حديث فاطمة بنت قيس الفهرية حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص آخر ثلاث تطليقات وكان غائبا عنها باليمن فأرسل إليها بذلك فأرسل إليها وكيله بشعير يعني نفقة فتسخطته فقال : والله ليس لك علينا نفقة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ ليس لك عليه نفقة ] ولمسلم [ ولا سكنى ] وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال : [ تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك ] الحديث
وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر فقال : حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا مجالد حدثنا عامر قال : قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس فحدثتني أن زوجها طلقها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية قالت : فقال لي أخوه : اخرجي من الدار فقلت : إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل قال : لا قالت : فأتيت رسول الله فقلت : إن فلانا طلقني وإن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة فقال له : [ مالك ولابنة آل قيس ؟ ] قال : يا رسول الله إن أخي طلقها ثلاثا جميعا قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ انظري يا بنت آل قيس إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى اخرجي فانزلي على فلانة ] ثم قال إنه يتحدث إليها [ انزلي على ابن أم مكتوم فإنه أعمى لا يراك ] وذكر تمام الحديث
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن عبد الله البزار التستري حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف حدثنا بكر بن بكار حدثنا سعيد بن يزيد البجلي حدثنا عامر الشعبي أنه دخل على فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس القرشي وزوجها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي فقالت : إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي وهو منطلق في جيش إلى اليمن بطلاقي فسألت أولياءه النفقة علي والسكنى فقالوا ما أرسل إلينا في ذلك شيئا ولا أوصانا به فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي بطلاقي فسألت أولياء السكنى والنفقة علي فقال أولياؤه لم يرسل إلينا في ذلك بشيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إنما السكنى والنفقة للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة فإذا كانت لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فلا نفقة لها ولا سكنى ] وكذا رواه النسائي عن أحمد بن يحيى الصوفي عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن سعيد بن يزيد وهو الأحمسي البجلي الكوفي قال أبو حاتم الرازي : وهو شيخ يروى عنه
كتاب تفسير ابن كثير الجزء رقم 4 الصفحة رقم 484

: روى الدارقطني من حديث عبد الرزاق أخبرني عمي وهب بن نافع قال سمعت عكرمة يحدث عن ابن عباس يقول : الطلاق أربعة وجوه : وجهان حلالان ووجهان حرامان فأما الحلال فأن الحلال فأن يطلقها طاهرا عن غير جماع وأن يطلقها حاملا مستبينا حملها وأما الحرام فأن يطلقها وهي حائض أو يطلقها حين يجامعها ولا تدري اشتمل الرحم على ولد أم لا
تفسير الآية رقم 1 من سورة الطلاق
من كتاب تفسير القرطبي
قال الله تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
سورة الطلاق
سورة الطلاق
مدنية في قول الجميع وهي إحدى عشر آية أ اثنتا عشرة آية
فيه أربع عشرة مسألة : الأولى - : قوله تعالى : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خوطب بلفظ الجماعة تعظيما وتفخيما وفي سنن ابن ماجه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب : [ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة رضي الله عنها ثم راجعها ] وروى قتادة عن أنس قال : [ طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة رضي الله عنها فأتت أهلها فأنزل الله تعالى عليه : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } وقيل له : راجعها فإنها قوامة صوامة وهي من أزواجك في الجنة ] ذكره الماوردي و القشيري و الثعلبي زاد القيشري : ونزل في خروجها إلى أهلها قوله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن } وقال الكلبي : سبب نزول هذه الآية غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفصة لما أسر إليها حديثا فأظهرته لعائشة فطلقها تطليقة فنزلت الآية وقال السدي : نزلت في عبد الله بن عمر طلق امرأته حائضا تطليقة واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يراجعها ثم يمسكها حتى تظهر وتحيض ثم تطهر فإذا أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء وقد قيل : إن رجالا فعلوا مثل ما فعل عبد الله بن عمر منهم عبد الله بن عمرو بن العاص وعمرو بن سعيد بن العاص وعتبة بن غزوان فنزلت الآية فيهم قال ابن العربي : وهذا كله وإن لم يكن صحيحا فالقول الأول أمثل والأصح فيه أنه بيان لشرع مبتدأ وقد قيل : إنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته وغاير بين اللفظيين من حاضر وغائب وذلك لغة فصيحة كما قال : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة } يونس : 22 تقديره : يأيها النبي قل لهم إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن
وهذا هو قولهم : إن الخطاب له وحده والمعنى له وللمؤمنين وإذا أراد الله بالخطاب المؤمنين لاطفه بقوله : يأيها النبي فإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعا له قال : يأيها الرسول
قلت : ويدل على صحة هذا القول نزول العدة في أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية ففي كتاب أبي داود عنها أنها طلقت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن للمطلقة عدة فأنزل الله تعالى حين طلقت أسماء بالعدة للطلاق فكانت أول من أنزل فيها العدة للطلاق وقيل : المراد به نداء النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما ثم ابتداء فقال : { إذا طلقتم النساء } كقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام } المائدة : 90 الآية فذكر المؤمنين على معنى تقديمهم وتكريمهم ثم افتتح فقال : { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام } المائدة : 90 الآية
الثانية - : روى الثعلبي من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن من أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق ] وعن علي : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش ] وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا تطلقوا النساء إلا من ريبة فإن الله تعالى لا يحب الذواقين ولا الذواقات وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] ما حلف بالطلاق ولا استحلف به إلا منافق [ أسنا جميعه الثعلبي رحمه الله في كتابه وروى الدارقطني قال : حدثنا أبو العباس محمد بن موسى بن علي الدولابي ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن حميد بن مالك اللخمي عن مكحول عن معاذ بن جبل قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] يا معاذ ما خلق الله شيئا على وجه الأرض أحب إليه من العتاق ولا خلق الله شيئا على وجه الأرض أبغض من الطلاق فإذا قال الرجل لمملوكه أنت حر إن شاء الله فهو حر ولا استثناء له وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله فله استثناؤه ولا طلاق عليه [ حدثنا محمد بن موسى بن علي قال : حدثنا حميد بن الربيع قال حدثنا يزيد بن هارون حدثنا إسماعيل بن عياش بإسناده نحوه قال حميد : قال لي يزيد : سررتني سررتني ! الآن صار حديثا حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين حدثنا عمر بن إبراهيم بن خالد حدثنا حميد بن مالك اللخمي حدثنا مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق فمن طلق واستثنى فله ثنياه [ قال ابن المنذر : اختلفوا في الاستثناء في الطلاق والعتق فقالت طائفة : ذلك جائر وروينا هذا القول عن طاوس وبه قال حماد الكوفي و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي ولا
يجوز الاستثناء في الطلاق في قول مالك و الأوزاعي وهكذا قول قتادة في الطلاق خاصة قال ابن المنذر : وبالقول الأول أقول
الثالثة - : روى الدارقطني من حديث عبد الرزاق أخبرني عمي وهب بن نافع قال سمعت عكرمة يحدث عن ابن عباس يقول : الطلاق أربعة وجوه : وجهان حلالان ووجهان حرامان فأما الحلال فأن الحلال فأن يطلقها طاهرا عن غير جماع وأن يطلقها حاملا مستبينا حملها وأما الحرام فأن يطلقها وهي حائض أو يطلقها حين يجامعها ولا تدري اشتمل الرحم على ولد أم لا
الرابعة - : قوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } في كتاب أبي داود عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية أنها طلقت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن للمطلقة عدة فأنزل الله سبحانه حين طلقت أسماء بالعدة للطلاق فكانت أول من أنزل فيها العدة للطلاق وقد تقدم
الخامسة - : قوله تعالى : { لعدتهن } يقتضي أنهن اللاتي دخلن بهن من الأزواج لأن غير المدخول بهن خرجن بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } الأحزاب : 49
السادسة - : من طلق في طهر لم يجامع فيه نفذ طلاقه وأصاب السنة وإن طلقها حائضا نفذ طلاقه وأخطأ السنة وقال سعيد بن المسيب في أخرى : لا يقع الطلاق في الحيض لأنه خلاف السنة وإليه ذهبت الشيع وفي الصحيحين - واللفظ للدارقطني - : عن عبد الله بن عمر قال : طلقت امرأتي وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ] ليراجعها ثم ليمسكها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها فإن بدا له أن يطلقها فيطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله [ وكان عبد الله بن عمر طلقها تطليقة فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله بن عمر كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هي واحدة وهذا نص وهو يرد على الشيعة قولهم
السابعة - : عن عبد الله بن مسعود قال : طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر تطليقة فإن كان آخر ذلك فتلك العدة التي أمر الله تعالى بها رواه الدارقطني عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال علماؤنا : طلاق السنة ما جمع شروطا سبعة : وهو أن يطلقها واحدة وهي ممن تحيض طاهرا لم يمسها في ذلك الطهر ولا تقدمه طلاق في حيض ولا تبعه طلاق في طهر يتلوه وخلا عن العوض وهذه الشروط السبعة من حديث ابن عمر المتقدم وقال الشافعي : طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر خاصة ولو طلقها ثلاثا في طهر لم يكن بدعة وقال أبو حنيفة : طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر طلقة وقال الشعبي يجوز أن يطلقها في طهر جامعها فيه فعلماؤنا قالوا : يطلقها واحدة في طهر لم يمس فيه ولا تبعه طلاق في عدة ولا يكون الطهر تاليا لحيض وقع فيه الطلاق
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ] مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء [ وتعلق الإمام الشافعي بظاهر قوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } وهذا عام في كل طلاق كان واحدة أو اثنين أو أكثر وإنما راعى الله سبحانه الزمان في هذه الآية ولم يعتبر العدد وكذلك حديث ابن عمر لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الوقت لا العدد قال ابن العربي : وهذه غفلة عن الحديث الصحيح فإنه قال : مره فليراجعها وهذا يدفع الثلاث وفي الحديث أنه قال : أرأيت لو طلقها ثلاثا ؟ قال حرمت عليك وبانت منك بمعصية وقال أبو حنيفة : ظاهر الآية يدل على أن الطلاق الثلاث والواحدة سواء وهو مذهب الشافعي لولا قوله بعد ذلك : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } وهذا يبطل دخول الثلاث تحت الآية وكذلك قال أكثر العلماء وهو بديع لهم وأما مالك فلم يخف عليه إطلاق الآية كما قالوا ولكن الحديث فسرها كما قلنا وأما قول الشعبي : إنه يجوز طلاق في طهر جامعها فيه فيرده حديث ابن عمر بنصه ومعناه أما نصه فقد قدمناه وأما معنها فلأنه إذا منع من طلاق الحائض لعدم الاعتداء به فالطهر المجامع فيه أولى بالمنع لأن يسقط الاعتداد به مخالفة شغل الرحم وبالحيض التالي له
قلت : وقد احتج الشافعي في طلاق الثلاث بكلمة واحدة بما رواه الدارقطني عن سلمة بن أبي بن عبد الرحمن عن أبيه أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته تماضر بنت الأصبغ الكلبية وهي أم أبي سلمة ثلاث تطليقات في كلمة واحدة فلم يبلغنا أن أحدا من أصحابه
عاب ذلك قال : وحدثنا سلمة بن أبي سلمة عن أبيه أن حفص بن المغيرة طلق امرأته فاطمة بنت قيس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تطليقات في كلمة فأبانها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عاب ذلك عله واحتج أيضا بحديث عويمر العجلاني لما لا عن قال : يا رسول الله هي طالق ثلاث فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد انفصل علماؤنا عن هذا أحسن انفصال بيانه في غير هذا الموضع وقد ذكرناه في كتاب المقتبس من شرح موطأ مالك بن أنس وعن سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين أن من خالف السنة في الطلاق فأوقعه في حيض أوثلاث لم يقع وشبهوه بمن وكل بطلاق السنة فخالف
الثامنة - : قال الجرجاني : اللام في قوله { لعدتهن } بمعنى في كقوله تعالى : { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر } الحشر : 2 أي في أول الحشر فقوله : { لعدتهن } أي في عدتهن أي في الزمان الذي يصلح لعدتهن وحصل الإجماع على أن الطلاق في الحيض ممنوع وفي الطهر مأذون فيه ففيه دليل على أن القرء هو الطهر وقد مضى القول فيه في البقرة فإن قيل : معنى { فطلقوهن لعدتهن } أي في قبل عدتهن أو لقبل عدتهن وهي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن عمر في صحيح مسلم وغيره فقبل العدة آخر الطهر حتى يكون القرء الحيض قيل له : هذه هو الدليل الواضح لمالك ومن قاله بقوله على أن الأقراء هي الأطهار ولو كان كما قال الحنفي ومن تبعه لوجب أن يقال : إن من طلق في أول الطهر لا يكون مطلقا لقبل الحيض لأن الحيض لم يقبل بعد وأيضا إقبال الحيض يكون بدخول الحيض وبانقضاء الطهر لا يتحقق إقبال الحيض ولو كان إقبال الحيض يكون ضده لكان الصائم مفطرا قبل مغيب الشمس إذ الليل يكون مقبلا في إدبار النهار قبل انقضاء النهار ثم إذا طلق في آخر الطهر قرء ولأن بعض القرء يسمى قرءا لقوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } البقرة : 197 يعني شوالا وذا القعدة وبعض ذي الحجة لقوله تعالى : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } البقرة : 203 وهو ينفر في بعض اليوم الثاني وقد مضى هذه كله في البقرة مستوفى
التاسعة - : قوله تعالى : { وأحصوا العدة } يعنى في المدخول بها لأن عبر المدخول بها لا عدة عليها وله أن يراجعها فيما دون الثلاث قبل انقضاء العدة ويكون بعدها كأحد الخطاب ولا تحل له في الثلاث إلا بعد زوج
العاشرة - : قوله تعالى : { وأحصوا العدة } معناه احفظوها أي احفظوا الوقت الذي وقع فيه الطلاق حتى إذا انفصل المشروط منه وهو الثلاثة قروء قوله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } البقرة : 228 حلت للأزواج وهذا يدل على أن العدة هي الأطهار وليس بالحيض ويؤكده ويفسره قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لقبل عدتهن وقبل الشيء بعضه لغة وحقيقة بخلاف استقباله فإنه يكون غيره
الحادية عشرة - : من المخاطب بأمر الإحصاء ؟ وفيه ثلاث أقوال : أحدها - أنهم الأزواج الثاني - أنهم الزوجات الثالث - أنهم المسلمون ابن العربي : والصحيح أن المخاطب بهذا اللفظ الأزواج لأن الضمائر كلها من طلقتم وأحصوا ولا تخرجوهن على نظام واحد يرجع إلى الأزواج ولكن الزوجات داخلة فيه الإلحاق الزوج يحصي ليراجع وينفق أو يقطع وليسكن أو يخرج وليلحق نسبه أو يقطع وهذه كلها أمور مشتركة بينه وبين المرأة وتنفرد المرأة دونه بغير ذلك وكذلك الحاكم يفتقر إلى الإحصاء للعدة للفتوى عليها وفصل الخصومة عند المنازعة فيها وهذه فوائد الإحصاء المأمور به
الثانية عشرة - : قوله تعالى : { واتقوا الله ربكم } أي لا تعصوه { لا تخرجوهن من بيوتهن } أي ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة ولا يجوز لها الخروج أيضا لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة والرجعية والمبتوتة في هذا سواء وهذا لصيانة ماء الرجل وهذا معنى إضافة البيوت إليهن كقوله تعالى : { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } الأحزاب : 34 ، وقوله تعالى : { وقرن في بيوتكن } الأحزاب : 33 فهو إضافة إسكان وليس إضافة تمليك وقوله : لا تخرجوهن يقتضي أن يكون حقا في الأزواج ويقتضي قوله { ولا يخرجن } أنه حق على الزوجات وفي صحيح الحديث : ] عن جابر بن عبد الله قال : طلقت خالتي فأردت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا خرجه مسلم ففي هذا الحديث دليل لمالك و الشافعي و ابن حنبل و الليث على قولهم : إن المعتدة تخرج بالنهار في حوائجها وإنما تلزم منزلها بالليل
وسواء عند مالك كانت رجعية أو بائنة وقال الشافعي في الرجعية : لا تخرج ليلا ولا نهارا وإنما تخرج نهار المبتوتة وقال أبو حنيفة : ذلك المتوفى عنها زوجها وأما المطلقة فلا تخرج لا ليلا ولا نهار والحديث يرد عليه وفي الصحيحين : أن أبا حفص بن عمرو خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمين فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فقالا لها : والله ما لك من نفقة إلا أن تكوني حاملا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له قولهما فقال : لا نفقة لك فاستأذنته في الانتقال فأذن لها فقالت : أين يا رسول الله ؟ فقال : إلى ابن أم مكتوم وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها فلما مضت عدتها أنكحها النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فأرسل إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث فحدثته فقال مروان : لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان : فبيني وبينكم القرآن قال الله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن } الآية قالت : هذا لمن كانت له رجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث ؟ فكيف تقولون : لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا فعلام تحسبونها ؟ لفظ مسلم فبين أن الآية في تحريم الإخراج والخروج إنما هو في الرجعية وكذلك استدلت فاطمة بأن الآية التي تليها إنما تضمنت النهي عن خروج المطلقة الرجعية لأنها بصدد أن يحدث لمطلقها رأي في ارتجاعها ما دامت في عدتها فكأنها تحت تصرف الزوج في كل وقت وأما البائن فليس له شئ من ذلك فيجوز لها أن تخرج إذا دعتها إلى ذلك حاجة أو خافت عورة منزلها كما أباح لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأمرها فتحولت وفي البخاري عن عائشة أنها كانت في مكان وحش فخفيف على ناحيتها فلذلك أرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها وهذا كله يرد على الكوفي قوله وفي حديث فاطمة : أن زوجها أرسل إليها بتطليقة كانت بقيت من طلاقها فهو حجة لمالك وحجة على الشافعي وهو أصح من حديث سلمة بن أبي سلمة عن أبيه أن حفص بن المغيرة طلق امرأته ثلاث تطليقات في كلمة على ما تقدم
الثالثة عشرة - : قوله تعالى : { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال ابن عباس وابن عمر والحسن والشعبي ومجاهد هو الزني فتخرج ويقام عليها الحد وعن ابن عباس أيضا و الشافعي : أنه البذاء على أحمائها فيحل لهم إخراجها وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال في فاطمة : تلك امرأة استطاعت على أحمائها بلسانها فأمرها عليه السلام أن تنتقل وفي كتاب أبي داود قال سعيد : تلك امرأة فتنت الناس إنها كانت لسنة فوضعت على يدي ابن أم مكتوم الأعمى قال عكرمة : في مصحف أبي إلا أن يفحش عليكم ويقوى هذا أن محمد بن إبراهيم بن الحارث روى عن عائشة قالت لفاطمة بنت قيس : اتقي الله فإنك تعلمين لم أخرجت ؟ وعن ابن عباس أيضا : الفاحشة كل معصية كالزنى والسرقة والبذاء على الأهل وهو اختيار الطبري وعن ابن عمر أيضا والسدي : الفاحشة خروجها من بيتها في العدة وتقدير الآية : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة بخروجهن من بيوتهن بغير الحق أي لو خرجت كانت عاصية وقال قتادة : الفاحشة النشوز وذلك أن يطلقها على النشوز فتتحول عن بيته قال ابن العربي : أما من قال إنه الخروج للزنى فلا وجه له لن ذلك الخروج هو خروج القتل والإعدام وليس ذلك بمستثنى في حلال ولا حرام وأما من قال : إنه البذاء فهو مفسر في حديث فاطمة بنت قيس وأما من قال : إنه كل معصية فوهم لأن الغيبة ونحوها من المعاصي لا تبيح الإخراج ولا الخروج وأما من قال : إنه الخروج بغير حق فهو صحيح وتقدير الكلام : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن شرعا إلا أن تعديا
الرابعة عشرة - : قوله تعالى : { وتلك حدود الله } أي هذه الأحكام التي بينها أحكام الله على العباد وقد منع التجاوز عنها فمن تجاوز فق أظلم نفسه وأوردها مورد الهلاك { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } الأمر الذي يحدثه الله أن يقلب قلبه من بعضها إلى محبتها ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها وقال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرغبة في الرجعة ومعنى القول : التحريض على طلاق الواحدة والنهي عن الثلاث فإنه إذ طلق ثلاثا أضر بنفسه عند الندم على الفراق والرغبة في الارتجاع فلا يجد عند الرجعة سبيلا وقال مقاتل : بعد ذلك أي بعد طلقة أو طلقتين أمرا أي المراجعة من غير خلاف
كتاب تفسير القرطبي الجزء رقم 18 الصفحة رقم 132

كويتية
08-15-2007, 09:46 PM
جزاااااااااااااااك الله كل خيرررررررررر