moalma
08-03-2007, 02:09 AM
مصائد الشباب نحو التطرف .بقلم :
الشيخ د/ سعد بن عبد الله البريك
1 ـــ الجهل وضعف البصيرة بحقيقة هذا الدين، وقلة البضاعة في فقهه وفهم مقاصده .
فإذا لم يتحصن الشخص بالعلم الصحيح ، فقد يجره المتطرفون إلى الوقوع في التطرف . قال الشاطبي رحمه الله : البدع لا تقع من راسخ في العلم وإنما تقع ممن لم يبلغ مبلغ أهل الشريعة المتصرفين في أدلتها .
2 ــ إسقاط العلماء الربانيين الراسخين المعروفين في العلم وإتقان علوم الكتاب والسنّة الذين لهم نظرٌ ثاقبٌ في مقاصد الشريعة الإسلامية , وبصيرةٌ ربانيةٌ يميزون بها بين المصالح والمفاسد .
فالمتطرفون - حتى يُلَبِّسوا على العامة ويروِّجوا لأفكارهم المنحرفة - أوّلُ ما يفعلونه هو الطعنُ في الأئمة والعلماء والقَدْحُ فيهم واتهامُهم بشتى أنواع التُّهَم , وَرَمْيُهُمْ بأصنافٍ من العظائم ,مثل اتهامهم بالعمالة والجبن والمداهنة والنفاق , وأنهم علماء السلاطين .. إلى غير ذلك من الكذب والبهتان الموجود في قواميسهم .
أقول : فإذا تمكَّنوا من ذلك وأشاعوه ، سقطتْ هيبةُ أهل العلم بين الناس , وضَعُفَتْ ثقتُهم بالعلماء , حينئذ يتخذ الناسُ هؤلاء الجماعة رؤساءَ فيفتونهم بغير علم ولا بصيرة , فلا تسأل بعد ذلك عن التطرف الانحراف والضلال الذي يحصل في عقائد الناس وأفكارهم !! ولا تسأل أيضًا بعد ذلك عن الفوضى واختلال الأمور واختلاطها في واقع النّاس وحياتهم !! . والعلماءُ هُمُ الأمناءُ على دين الله , فواجبٌ على كلّ مكلَّفٍ أخذُ الدِّين عن أهله كما قال بعض السلف : إن هذا العلمَ دينٌ فانظروا عمن تأخذون دينكم . فأمَّا مَنْ تَعَلَّقَ بظواهر ألفاظٍ من كلام العلماء المحققين , ولم يعرِضْهَا على العلماء , بل يعتمدُ على فهمه , وربما قال حجّتُنا مجموعةُ التوحيد , أو كلامُ العالم الفلاني , وهو لا يعرف مقصودَه بذلك الكلام ؛ فإنَّ هذا جهلٌ وضلالٌ
3 ــ بتر النصوص وأقوال أهل العلم بما يوافق أهواءهم ، والاستدلال ببعض النصوص دون بعض : قال تعالى {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب}.
4 ــ استغلال عاطفة الشباب نحو هذا الدين وحماسهم . والعاطفة التي لا تضبط بالشرع تصبح عاصفة .
فالتوازن وضبط الحماس والانطلاق من الثوابت الراسخة أمور مطلوبة في هذا الباب .
لا ننكر أن للمشاعر حقها في أن تفور وتغلي ، أما الأفعال فلا بد أن تكون مضبوطة بهدي الكتاب والسنة ومقاصد الشرع وضوابط المصلحة .
ولهذا نجد علماءَنا الكبارَ دائمًا يربطون الحماسَ والغَيرةَ للدّين الموجودةَ عند الشباب بالحكمة والبصيرة حتى تؤتي ثمارها , وتكون عاقبتُها إلى خير وفلاح .
يقول العلامة الشيخ صالح الفوزان في كتابه محاضرات في العقيدة والدعوة (3/359-360) : " الغَيرةُ على الدِّين ، والحماسُ لا يكفيان ، لابُدَّ أن يكونَ هذا مؤسَّسًا على علمٍ وفقهٍ في دين الله عز وجل ، يكونُ ذلك صادِرًا عن علم , وموضوعاً في محلّه , والغَيرةُ على الدِّين طيّبةٌ , والحماسُ للدِّين طيّبٌ , لكن لا بُدَّ أن يُرَشَّدَ ذلك باتباع الكتاب والسنَة .
ولا أَغْيَرَ على الدّين ، ولا أنصحَ للمسلمين من الصحابة رضي الله عنهم ومع ذلك قاتلوا الخوارجَ لخطرِهم وشرِّهم " .
وقال أيضاً: " لأنهم جماعةٌ اشتدُّوا في العبادة والصلاة والصيام وتلاوة القرآن , وعندهم غَيرةٌ شديدةٌ , لكنّهم لا يفقهون ! وهذه هي الآفَة!.
فالاجتهادُ في الورع والعبادة لابُدَّ أن يكون مع الفقه في الدّين والعلم ، ولهذا وصفهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه : بأنَّ الصحابة يحقرون صلاتهم إلى صلاتهم ، وعبادتهم إلى عبادتهم ثم قال : يمرقون من الإسلام كما يمرقُ السّهمُ من الرّميّة ، مع عبادتهم ومع صلاحهم ومع تهجّدهم وقيامهم بالليل ، لكن لما كان اجتهادُهم ليس على أصلٍ صحيحٍ ، ولا على علمٍ صحيحٍ صارَ ضلالاً ووبالاً ، وشرًّا عليهم وعلى الأمّة " أهـ .
ويدخل في مصيدة العاطفة : نشر الحكايات والرؤى والمنامات :ولذا فلا ينبغي أن نعجب إذا سمعنا من يقول أنه رأى فلاناً ممن فجروا أنفسهم ينغمس في أنهار الجنة ، وأن فلاناً تعانقه الحور العين، وغير ذلك ممن الشائعات والادعاءات التي أساسها الكذب والوهم .
5 ـــ اصطياد الشباب بالتدين والزهد : فبعض دعاة التطرف قد يكون لهم نصيبٌ من الإخلاص ، أو غَيْرَة على محارم الله تعالى ، وقلبُهم يمتلئ حماسًا لدينِ الله عز وجل وإقامةَ شرعِ اللهِ في الأرض الأمرُ الذي أدَّى ببعض الناس إلى أن يغترَّ بهم , ويقعَ في حبالهم .
لكن هذا الإخلاصُ وهذا الحماسُ لا يكفي وحده ليكون الإنسان على المنهج الحق .
والأمرُ كما قال الصحابيُّ الجليلُ أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما أنكرَ على تلك الطائفة التي كانت تذكرُ اللهَ بطريقةٍ غير شرعيّة , وعلى كيفيّةٍ غير نبويّة ، وقد قالوا له : والله يا أبا عبد الرحمن ! ما أردنا إلا الخيرَ . فقال عبد الله بن مسعود : " وكَمْ مِنْ مُريدٍ للخير لن يصيبَه " .
ينبغي الاعتبارَ بما كان عليه الخوارجُ الأوائلُ من كثرة العبادة ، والزهد والتقشّف والورع ، وحسنِ النّيّة والقصد ، مع الشجاعة والتضحية بالنفس ، لكن لما خرجوا عن السّنّة , وخالفوا خيارَ الأمّة - وهم أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم - واستقلُّوا بفهومهم دون فَهْمِ الصحابة للقرآن والسنّة ؛لم تشفع لهم تلك العبادات , ولا أنجتهم عند الله حُسْنُ النّيّات ، بل وَرَدَ في الأخبار النبويّة التحذيرُ منهم , والتنفيرُ عنهم , وبيانُ ضررِهم على الأمّة الإسلامية , مثلُ قولِـه صلى الله عليه وسلم - والخطابُ لأصحابه رضي الله عنهم - : " يخرجُ فيكم قومٌ تحقرون صلاتَكم مع صلاتهم ، وصيامَكم مع صيامهم , وعملَكم مع عملهم ، يقرؤون القرآنَ لا يجاوز حناجرَهم , يمرقون من الدّين كما يمرق السّهمُ من الرّميّة " .
وَمِنْ هنا نُدْرِكُ خطرَ هؤلاء القوم على عقيدة المسلمين وأمْنِهم ودينهم وسلامتهم , ولا ينبغي إطلاقًا الاغترارُ بما يظهرُ من صلاحهم , وحماسهم لهذا الدّين .
فلا بُدَّ أنْ يكونَ الحماسُ والغَيْرَةُ منضبطةً بعلم وبصيرة , ومبينةً على فقه وحكمة ورويّة .
والمقصودُ : أنَّه لا ينبغي للمسلم أَنْ يغترَّ بما يظهرونه من العبادة والزهد والعلم, حتى لا يقعَ في حبالهم ، وينخدعَ ببدعتهم وضلالهم .
ولم يزلْ العلماءُ الناصحون قديمًا وحديثًا : ينبهون على خطورة هذا المسلك - أعني النظرَ إلى عبادة الرجل وزهده و... الخ , ونسيانِ بدعته وضلاله - أذكرُ مثالاً واحداً يبين ذلك ويزيد الأمر وضوحًا :
لما كان عمرو بن عبيد - كبيرُ المعتزلة - زاهدًا عابدًا : اغترَّ به بعضُ النّاس , وغفلوا بدعتَه وضلالَه , فقد كان المنصور يعظِّم ابنَ عبيد ويقول :
كلّكم يمشي رويد
كلّكم يطلب صيد
غير عمر بن عبيد .
فعلَّقَ الحافظُ النّاقدُ الذهبيُّ رحمه الله تعالى على ذلك بكلامٍ نفيسٍ فقال في السير :" قلت : اغترَّ بزهده وإخلاصه ، وأغْفلَ بدعتَه " أهـ.
وكان يغرّ النّاسَ بنسكه وتقشّفه ، وهو مذمومٌ ، ضعيفُ الحديث جدًّا ، معلِنٌ بالبدع ، وقد كفانا ما قاله فيه النّاسُ " أهـ.
6 ــ ومن مصائد التطرف : استغلال العلاقات الشخصية والملازمة والصحبة ولذا ، حذر السلف من مجالسة أهل البدع :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلب .
وعن أبي قلابة رحمه الله : لا تجالسوهم ولا تخالطوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم كثيراً مما تعرفون .
وعن يحي بن كثير رحمه الله : إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر .
7 ــ ومما يسهل مهمة المتطرفين في اصطياد الشباب والتغرير بهم: غياب التربية القويمة القائمة على المنهج الصحيح .... .
وتقصير أهل العلم والدعاة في التحذير مما يوقع الشباب ورطة التطرف .
انتهى
__________________
التعليق :
برأيي فعلا كثرت في الآونةالأخيرة تلك الفئة من المتطرفين اللذين اصبح لا هم لهم سوى نقد الفقه الإسلامي ومحاولة بث الأفكار التحررية السامة في نفوس ابناءنا ....
نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن تكون لمعلمينا الحرص الشديد في ارسال رسائل سامية الى ابناءنا وحثهم على مدارسة الدين مع العلماء المسلمين و
حثهم على ارتياد المساجد وتشجيعهم على البحث في علوم الدين وتفسيرها ..
هذه امانة نحن نتحملها ..
شكرا
الشيخ د/ سعد بن عبد الله البريك
1 ـــ الجهل وضعف البصيرة بحقيقة هذا الدين، وقلة البضاعة في فقهه وفهم مقاصده .
فإذا لم يتحصن الشخص بالعلم الصحيح ، فقد يجره المتطرفون إلى الوقوع في التطرف . قال الشاطبي رحمه الله : البدع لا تقع من راسخ في العلم وإنما تقع ممن لم يبلغ مبلغ أهل الشريعة المتصرفين في أدلتها .
2 ــ إسقاط العلماء الربانيين الراسخين المعروفين في العلم وإتقان علوم الكتاب والسنّة الذين لهم نظرٌ ثاقبٌ في مقاصد الشريعة الإسلامية , وبصيرةٌ ربانيةٌ يميزون بها بين المصالح والمفاسد .
فالمتطرفون - حتى يُلَبِّسوا على العامة ويروِّجوا لأفكارهم المنحرفة - أوّلُ ما يفعلونه هو الطعنُ في الأئمة والعلماء والقَدْحُ فيهم واتهامُهم بشتى أنواع التُّهَم , وَرَمْيُهُمْ بأصنافٍ من العظائم ,مثل اتهامهم بالعمالة والجبن والمداهنة والنفاق , وأنهم علماء السلاطين .. إلى غير ذلك من الكذب والبهتان الموجود في قواميسهم .
أقول : فإذا تمكَّنوا من ذلك وأشاعوه ، سقطتْ هيبةُ أهل العلم بين الناس , وضَعُفَتْ ثقتُهم بالعلماء , حينئذ يتخذ الناسُ هؤلاء الجماعة رؤساءَ فيفتونهم بغير علم ولا بصيرة , فلا تسأل بعد ذلك عن التطرف الانحراف والضلال الذي يحصل في عقائد الناس وأفكارهم !! ولا تسأل أيضًا بعد ذلك عن الفوضى واختلال الأمور واختلاطها في واقع النّاس وحياتهم !! . والعلماءُ هُمُ الأمناءُ على دين الله , فواجبٌ على كلّ مكلَّفٍ أخذُ الدِّين عن أهله كما قال بعض السلف : إن هذا العلمَ دينٌ فانظروا عمن تأخذون دينكم . فأمَّا مَنْ تَعَلَّقَ بظواهر ألفاظٍ من كلام العلماء المحققين , ولم يعرِضْهَا على العلماء , بل يعتمدُ على فهمه , وربما قال حجّتُنا مجموعةُ التوحيد , أو كلامُ العالم الفلاني , وهو لا يعرف مقصودَه بذلك الكلام ؛ فإنَّ هذا جهلٌ وضلالٌ
3 ــ بتر النصوص وأقوال أهل العلم بما يوافق أهواءهم ، والاستدلال ببعض النصوص دون بعض : قال تعالى {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب}.
4 ــ استغلال عاطفة الشباب نحو هذا الدين وحماسهم . والعاطفة التي لا تضبط بالشرع تصبح عاصفة .
فالتوازن وضبط الحماس والانطلاق من الثوابت الراسخة أمور مطلوبة في هذا الباب .
لا ننكر أن للمشاعر حقها في أن تفور وتغلي ، أما الأفعال فلا بد أن تكون مضبوطة بهدي الكتاب والسنة ومقاصد الشرع وضوابط المصلحة .
ولهذا نجد علماءَنا الكبارَ دائمًا يربطون الحماسَ والغَيرةَ للدّين الموجودةَ عند الشباب بالحكمة والبصيرة حتى تؤتي ثمارها , وتكون عاقبتُها إلى خير وفلاح .
يقول العلامة الشيخ صالح الفوزان في كتابه محاضرات في العقيدة والدعوة (3/359-360) : " الغَيرةُ على الدِّين ، والحماسُ لا يكفيان ، لابُدَّ أن يكونَ هذا مؤسَّسًا على علمٍ وفقهٍ في دين الله عز وجل ، يكونُ ذلك صادِرًا عن علم , وموضوعاً في محلّه , والغَيرةُ على الدِّين طيّبةٌ , والحماسُ للدِّين طيّبٌ , لكن لا بُدَّ أن يُرَشَّدَ ذلك باتباع الكتاب والسنَة .
ولا أَغْيَرَ على الدّين ، ولا أنصحَ للمسلمين من الصحابة رضي الله عنهم ومع ذلك قاتلوا الخوارجَ لخطرِهم وشرِّهم " .
وقال أيضاً: " لأنهم جماعةٌ اشتدُّوا في العبادة والصلاة والصيام وتلاوة القرآن , وعندهم غَيرةٌ شديدةٌ , لكنّهم لا يفقهون ! وهذه هي الآفَة!.
فالاجتهادُ في الورع والعبادة لابُدَّ أن يكون مع الفقه في الدّين والعلم ، ولهذا وصفهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه : بأنَّ الصحابة يحقرون صلاتهم إلى صلاتهم ، وعبادتهم إلى عبادتهم ثم قال : يمرقون من الإسلام كما يمرقُ السّهمُ من الرّميّة ، مع عبادتهم ومع صلاحهم ومع تهجّدهم وقيامهم بالليل ، لكن لما كان اجتهادُهم ليس على أصلٍ صحيحٍ ، ولا على علمٍ صحيحٍ صارَ ضلالاً ووبالاً ، وشرًّا عليهم وعلى الأمّة " أهـ .
ويدخل في مصيدة العاطفة : نشر الحكايات والرؤى والمنامات :ولذا فلا ينبغي أن نعجب إذا سمعنا من يقول أنه رأى فلاناً ممن فجروا أنفسهم ينغمس في أنهار الجنة ، وأن فلاناً تعانقه الحور العين، وغير ذلك ممن الشائعات والادعاءات التي أساسها الكذب والوهم .
5 ـــ اصطياد الشباب بالتدين والزهد : فبعض دعاة التطرف قد يكون لهم نصيبٌ من الإخلاص ، أو غَيْرَة على محارم الله تعالى ، وقلبُهم يمتلئ حماسًا لدينِ الله عز وجل وإقامةَ شرعِ اللهِ في الأرض الأمرُ الذي أدَّى ببعض الناس إلى أن يغترَّ بهم , ويقعَ في حبالهم .
لكن هذا الإخلاصُ وهذا الحماسُ لا يكفي وحده ليكون الإنسان على المنهج الحق .
والأمرُ كما قال الصحابيُّ الجليلُ أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما أنكرَ على تلك الطائفة التي كانت تذكرُ اللهَ بطريقةٍ غير شرعيّة , وعلى كيفيّةٍ غير نبويّة ، وقد قالوا له : والله يا أبا عبد الرحمن ! ما أردنا إلا الخيرَ . فقال عبد الله بن مسعود : " وكَمْ مِنْ مُريدٍ للخير لن يصيبَه " .
ينبغي الاعتبارَ بما كان عليه الخوارجُ الأوائلُ من كثرة العبادة ، والزهد والتقشّف والورع ، وحسنِ النّيّة والقصد ، مع الشجاعة والتضحية بالنفس ، لكن لما خرجوا عن السّنّة , وخالفوا خيارَ الأمّة - وهم أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم - واستقلُّوا بفهومهم دون فَهْمِ الصحابة للقرآن والسنّة ؛لم تشفع لهم تلك العبادات , ولا أنجتهم عند الله حُسْنُ النّيّات ، بل وَرَدَ في الأخبار النبويّة التحذيرُ منهم , والتنفيرُ عنهم , وبيانُ ضررِهم على الأمّة الإسلامية , مثلُ قولِـه صلى الله عليه وسلم - والخطابُ لأصحابه رضي الله عنهم - : " يخرجُ فيكم قومٌ تحقرون صلاتَكم مع صلاتهم ، وصيامَكم مع صيامهم , وعملَكم مع عملهم ، يقرؤون القرآنَ لا يجاوز حناجرَهم , يمرقون من الدّين كما يمرق السّهمُ من الرّميّة " .
وَمِنْ هنا نُدْرِكُ خطرَ هؤلاء القوم على عقيدة المسلمين وأمْنِهم ودينهم وسلامتهم , ولا ينبغي إطلاقًا الاغترارُ بما يظهرُ من صلاحهم , وحماسهم لهذا الدّين .
فلا بُدَّ أنْ يكونَ الحماسُ والغَيْرَةُ منضبطةً بعلم وبصيرة , ومبينةً على فقه وحكمة ورويّة .
والمقصودُ : أنَّه لا ينبغي للمسلم أَنْ يغترَّ بما يظهرونه من العبادة والزهد والعلم, حتى لا يقعَ في حبالهم ، وينخدعَ ببدعتهم وضلالهم .
ولم يزلْ العلماءُ الناصحون قديمًا وحديثًا : ينبهون على خطورة هذا المسلك - أعني النظرَ إلى عبادة الرجل وزهده و... الخ , ونسيانِ بدعته وضلاله - أذكرُ مثالاً واحداً يبين ذلك ويزيد الأمر وضوحًا :
لما كان عمرو بن عبيد - كبيرُ المعتزلة - زاهدًا عابدًا : اغترَّ به بعضُ النّاس , وغفلوا بدعتَه وضلالَه , فقد كان المنصور يعظِّم ابنَ عبيد ويقول :
كلّكم يمشي رويد
كلّكم يطلب صيد
غير عمر بن عبيد .
فعلَّقَ الحافظُ النّاقدُ الذهبيُّ رحمه الله تعالى على ذلك بكلامٍ نفيسٍ فقال في السير :" قلت : اغترَّ بزهده وإخلاصه ، وأغْفلَ بدعتَه " أهـ.
وكان يغرّ النّاسَ بنسكه وتقشّفه ، وهو مذمومٌ ، ضعيفُ الحديث جدًّا ، معلِنٌ بالبدع ، وقد كفانا ما قاله فيه النّاسُ " أهـ.
6 ــ ومن مصائد التطرف : استغلال العلاقات الشخصية والملازمة والصحبة ولذا ، حذر السلف من مجالسة أهل البدع :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلب .
وعن أبي قلابة رحمه الله : لا تجالسوهم ولا تخالطوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم كثيراً مما تعرفون .
وعن يحي بن كثير رحمه الله : إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر .
7 ــ ومما يسهل مهمة المتطرفين في اصطياد الشباب والتغرير بهم: غياب التربية القويمة القائمة على المنهج الصحيح .... .
وتقصير أهل العلم والدعاة في التحذير مما يوقع الشباب ورطة التطرف .
انتهى
__________________
التعليق :
برأيي فعلا كثرت في الآونةالأخيرة تلك الفئة من المتطرفين اللذين اصبح لا هم لهم سوى نقد الفقه الإسلامي ومحاولة بث الأفكار التحررية السامة في نفوس ابناءنا ....
نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن تكون لمعلمينا الحرص الشديد في ارسال رسائل سامية الى ابناءنا وحثهم على مدارسة الدين مع العلماء المسلمين و
حثهم على ارتياد المساجد وتشجيعهم على البحث في علوم الدين وتفسيرها ..
هذه امانة نحن نتحملها ..
شكرا