ابدااع
05-04-2011, 04:57 PM
--------------------------
كثيراً ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته، ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة، كتحسن في حالته، أو تحول خطير في مكانته، وقد يقرنها بموسم معين، أو مناسبة خاصة، كعيد ميلاد أو غرة عام جديد مثلاً.
وهو في هذا التسويف يشعر بأن رافداً من روافد القوة قد يجيء مع هذا الموعد، فينشطه بعد خمول، ويمنيه بعد إياس، وهذا وهم، فإن تجدد الحياة -قبل كل شيء- ينبع من داخل النفس.
والرجل المقبل على الحياة بعزيمة وصبر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت، ولا تصرّفه وفق هواها، إنه هو الذي يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها، كبذور الأزهار التي تطمر أكوام "السبخ"، ثم هي تشق الطريق إلى أعلى مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة.
وذلك الإنسان إذا ملك نفسه، وملك وقته، واحتفظ بحرية الحركة لقاء ما يواجهه من شؤون كريهة، إنه يقدر على فعل الكثير دون انتظار أمداد خارجية تساعده على ما يريد.
إنه بقواه الكامنة، وملكاته المدفونة فيه، والفرص المحدودة والتافهة المتاحة له، يستطيع أن يبني حياته من جديد.
لا مكان لتريث، إن الزمن قد يفد بعون يشد به أعصاب السائرين في طريق الحق، أما أن يهب المقعد طاقة على الخطو أو الجري فهذا مستحيل.
دعائم المستقبل
لا تعلق بناء حياتك على أُمنية يلدها الغد، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير، فما بين يديك حاضرا هي الدعائم التي يتمخض عنها المستقل.
وكما أن كل تأخير لإنفاذ التجديد في حياتك لا يعني سوى إطالة الفترة الكابية التي تبغي الخلاص منها، وبقائك مهزوما أمام نوازع الهوى والتفريط.
لا بل قد يكون طريقا لانحدار أشد، وهنا الطامة.
ولذلك ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والآخر! وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها؛ ليتعرف على عيوبها وآفاتها، وأن يُرسل النظرات طويلة المدى ليتخلص من كل هذه الهنات التي تزري به.
وفي كل بضعة أيام أقوم بتنظيم أدراج مكتبي لأذهب الفوضى التي حلت به من قصاصات متناثرة، وسجلات مبعثرة، وأوراق أدت الغرض منها.
ألا تستحق حياة الإنسان نفس هذا الجهد؟ ألا تستحق نفسك أن تتعهد شؤونها لترى ما عراها من اضطراب فتزيله، وما لحقها من إثم فتنفيه عنها؟ مثل ما تنفي القمامة عن الساحات الطهورة.
نقلاً عن كتاب "جدد حياتك" للشيخ محمد الغزالي
المصدر // مجموعة mbc
كثيراً ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته، ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة، كتحسن في حالته، أو تحول خطير في مكانته، وقد يقرنها بموسم معين، أو مناسبة خاصة، كعيد ميلاد أو غرة عام جديد مثلاً.
وهو في هذا التسويف يشعر بأن رافداً من روافد القوة قد يجيء مع هذا الموعد، فينشطه بعد خمول، ويمنيه بعد إياس، وهذا وهم، فإن تجدد الحياة -قبل كل شيء- ينبع من داخل النفس.
والرجل المقبل على الحياة بعزيمة وصبر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت، ولا تصرّفه وفق هواها، إنه هو الذي يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها، كبذور الأزهار التي تطمر أكوام "السبخ"، ثم هي تشق الطريق إلى أعلى مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة.
وذلك الإنسان إذا ملك نفسه، وملك وقته، واحتفظ بحرية الحركة لقاء ما يواجهه من شؤون كريهة، إنه يقدر على فعل الكثير دون انتظار أمداد خارجية تساعده على ما يريد.
إنه بقواه الكامنة، وملكاته المدفونة فيه، والفرص المحدودة والتافهة المتاحة له، يستطيع أن يبني حياته من جديد.
لا مكان لتريث، إن الزمن قد يفد بعون يشد به أعصاب السائرين في طريق الحق، أما أن يهب المقعد طاقة على الخطو أو الجري فهذا مستحيل.
دعائم المستقبل
لا تعلق بناء حياتك على أُمنية يلدها الغد، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير، فما بين يديك حاضرا هي الدعائم التي يتمخض عنها المستقل.
وكما أن كل تأخير لإنفاذ التجديد في حياتك لا يعني سوى إطالة الفترة الكابية التي تبغي الخلاص منها، وبقائك مهزوما أمام نوازع الهوى والتفريط.
لا بل قد يكون طريقا لانحدار أشد، وهنا الطامة.
ولذلك ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والآخر! وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها؛ ليتعرف على عيوبها وآفاتها، وأن يُرسل النظرات طويلة المدى ليتخلص من كل هذه الهنات التي تزري به.
وفي كل بضعة أيام أقوم بتنظيم أدراج مكتبي لأذهب الفوضى التي حلت به من قصاصات متناثرة، وسجلات مبعثرة، وأوراق أدت الغرض منها.
ألا تستحق حياة الإنسان نفس هذا الجهد؟ ألا تستحق نفسك أن تتعهد شؤونها لترى ما عراها من اضطراب فتزيله، وما لحقها من إثم فتنفيه عنها؟ مثل ما تنفي القمامة عن الساحات الطهورة.
نقلاً عن كتاب "جدد حياتك" للشيخ محمد الغزالي
المصدر // مجموعة mbc