السعيد شيخ
01-14-2011, 08:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
فقه الإعلام
في مفهوم الاعتدال!!
رأينا صواب يحتمل الخطأ
ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب
ملحوظة: منذ البداية أرجو ألا يُفهم لفظ (المشائخ )بما جرت عليه العادة اليوم، حاش لله، فأنا أستخدم اللفظ كما استخدمه العلماء من قبل – فالشيخ هو الحاذق في اختصاصه، وإذا قلت: مشائخ الإعلام، فاعلموا أني أقول اللفظ تكريماً لأنّهم المرجع في الموضوع.
حاش لله ليس النقد انتقاصاً من قدر المرء، فكلٌّ يُردّ عليه إلا صاحب هذا القبر – ورحم الله مالكا.
يقول مشائخ الإعلام:
يرتكز الإعلام الإسلامي على نقطتين:
١– التيسير: والواجب أن نأخذ بالأقوال الفقهية المعتدلة. كأن نقبل مثلاً برأي من يرى أن التصوير جائز، ونهمل رأي من يقول بالتحريم.
٢– التدرّج في تطبيق الأحكام الشرعيّة: فنحن مثلاً لانطلب من النساء الالتزام بالحجاب، بل نؤجله إلى أن يصبحن من تلقاء أنفسهنّ مقتنعات به .
التعليق
أبدأ العرض بذكر هاتين النقطتين:
١- توجّهت أخوات كريمات هنا في فرنسة بسؤال عن حكم إبداءعورةالمرأة المسلمة (الشعر واليدين..)أمام غير المسلمات، وهن في حرج لأنّ الحمامات مشتركة معهنّ في العمل، ولا يستطعن التخلّص من هذا الوضع حين يردن الوضوء للصلاة.
فأجبت: افعلن، واستغفرن.
أمّا الاستغفار فمطلوب من المسلم في كلّ آن، وبخاصّة حين يشعر أنّه أذنب أوخالف الأولى، سواء أكان مضطراً أو محرجاً أومتعمّدا لاعذرله.
نحن هناأمام حالة حرج (يسميها بعضهم ضرورة، وهذا خلط بين سببين شرعيين مختلفين، وكلّ له في المآل حكم مختلف )
٢- قد يفهم السامع أن مشائخ الاعتدال يتّبعون قول سيد قطب حين انتقد تصرّف بعض المتدينين في مطالبتهم المرأة- أية امراة – بالحجاب، فقال: إنّ الذين يطلبون من المرأة أن تطوّل أكمامها أوذيلها باسم الإسلام- أقول هذا مع تقديري لبواعثهم النبيلة- إنهم يحيلون الإسلام هزأة بهذا العمل.
وعلل سيد قطب لذلك بما معناه:
- إن المرأة إمّا أن تكون صحيحة العقيدة، فهي ملتزمة بالحجاب لأنّه حكم الله – تعالى – سواء أكانت مقتنعة به أم لا.
- أما إذا لم تكن مسلمة أو مسلمة بالاسم وعقيدتها غيرسليمة مثل كثيرات اتخذن من نسبتهن إلى الإسلام إرثاً،وّلايجرؤن على الجهربمخالفته، فمن العبث مطالبتها بالحجاب، بل هوهدر للوقت، ابدأ بالإيمان، فإذا رسخ الإيمان كان الالتزام بأوامر الله أمراًلا مفرّ منه، أما معرفة حكمة التشريع فهي تطمئن القلوب، وجهلها لا يغيّر من ثقة المؤمن بالله – تعالى -.
أتيت بالمثالين لنكون منذ البدء على بصيرة ممّا أرمي إليه بالنقطتين اللتين بدأت بهما لأنّهما من أسس الإعلام الملتزم بأوامره – تعالى -، لنفهم أننا لسنا ضد التيسير، ولا التدرج في الالتزام بأوامر الله – تعالى -، ولكنْ هناك خلط بين صور مختلفة، فعمّموا حكمي التيسير والتدرج على مسائل لا تدخل تحتهما شرعا.
أولاَ: مفهوم التيسير:
يبدأ مشائخ الاعتدال بقوله– صلى الله عليه وسلّم –: ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، مالم يكن إثماً ، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه. ( ولكنهم يسقطون أكثر الإحيان– فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه - ولست أدري: أهذا لأنهم يريدون الاختصار أم شيئاً آخر- لا يجوز لي أن أُخمّن! )
نعم لاجدال بأن الإسلام دين يسر، ولكن على أن نفهم اليسر بمعنى الطاقة والقدرة على العمل، قد يكون التكليف سهلاً أحياناً و قد يكون صعباً أحياناً أخرى، بشرطين:
- الأول أن يكون في حدود طاقة البشرالتي يمكن أن تحتملها،
- والآخر أن تتحمله النفس البشرية إذا فرض الالتزام به مدة طويلة.
ومرجعنا في تحديد معنى اليسر النصّ الشرعيّ، لا اجتهادنا الخاصّ اللهمّ إلا ( استثناء منفصل لا متّصل ) إذا كان من عالم سنده نصّ شرعيّ أومبدأ الاستصلاح أو الاستحسان وفق شروطهما الدقيقة في كتب الفقه.
خلق الله الإنسان بين الملائكة و الحيوانات، بين سموّ الروح وضغط المادّة، ويمكن له أن يجتهد ليكون قريباً من الملائكة، ولكن الجانب المادي لا يستطيع الخروج منه، ومهما أسفّ الأنسان وهبط إلى الحيوانية فلن يتخلّص من روحه، هكذا خلقه الله، والاعتدال أو التوسط حُدّد الوحي في النصوص الشرعية من قرآن كريم وحديث شريف.
لن يقول إنسان سأكون وسطاًأومعتدلاًوفق ماأراه في الواقع، لن يكون هناك وسطيّة بين الإيمان والكفر، فإّماإيمان وإمّاكفر.
عبادة الله تعالى حُدّدت بألفاظها وحركاتها: ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي – خذوا عنّي مناسككم )، فلا تقل أتوسط في العبادة بين الدعاء والحركات! سوف يقولون: ( أليس الدعاء مخّ العبادة )؟! لن نكتفي بالدعاء وحده سوف نكون أهل اعتدال،دعاء ورفع يدين معه، لم نهمل حركات العبادة بل أخذنا بعضها.
أنا في ديار الغرب، أصلّي، ولكن لا أجعل الصلاة تلازمني في عملي، أصلي الصبح في منزلي قبل الخروج، وعندما أعود أتدارك ما فاتني، فإذا كنت عاملاً عند معلم ففقد تنزل الصلاة بتقديري عنده، وإذا كنت صاحب العمل فالجو العام هنا لايسمح بإغلاق المحل.. اعتدلنا!!.. ( عفواً لهبوط المقال، ألستم معي أنّه يكافئ المقام – أعني به مقام المؤخر لصلواته؟! )
لا يشكّ مسلم أنّ هذا الكلام مردود.
لك أن تقول: الإسلام دين الاعتدال والوسطية..
ولكن الإسلام وحده مرجعنا في تحديدهما.
سبيل مشائخ الاعتدال في تحديد معناه:
أهمس في آذان أحبّتي ، فأقول:
- لاتُحددوا معانيَ اليسروالعسروالتشدد والتراخي وأنتم في حال من الحماسة والصراخ تخرجون بهما عن هدوء العلم وضروة السكينة في ذكر أحكامه.
- إثارة مشاعر الإيمان ضرورية، ولكنْ لا يجوز أن يُراد بها الإلزام برأي أو تشويه المعاني الشرعية، وإنّما لأمورقبلناها من قبل شرعاً وعقلاَ، كبذل الخير، فنثير حمية الناس له.
الناس والتشدّد والتراخي:
- ليس قياسنا في التشدّد والتيسير مااعتاده الناس ، إنّما مقياسنا الشرع، فلا نقول إنهم مغالون أو متراخون إلا بدليل شرعي، الناس اليوم متراخون كثيراً في كسب المال، ويبحثون عن مخارج موهومة ليأكلوا المال الحرام. ( العرف بحث طويل وله تفصيلات لا تتعارض مع قولنا هنا )
- أمّاإذاانتقلناإلى العبادات فقدنجد من يشدّدعلى نفسه، في الحج مثلاً، أومن يقاتل على عدد ركعات التراويح والالتزام بجماعتها، والمعلوم أنّ رتبتها الشرعيّة تأتي بعد ركعتي نفل فرض العشاء مثلا. تراهم يحضرون التراويح عشرين ركعة مع الجماعة، ثم ينامون عن صلاة الفجر!!
- يريد الإمام أن يتّقيَ الله فيطيل السجودعن حدّه الشرعيّ، و إطالة الفذّ في صلاة النفل وقيام الليل بخاصّة جائزة بل مُُثاب عليها – بإذن الله-، أما الإمام فيلتزم بالفرائض والسنن المصاحبة .
موازنة بين تشدّد بعض الصحابة و مايطلبه مشائخ الاعتدال اليوم:
إن المتتبع لهذه الأحاديث الشريفة يجدالبَوْن شاسعاً بين تشدّد بعض الصحابة ونهي رسول الله – صلى الله وسلّم – عنه، لأنّه يخالف ماأمر الله– تعالى – به، لإهمال طاعته في أمور أخرى فرضها لهم أو من لهم حقّ عليهم كالأهل ..وبين ما يعمل له مشائخ الاعتدال من محاربة للتشدّد، ودعوة إلى التيسير!!
يتخذون مثلاً من بعض الأحاديث الشريفة دليلاً على جواز الغناء والتمثيل ومصافحة النساء.. بأوضاعها الحاضرة دون أن:
- يلتزموا بالحدود التي وردت في النص،
- ويدقّقوا في صحّة الحديث الشريف المؤيّد لفكرتهم سنداً ومتنا، ولوكان الحديث الشريف يخالف رأيهم لشمّروا عن سواعد الجدّ لتفنيد صحّة الحديث الشريف!
- ويعلموا مثلاً أن الواقعة التي ذُكرت في الحديث الشريف حدثت قبل نزول الآية التي فُرض فيهاالحجاب، ولو كان الأمر يساعدهم في تفنيد الرأي المخالف لكانوا أقدر الناس على تاريخ النزول!
كان بعض الصحابة يشربون الخمرة قبل تحريمها، ولم ينههم الرسول– صلى الله عليه وسلّم– حينها، فهل نجيز شربها على طريقة الأوربيين المتّزنة( raisonnable )!! نعم!! هناك من المسلمين في أوربة من يقول بهذا- علماء مفتون!!
الأخذ بالرخصة:
- لايجوزأن تمنع أحداًالأخذ بالرخصة، فهذا حقّه الشرعيّ الذي فرضه الله – تعالى - له، ولا يجوز لك أن تمنعه الأخذ بالعزيمة إن لم يُفرّط في واجبات شرعيّة أخرى.
- لا تفرض على أحد مثلاًأن يصوم الاثنين والخميس مثلاً، ولكن تستحسن منه إن فعل، وإيّاك أن تتهمه ب( التزمّت)!
- أرباب الدعوة الصادقة أكثر التزاما بالبعد عن الشبهات، وأن يأخذوا أنفسهم بالنوافل والبعد عن المكروهات، ومن أعظمها شأناًً ألا يُثروا من دعوتهم، ( أقول: ألا يُثروا من دعوتهم، و من حقّهم أن يعيشوا عيشة كريمة، فلايتكفّفوا ما في أيدي الناس! )
النتيجة:
يتذرّع مشائخ الاعتدال بإجازة مخالفات شرعيّة في وسائل الإعلام الإسلاميّة!! للتيسير، وليس لمسلم أن يُخالف شرع الله، بحجّة أنّه يريدأن يسايرأجهزة الإعلام المسيطرة، فالمصلحة في زعمهم تتطلّب التيسيرأو التساهل ويستشهدون القاعدة الفقهيّة( الضرورات تبيح المحظورات – مع التحريف المعتاد لمعنى الضرورة)، وهم يلتزمون في الحقيقة مبدأ ( الغايات تسوّغ الوسائل ).
نعم! من حكمة الدعوة أن نتناسى(أقول نتناسى، وليس بعالم مسلم من ينسى حكماً شرعيّا )تصرّفات بعض الناس والجهات الإعلاميّة المخالفة للشرع، ولكن إيّاناأن نتذرّع بهالقبول مخالفات ترتكبها وسائل الإعلام الإسلاميّة!!
التزام العاملين في وسائل الإعلام الإسلاميّة!!لاتهاون فيه،وليس لأحدأن يسوّغ لهم الانحرافّّ، فهم حملة دعوة، وإلا فلماذا يعملون فيها؟
ملحوظة: لا يفهمنّ أحد أن الالتزام يعني ألا نأخذ بالمبتكرات الإعلاميّة الحديثة التي لا تخالف شرع الله، بل هذا واجب شرعيّ.
انتقاء آراء الفقهاء:
بعد مجلة الأحكام العدلية العثمانية كانت ريادة تقنين الأحكام الشرعيّة في ثوب حديث لسورية تتمثل في شيوخها: مصطفى الزرقاء وعليّ الطنطاويّ ومحمد عليّ الشماع.
ولاشكّ أنهم كانواعلماء مجتهدين، غير أنهم ماكانوا يجتهدون إلا في حالات الضرورة، وإذا تعارضت أقوال المذاهب أخذوا برأي يوافق العصر، دون أن يُمحّصوا الأدلة.
وهذا مايسيرعليه بعض مشائخ الإعلام وغير الإعلام، أي هم يُقلّدون علماء آخرين في المسألة.
وقدانتقد هذاالمسلك العلماء، لأن العالم المجتهد لايجوزله التقليد، فإذا علم بخطأ رأي فلايجوز أن يعمل به، ولاعبرة بموافقة العصر أو مخالفته، فمرجعنا الحكم الشرعيّ اللذي يثبت بالدليل، لا أقوال المعاصرين..
يختلف العلماء المجتهدون، ولامانع أبداً منه (الشرط الهام أن يخلصواعملهم لله، فلاتحرّكهم مطامع مادية، أوانحرافات نفسيّة أوتنافسات غرضها نصرة غير الله– تعالى-)، ولهم أن يتحاوروابالحكمة والموعظة البحسنة، كل ذلك سعياً وراء الدليل الشرعي، وبعدها نترك العامة أحراراً في الاتباع.
قد يأخذ العالم بالأسهل إذا تقاربت الأدلة وصعب التمييز بدقة، ويصار إلى فعله – صلّى الله عليه وسلّم – في اختيار الأيسر.
وهذا ماذهبت إليه في موضوع كشف جزء من العورة أمام غير المسلمات كما يكشف أمام المسلمات، لأن ( نسائهنّ ) في الآية الكريمة غير قاطعة في أنها خاصّة بالمسلمات.
حال العامّة في الانتقاء:
أمّا العامّة– ولوكانوا من المثقّفين ثقافة شرعيّة ، فهم مقلّدون– فنتجاوز الأمر، ولهم أن يُقلّدوا في الأسهل رأي أحد العلماء الذين أخلصوادينهم لله–تعالى- لالمطامع ومكاسب وانحرافات وتزلّفات، رغبة في التيسيرعلى الناس، ولكن علينا أن ننبههم دائماً إلى الاستغفار. ( لانتقاء العامّة من المذاهب شروط يُرجع إلى مظانّها في كتب الفقه.)
الحكم في غير الفرائض:
قد يختلط الأمر، ونفهم أنّا مع المعسّرين، الذين يحوّلون– من عند أنفسهم– نوافل ومستحبات إلى فرائض يجبرون عليها الناس مردّدين قولا قديما: على المريد أن يكون بين يدي شيخه كالميت بين يديْ غاسله!(لا تعجبوافهم لايختلفون عن أتباع متراخين ينافحون عن آراء شيوخهم كأنّهالايأتيها الباطل. سامحوني، هم يرفضون القول بهذااللفظ، ولكنْ يتبعونه بالفعل! )
ليس للشيخ أن يتشدّد في صيام غير رمضان، وإنّما يذكّرالنوافل ترغيباً بالحسنات العظيمة التي يكافئ بها الله- تعالى- عباده الأتقياء. ولا أن يفرض على المرأة ما يزيد على الحدود المفروضة، ولهاوحدهاالحقّ في أن تزيد راجية رضاالله– تعالى-.
ثانياَ: التدرّج في تطبيق الأحكام الشرعيّة:
آ –الحكم الشرعي والتدرّج في تطبيقه:
كانت الخمرة حلالاً مع إشارات بكراهيّتها قبل نزول آيات التحريم الباتّة القاطعة. ويفيدنا مسلك التدرّج في تحريم الخمرة مثلاً في انتهاجه في الدعوة اليوم، ولكن لانستطيع أن ننتقل من هذا التدرج إلى تحليل الخمرة فهي حرام إلى الأبد. مضى زمان التشريع مع آخرآية نزلت من القرآن الكريم، ووفاته – صلّى الله عليه وسلّم-.
التدرّج في الدعوة واجب، وومن حكمتها ألانطلب منْ إنسان تطبيق حكم شرعيّ قبل أن يؤمن،وترسخ عقيدته. وبعدها ليس لحكمة التشريع عمل سوى في اطمئنان القلب.
إنّّ لوسائل الإعلام الإسلاميّة!! اتخاذ كلّ وسيلة ترى فيها من الحكمة أن تتدرّج في الحديث عن الأحكام الشرعيّة، فليس ضرورياً مثلاً أن تذكرالآراء المختلفة في تغطية وجه المرأة، ولكن فلتحذر مثلاً من القطع في الأخذ بأحد الرأيين.
ب – على وسائل الإعلام الإسلاميّة!! أن تميّز في طلب التدرّج في تطبيق الحكم الشرعيّ بين عامليها والمدعوّين إلى الإسلام. قلنا : عاملوها دعاة.
إنّ العاملين في وسائل الإعلام الإسلاميّة!! دعاة يطبّق عليهم المطلوب من الداعية نفسه، ولكن المشكلة أن صورة العاملين في الرائي ( التليفزيون ) مثلاً عند العامّة لا تسمح لهم أن يطلبوا منه الالتزام الشرعيّ كما يلتزم الداعية عادة.
إن المهمة الأولى لوسائل الإعلام الإسلاميّة!! أن يكون العاملون فيها مثالاً يحتذيه الناس.
المطلوب من العاملين أن يلتزموا بالإسلام بكل أبعاده: التقوى والالتزام والحكمة والموعظة الحسنة وحسن العشرة والكلام المهذّب وحسن المظهر، و لكنّ الواقع أنّ هناك مبالغة وشططاً، فكم من داع يتحوّل في الرائي ( التليفزيون ) مثلاً إلى ممثل لا تختلف صورته عمّا يراه الناس في الرائي والراني ( التليفزيون والسينما ) مثلاً، في ملابسه وحركاته لتكون وسيلته في الدعوة إلى الله!! وتخترع المرأة التي يسمّونها داعية من ملابس تبتكرها( مؤسسات الأزياء ) فيها التزام بسترلون العورة، واختراع وسائل ملفتة للنظر في إبداء شكل العورة، وإضافة كل ما يثير، ولا تكتفي بالبعد عن القسوة في كلامها، بل تتعدّاه إلى تغنّج ودلال لجذب الذين تدعوهم إلى الله!!
المشكلة: أن مشائخ الاعتدال يغضّون الطرف عن كلّ ما يجري في وسائل الإعلام الإسلاميّة!! ، بل قد يشاركون فيه، كلّ ذلك في مصلحة الدعوة!!
ملحق: - الفقه الميسّر
- الفقه الميسّر، من معانيه أن يعرض عرضاً ميسّراً للمبتدئين من طلبة العلم، أو للعامّة من الناس.
وفيه نقاش لجانب علميّ: أيلتزم كاتب الفقه الميسّر بالموضوعيّة العلميّة أم يعرضه عرضاً
يلائم حال قارئيه، وإذا عرض لنصّ فهل يأتي به للاستدلال، أم للاستئناس؟!
وعلى الله قصد السبيل
فقه الإعلام
في مفهوم الاعتدال!!
رأينا صواب يحتمل الخطأ
ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب
ملحوظة: منذ البداية أرجو ألا يُفهم لفظ (المشائخ )بما جرت عليه العادة اليوم، حاش لله، فأنا أستخدم اللفظ كما استخدمه العلماء من قبل – فالشيخ هو الحاذق في اختصاصه، وإذا قلت: مشائخ الإعلام، فاعلموا أني أقول اللفظ تكريماً لأنّهم المرجع في الموضوع.
حاش لله ليس النقد انتقاصاً من قدر المرء، فكلٌّ يُردّ عليه إلا صاحب هذا القبر – ورحم الله مالكا.
يقول مشائخ الإعلام:
يرتكز الإعلام الإسلامي على نقطتين:
١– التيسير: والواجب أن نأخذ بالأقوال الفقهية المعتدلة. كأن نقبل مثلاً برأي من يرى أن التصوير جائز، ونهمل رأي من يقول بالتحريم.
٢– التدرّج في تطبيق الأحكام الشرعيّة: فنحن مثلاً لانطلب من النساء الالتزام بالحجاب، بل نؤجله إلى أن يصبحن من تلقاء أنفسهنّ مقتنعات به .
التعليق
أبدأ العرض بذكر هاتين النقطتين:
١- توجّهت أخوات كريمات هنا في فرنسة بسؤال عن حكم إبداءعورةالمرأة المسلمة (الشعر واليدين..)أمام غير المسلمات، وهن في حرج لأنّ الحمامات مشتركة معهنّ في العمل، ولا يستطعن التخلّص من هذا الوضع حين يردن الوضوء للصلاة.
فأجبت: افعلن، واستغفرن.
أمّا الاستغفار فمطلوب من المسلم في كلّ آن، وبخاصّة حين يشعر أنّه أذنب أوخالف الأولى، سواء أكان مضطراً أو محرجاً أومتعمّدا لاعذرله.
نحن هناأمام حالة حرج (يسميها بعضهم ضرورة، وهذا خلط بين سببين شرعيين مختلفين، وكلّ له في المآل حكم مختلف )
٢- قد يفهم السامع أن مشائخ الاعتدال يتّبعون قول سيد قطب حين انتقد تصرّف بعض المتدينين في مطالبتهم المرأة- أية امراة – بالحجاب، فقال: إنّ الذين يطلبون من المرأة أن تطوّل أكمامها أوذيلها باسم الإسلام- أقول هذا مع تقديري لبواعثهم النبيلة- إنهم يحيلون الإسلام هزأة بهذا العمل.
وعلل سيد قطب لذلك بما معناه:
- إن المرأة إمّا أن تكون صحيحة العقيدة، فهي ملتزمة بالحجاب لأنّه حكم الله – تعالى – سواء أكانت مقتنعة به أم لا.
- أما إذا لم تكن مسلمة أو مسلمة بالاسم وعقيدتها غيرسليمة مثل كثيرات اتخذن من نسبتهن إلى الإسلام إرثاً،وّلايجرؤن على الجهربمخالفته، فمن العبث مطالبتها بالحجاب، بل هوهدر للوقت، ابدأ بالإيمان، فإذا رسخ الإيمان كان الالتزام بأوامر الله أمراًلا مفرّ منه، أما معرفة حكمة التشريع فهي تطمئن القلوب، وجهلها لا يغيّر من ثقة المؤمن بالله – تعالى -.
أتيت بالمثالين لنكون منذ البدء على بصيرة ممّا أرمي إليه بالنقطتين اللتين بدأت بهما لأنّهما من أسس الإعلام الملتزم بأوامره – تعالى -، لنفهم أننا لسنا ضد التيسير، ولا التدرج في الالتزام بأوامر الله – تعالى -، ولكنْ هناك خلط بين صور مختلفة، فعمّموا حكمي التيسير والتدرج على مسائل لا تدخل تحتهما شرعا.
أولاَ: مفهوم التيسير:
يبدأ مشائخ الاعتدال بقوله– صلى الله عليه وسلّم –: ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، مالم يكن إثماً ، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه. ( ولكنهم يسقطون أكثر الإحيان– فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه - ولست أدري: أهذا لأنهم يريدون الاختصار أم شيئاً آخر- لا يجوز لي أن أُخمّن! )
نعم لاجدال بأن الإسلام دين يسر، ولكن على أن نفهم اليسر بمعنى الطاقة والقدرة على العمل، قد يكون التكليف سهلاً أحياناً و قد يكون صعباً أحياناً أخرى، بشرطين:
- الأول أن يكون في حدود طاقة البشرالتي يمكن أن تحتملها،
- والآخر أن تتحمله النفس البشرية إذا فرض الالتزام به مدة طويلة.
ومرجعنا في تحديد معنى اليسر النصّ الشرعيّ، لا اجتهادنا الخاصّ اللهمّ إلا ( استثناء منفصل لا متّصل ) إذا كان من عالم سنده نصّ شرعيّ أومبدأ الاستصلاح أو الاستحسان وفق شروطهما الدقيقة في كتب الفقه.
خلق الله الإنسان بين الملائكة و الحيوانات، بين سموّ الروح وضغط المادّة، ويمكن له أن يجتهد ليكون قريباً من الملائكة، ولكن الجانب المادي لا يستطيع الخروج منه، ومهما أسفّ الأنسان وهبط إلى الحيوانية فلن يتخلّص من روحه، هكذا خلقه الله، والاعتدال أو التوسط حُدّد الوحي في النصوص الشرعية من قرآن كريم وحديث شريف.
لن يقول إنسان سأكون وسطاًأومعتدلاًوفق ماأراه في الواقع، لن يكون هناك وسطيّة بين الإيمان والكفر، فإّماإيمان وإمّاكفر.
عبادة الله تعالى حُدّدت بألفاظها وحركاتها: ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي – خذوا عنّي مناسككم )، فلا تقل أتوسط في العبادة بين الدعاء والحركات! سوف يقولون: ( أليس الدعاء مخّ العبادة )؟! لن نكتفي بالدعاء وحده سوف نكون أهل اعتدال،دعاء ورفع يدين معه، لم نهمل حركات العبادة بل أخذنا بعضها.
أنا في ديار الغرب، أصلّي، ولكن لا أجعل الصلاة تلازمني في عملي، أصلي الصبح في منزلي قبل الخروج، وعندما أعود أتدارك ما فاتني، فإذا كنت عاملاً عند معلم ففقد تنزل الصلاة بتقديري عنده، وإذا كنت صاحب العمل فالجو العام هنا لايسمح بإغلاق المحل.. اعتدلنا!!.. ( عفواً لهبوط المقال، ألستم معي أنّه يكافئ المقام – أعني به مقام المؤخر لصلواته؟! )
لا يشكّ مسلم أنّ هذا الكلام مردود.
لك أن تقول: الإسلام دين الاعتدال والوسطية..
ولكن الإسلام وحده مرجعنا في تحديدهما.
سبيل مشائخ الاعتدال في تحديد معناه:
أهمس في آذان أحبّتي ، فأقول:
- لاتُحددوا معانيَ اليسروالعسروالتشدد والتراخي وأنتم في حال من الحماسة والصراخ تخرجون بهما عن هدوء العلم وضروة السكينة في ذكر أحكامه.
- إثارة مشاعر الإيمان ضرورية، ولكنْ لا يجوز أن يُراد بها الإلزام برأي أو تشويه المعاني الشرعية، وإنّما لأمورقبلناها من قبل شرعاً وعقلاَ، كبذل الخير، فنثير حمية الناس له.
الناس والتشدّد والتراخي:
- ليس قياسنا في التشدّد والتيسير مااعتاده الناس ، إنّما مقياسنا الشرع، فلا نقول إنهم مغالون أو متراخون إلا بدليل شرعي، الناس اليوم متراخون كثيراً في كسب المال، ويبحثون عن مخارج موهومة ليأكلوا المال الحرام. ( العرف بحث طويل وله تفصيلات لا تتعارض مع قولنا هنا )
- أمّاإذاانتقلناإلى العبادات فقدنجد من يشدّدعلى نفسه، في الحج مثلاً، أومن يقاتل على عدد ركعات التراويح والالتزام بجماعتها، والمعلوم أنّ رتبتها الشرعيّة تأتي بعد ركعتي نفل فرض العشاء مثلا. تراهم يحضرون التراويح عشرين ركعة مع الجماعة، ثم ينامون عن صلاة الفجر!!
- يريد الإمام أن يتّقيَ الله فيطيل السجودعن حدّه الشرعيّ، و إطالة الفذّ في صلاة النفل وقيام الليل بخاصّة جائزة بل مُُثاب عليها – بإذن الله-، أما الإمام فيلتزم بالفرائض والسنن المصاحبة .
موازنة بين تشدّد بعض الصحابة و مايطلبه مشائخ الاعتدال اليوم:
إن المتتبع لهذه الأحاديث الشريفة يجدالبَوْن شاسعاً بين تشدّد بعض الصحابة ونهي رسول الله – صلى الله وسلّم – عنه، لأنّه يخالف ماأمر الله– تعالى – به، لإهمال طاعته في أمور أخرى فرضها لهم أو من لهم حقّ عليهم كالأهل ..وبين ما يعمل له مشائخ الاعتدال من محاربة للتشدّد، ودعوة إلى التيسير!!
يتخذون مثلاً من بعض الأحاديث الشريفة دليلاً على جواز الغناء والتمثيل ومصافحة النساء.. بأوضاعها الحاضرة دون أن:
- يلتزموا بالحدود التي وردت في النص،
- ويدقّقوا في صحّة الحديث الشريف المؤيّد لفكرتهم سنداً ومتنا، ولوكان الحديث الشريف يخالف رأيهم لشمّروا عن سواعد الجدّ لتفنيد صحّة الحديث الشريف!
- ويعلموا مثلاً أن الواقعة التي ذُكرت في الحديث الشريف حدثت قبل نزول الآية التي فُرض فيهاالحجاب، ولو كان الأمر يساعدهم في تفنيد الرأي المخالف لكانوا أقدر الناس على تاريخ النزول!
كان بعض الصحابة يشربون الخمرة قبل تحريمها، ولم ينههم الرسول– صلى الله عليه وسلّم– حينها، فهل نجيز شربها على طريقة الأوربيين المتّزنة( raisonnable )!! نعم!! هناك من المسلمين في أوربة من يقول بهذا- علماء مفتون!!
الأخذ بالرخصة:
- لايجوزأن تمنع أحداًالأخذ بالرخصة، فهذا حقّه الشرعيّ الذي فرضه الله – تعالى - له، ولا يجوز لك أن تمنعه الأخذ بالعزيمة إن لم يُفرّط في واجبات شرعيّة أخرى.
- لا تفرض على أحد مثلاًأن يصوم الاثنين والخميس مثلاً، ولكن تستحسن منه إن فعل، وإيّاك أن تتهمه ب( التزمّت)!
- أرباب الدعوة الصادقة أكثر التزاما بالبعد عن الشبهات، وأن يأخذوا أنفسهم بالنوافل والبعد عن المكروهات، ومن أعظمها شأناًً ألا يُثروا من دعوتهم، ( أقول: ألا يُثروا من دعوتهم، و من حقّهم أن يعيشوا عيشة كريمة، فلايتكفّفوا ما في أيدي الناس! )
النتيجة:
يتذرّع مشائخ الاعتدال بإجازة مخالفات شرعيّة في وسائل الإعلام الإسلاميّة!! للتيسير، وليس لمسلم أن يُخالف شرع الله، بحجّة أنّه يريدأن يسايرأجهزة الإعلام المسيطرة، فالمصلحة في زعمهم تتطلّب التيسيرأو التساهل ويستشهدون القاعدة الفقهيّة( الضرورات تبيح المحظورات – مع التحريف المعتاد لمعنى الضرورة)، وهم يلتزمون في الحقيقة مبدأ ( الغايات تسوّغ الوسائل ).
نعم! من حكمة الدعوة أن نتناسى(أقول نتناسى، وليس بعالم مسلم من ينسى حكماً شرعيّا )تصرّفات بعض الناس والجهات الإعلاميّة المخالفة للشرع، ولكن إيّاناأن نتذرّع بهالقبول مخالفات ترتكبها وسائل الإعلام الإسلاميّة!!
التزام العاملين في وسائل الإعلام الإسلاميّة!!لاتهاون فيه،وليس لأحدأن يسوّغ لهم الانحرافّّ، فهم حملة دعوة، وإلا فلماذا يعملون فيها؟
ملحوظة: لا يفهمنّ أحد أن الالتزام يعني ألا نأخذ بالمبتكرات الإعلاميّة الحديثة التي لا تخالف شرع الله، بل هذا واجب شرعيّ.
انتقاء آراء الفقهاء:
بعد مجلة الأحكام العدلية العثمانية كانت ريادة تقنين الأحكام الشرعيّة في ثوب حديث لسورية تتمثل في شيوخها: مصطفى الزرقاء وعليّ الطنطاويّ ومحمد عليّ الشماع.
ولاشكّ أنهم كانواعلماء مجتهدين، غير أنهم ماكانوا يجتهدون إلا في حالات الضرورة، وإذا تعارضت أقوال المذاهب أخذوا برأي يوافق العصر، دون أن يُمحّصوا الأدلة.
وهذا مايسيرعليه بعض مشائخ الإعلام وغير الإعلام، أي هم يُقلّدون علماء آخرين في المسألة.
وقدانتقد هذاالمسلك العلماء، لأن العالم المجتهد لايجوزله التقليد، فإذا علم بخطأ رأي فلايجوز أن يعمل به، ولاعبرة بموافقة العصر أو مخالفته، فمرجعنا الحكم الشرعيّ اللذي يثبت بالدليل، لا أقوال المعاصرين..
يختلف العلماء المجتهدون، ولامانع أبداً منه (الشرط الهام أن يخلصواعملهم لله، فلاتحرّكهم مطامع مادية، أوانحرافات نفسيّة أوتنافسات غرضها نصرة غير الله– تعالى-)، ولهم أن يتحاوروابالحكمة والموعظة البحسنة، كل ذلك سعياً وراء الدليل الشرعي، وبعدها نترك العامة أحراراً في الاتباع.
قد يأخذ العالم بالأسهل إذا تقاربت الأدلة وصعب التمييز بدقة، ويصار إلى فعله – صلّى الله عليه وسلّم – في اختيار الأيسر.
وهذا ماذهبت إليه في موضوع كشف جزء من العورة أمام غير المسلمات كما يكشف أمام المسلمات، لأن ( نسائهنّ ) في الآية الكريمة غير قاطعة في أنها خاصّة بالمسلمات.
حال العامّة في الانتقاء:
أمّا العامّة– ولوكانوا من المثقّفين ثقافة شرعيّة ، فهم مقلّدون– فنتجاوز الأمر، ولهم أن يُقلّدوا في الأسهل رأي أحد العلماء الذين أخلصوادينهم لله–تعالى- لالمطامع ومكاسب وانحرافات وتزلّفات، رغبة في التيسيرعلى الناس، ولكن علينا أن ننبههم دائماً إلى الاستغفار. ( لانتقاء العامّة من المذاهب شروط يُرجع إلى مظانّها في كتب الفقه.)
الحكم في غير الفرائض:
قد يختلط الأمر، ونفهم أنّا مع المعسّرين، الذين يحوّلون– من عند أنفسهم– نوافل ومستحبات إلى فرائض يجبرون عليها الناس مردّدين قولا قديما: على المريد أن يكون بين يدي شيخه كالميت بين يديْ غاسله!(لا تعجبوافهم لايختلفون عن أتباع متراخين ينافحون عن آراء شيوخهم كأنّهالايأتيها الباطل. سامحوني، هم يرفضون القول بهذااللفظ، ولكنْ يتبعونه بالفعل! )
ليس للشيخ أن يتشدّد في صيام غير رمضان، وإنّما يذكّرالنوافل ترغيباً بالحسنات العظيمة التي يكافئ بها الله- تعالى- عباده الأتقياء. ولا أن يفرض على المرأة ما يزيد على الحدود المفروضة، ولهاوحدهاالحقّ في أن تزيد راجية رضاالله– تعالى-.
ثانياَ: التدرّج في تطبيق الأحكام الشرعيّة:
آ –الحكم الشرعي والتدرّج في تطبيقه:
كانت الخمرة حلالاً مع إشارات بكراهيّتها قبل نزول آيات التحريم الباتّة القاطعة. ويفيدنا مسلك التدرّج في تحريم الخمرة مثلاً في انتهاجه في الدعوة اليوم، ولكن لانستطيع أن ننتقل من هذا التدرج إلى تحليل الخمرة فهي حرام إلى الأبد. مضى زمان التشريع مع آخرآية نزلت من القرآن الكريم، ووفاته – صلّى الله عليه وسلّم-.
التدرّج في الدعوة واجب، وومن حكمتها ألانطلب منْ إنسان تطبيق حكم شرعيّ قبل أن يؤمن،وترسخ عقيدته. وبعدها ليس لحكمة التشريع عمل سوى في اطمئنان القلب.
إنّّ لوسائل الإعلام الإسلاميّة!! اتخاذ كلّ وسيلة ترى فيها من الحكمة أن تتدرّج في الحديث عن الأحكام الشرعيّة، فليس ضرورياً مثلاً أن تذكرالآراء المختلفة في تغطية وجه المرأة، ولكن فلتحذر مثلاً من القطع في الأخذ بأحد الرأيين.
ب – على وسائل الإعلام الإسلاميّة!! أن تميّز في طلب التدرّج في تطبيق الحكم الشرعيّ بين عامليها والمدعوّين إلى الإسلام. قلنا : عاملوها دعاة.
إنّ العاملين في وسائل الإعلام الإسلاميّة!! دعاة يطبّق عليهم المطلوب من الداعية نفسه، ولكن المشكلة أن صورة العاملين في الرائي ( التليفزيون ) مثلاً عند العامّة لا تسمح لهم أن يطلبوا منه الالتزام الشرعيّ كما يلتزم الداعية عادة.
إن المهمة الأولى لوسائل الإعلام الإسلاميّة!! أن يكون العاملون فيها مثالاً يحتذيه الناس.
المطلوب من العاملين أن يلتزموا بالإسلام بكل أبعاده: التقوى والالتزام والحكمة والموعظة الحسنة وحسن العشرة والكلام المهذّب وحسن المظهر، و لكنّ الواقع أنّ هناك مبالغة وشططاً، فكم من داع يتحوّل في الرائي ( التليفزيون ) مثلاً إلى ممثل لا تختلف صورته عمّا يراه الناس في الرائي والراني ( التليفزيون والسينما ) مثلاً، في ملابسه وحركاته لتكون وسيلته في الدعوة إلى الله!! وتخترع المرأة التي يسمّونها داعية من ملابس تبتكرها( مؤسسات الأزياء ) فيها التزام بسترلون العورة، واختراع وسائل ملفتة للنظر في إبداء شكل العورة، وإضافة كل ما يثير، ولا تكتفي بالبعد عن القسوة في كلامها، بل تتعدّاه إلى تغنّج ودلال لجذب الذين تدعوهم إلى الله!!
المشكلة: أن مشائخ الاعتدال يغضّون الطرف عن كلّ ما يجري في وسائل الإعلام الإسلاميّة!! ، بل قد يشاركون فيه، كلّ ذلك في مصلحة الدعوة!!
ملحق: - الفقه الميسّر
- الفقه الميسّر، من معانيه أن يعرض عرضاً ميسّراً للمبتدئين من طلبة العلم، أو للعامّة من الناس.
وفيه نقاش لجانب علميّ: أيلتزم كاتب الفقه الميسّر بالموضوعيّة العلميّة أم يعرضه عرضاً
يلائم حال قارئيه، وإذا عرض لنصّ فهل يأتي به للاستدلال، أم للاستئناس؟!
وعلى الله قصد السبيل