نور الايمان
11-15-2010, 07:30 PM
بســــم اللـــــه الرحمـــــن الرحيـــــــم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم على الحبيب المصطفى وعلى الـه وصحبـه أجمعين
وفديناه بذبح عظيم
للكاتب : متنوع
الأنبياء والرسل هم صفوة الخلق، اصطفاهم ربناجل وعلا وجعلهم في موضع الأسوة والقدوة،
ومن الأنبياء الذين تكرر ذكرهم في القرآن نبي الله إبراهيم عليه السلام، فهو أبو الأنبياء، وإمام الحنفاء، وخليل الرحمن،
وقد ذكر الله لنا أحواله ومواقفه في كتابه، من دعوته إلى التوحيد والحنيفية، ومواجهة قومه، وملاقاته في سبيل ذلك صنوف الأذى والإعراض، وإعلان براءته من الشرك وأهله ولوكان أقرب الأقربين، حتى وصفه ربه جلَّ وعلا بقوله:
{..وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم:37]،
وبقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل:120].
وكثيرة هي الأحداث في حياة نبي الله إبراهيم، والتي هي محل للعظة والاقتداء، ولنا وقفة مع حدث من هذه الأحداث، يتمثل في ثباته في الابتلاء، وكمال تسليمه وانقياده لأوامر الله جل وعلا.
فما أن انتهى أمره مع أبيه وقومه، بعد أن ألقوه في الجحيم، ونجاه الله من كيدهم، حتى استقبل مرحلة أخرى، وفتح صفحة جديدة من صفحات الابتلاء، فخرج مهاجراً إلى ربه تاركاً وراءه كل شيء من ماضي حياته، أباه وقومه وأهله وبيته ووطنه، فأسلم وجهه لربه، وهو على يقين بأنّه سيهديه ويسدد خطاه
{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات:99].
وكان إبراهيم وحيداً لا ذرية له، فتوجه إلى ربه يسأله الذرية المؤمنة والخلف الصالح:
{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات:100]،
فاستجاب الله دعاء عبده وخليله، وبشره بغلام حليم هو إسماعيل عليه السلام.
ولنا أن نتصور هذا الشيخ الكبير الوحيد المهاجر، الذي ترك أهله وعشيرته، كيف ستكون فرحته بهذا الولد؟ وقد جاءه على كبرسنة، وانقطاعه عن الأهل والعشيرة.
ولم يلبث الولد أن شبَّ وكبر، وفي كل يوم يزداد تعلق قلب الوالد به، حتى بلغ معه السعي فصار يرافقه في شؤونه، ويعينه على مصالح الحياة، ولم يكد يأنس به، ويؤمل فيه، حتى رأى الوالد في منامه أنّه يذبح ولده، وهنا جاء الامتحان والابتلاء (المبين) الواضح كما سماه الله.
فماأعظمه من أمر، وما أشقه على نفس الوالد، فهو لم يُطلَب منه أن يرسل بابنه الوحيد إلى ساحات القتال، ولم يُطْلب منه أن يكلفه أمراً تنتهي به حياته،
إنّما طُلِب منهأن يتولى هو ذبحه بيده، ومع ذلك لم يتردد ولم يتروَّ في الأمر، بل تلقاه بكل رضى وتسليم، ولبى من غير تردد، واستسلم من غير جزع ولا اضطراب.
وأقبل على ولده يعرض عليه هذا الأمر العظيم، ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وليستجيب طاعةً لله، واستسلاماً لأمره، فينال الأجر والمثوبة، فما كان من أمر الغلام إلاّ أن قال:
{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات:102].
فدنت ساعة التنفيذ، ومضى إبراهيم ليكب ابنه على جبينه استعداداً، والغلام مستسلم لا يتحرك امتثالاً للأمر، وأسلما جميعاً أمرهما لله بكل ثقة وطمأنينة ورضى وتسليم
{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات:103]،
ولم يبق إلاّ أن يُذبح إسماعيل، ويسيل دمه.
وهنا كان الوالد والولد قد أديا الأمر، وحققا التكليف،
والله لا يريدأن يعذب عباده بابتلائهم، وإنّما يريد أن يختبر صبرهم وإيمانهم ويقينهم،
ولما كان الابتلاء قد تم، ونتائجه قد ظهرت، وغاياته قد تحققت، وحصل مقصود الرؤيا، جاء النداءالرباني:
{..أَنْ يَا إِبْرَاهِيم ُ(104) قَدْ صَدَّقْتَالرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِي(105) إِنَّ هَذَا لَهُوَالْبَلَاء الْمُبِينُ} [الصافات: 104- 106].
ولأنّ إبراهيم جاد بأعزشيء لله عز وجل، فقد عوضه الله فداء عظيماً لابنه، وأبقى ذكره في العالمين، وبشره بإسحاق نبياً من الصالحين،
{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} [الصافات: 107- 108].
ومضت بذلك الأضحية، سنة باقية في العالمين، يقتدى فيها بالخليل إلى يوم الدين، وخلَّد الله ذكرى هذه الحادثة العظيمة في كتابه، لبيان حقيقة الإيمان،وأثر الطاعة، وكمال التسليم، ولتعرف الأمة حقيقة أبيها إبراهيم الذي تتبع ملته،وترث نسبه وعقيدته، ولتعلم أنّ الإسلام هو دين الرسل جميعاً، وأنّ حقيقته إنّما هي الاستسلام لأوامر الله، بدون تردد أو تلكؤ، ولو كانت على خلاف مراد النفس وأهوائها.
وليوقن العبد أنّ الله لا يريد أن يعذبه بالابتلاء، ولا أن يؤذيه بالبلاء، وإنّما يريد منه أن يأتيه طائعاً ملبياً، لا يتألى عليه، ولا يقدم بين يديه، فإذا عرف منه الصدق، أعفاه من الآلام والتضحيات، واحتسبها كما لو أداها،وأكرمه كما أكرم أباه إبراهيم من قبل.
الشبكةالإسلامية
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
و بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم على الحبيب المصطفى وعلى الـه وصحبـه أجمعين
وفديناه بذبح عظيم
للكاتب : متنوع
الأنبياء والرسل هم صفوة الخلق، اصطفاهم ربناجل وعلا وجعلهم في موضع الأسوة والقدوة،
ومن الأنبياء الذين تكرر ذكرهم في القرآن نبي الله إبراهيم عليه السلام، فهو أبو الأنبياء، وإمام الحنفاء، وخليل الرحمن،
وقد ذكر الله لنا أحواله ومواقفه في كتابه، من دعوته إلى التوحيد والحنيفية، ومواجهة قومه، وملاقاته في سبيل ذلك صنوف الأذى والإعراض، وإعلان براءته من الشرك وأهله ولوكان أقرب الأقربين، حتى وصفه ربه جلَّ وعلا بقوله:
{..وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم:37]،
وبقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل:120].
وكثيرة هي الأحداث في حياة نبي الله إبراهيم، والتي هي محل للعظة والاقتداء، ولنا وقفة مع حدث من هذه الأحداث، يتمثل في ثباته في الابتلاء، وكمال تسليمه وانقياده لأوامر الله جل وعلا.
فما أن انتهى أمره مع أبيه وقومه، بعد أن ألقوه في الجحيم، ونجاه الله من كيدهم، حتى استقبل مرحلة أخرى، وفتح صفحة جديدة من صفحات الابتلاء، فخرج مهاجراً إلى ربه تاركاً وراءه كل شيء من ماضي حياته، أباه وقومه وأهله وبيته ووطنه، فأسلم وجهه لربه، وهو على يقين بأنّه سيهديه ويسدد خطاه
{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات:99].
وكان إبراهيم وحيداً لا ذرية له، فتوجه إلى ربه يسأله الذرية المؤمنة والخلف الصالح:
{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات:100]،
فاستجاب الله دعاء عبده وخليله، وبشره بغلام حليم هو إسماعيل عليه السلام.
ولنا أن نتصور هذا الشيخ الكبير الوحيد المهاجر، الذي ترك أهله وعشيرته، كيف ستكون فرحته بهذا الولد؟ وقد جاءه على كبرسنة، وانقطاعه عن الأهل والعشيرة.
ولم يلبث الولد أن شبَّ وكبر، وفي كل يوم يزداد تعلق قلب الوالد به، حتى بلغ معه السعي فصار يرافقه في شؤونه، ويعينه على مصالح الحياة، ولم يكد يأنس به، ويؤمل فيه، حتى رأى الوالد في منامه أنّه يذبح ولده، وهنا جاء الامتحان والابتلاء (المبين) الواضح كما سماه الله.
فماأعظمه من أمر، وما أشقه على نفس الوالد، فهو لم يُطلَب منه أن يرسل بابنه الوحيد إلى ساحات القتال، ولم يُطْلب منه أن يكلفه أمراً تنتهي به حياته،
إنّما طُلِب منهأن يتولى هو ذبحه بيده، ومع ذلك لم يتردد ولم يتروَّ في الأمر، بل تلقاه بكل رضى وتسليم، ولبى من غير تردد، واستسلم من غير جزع ولا اضطراب.
وأقبل على ولده يعرض عليه هذا الأمر العظيم، ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وجلده، وليستجيب طاعةً لله، واستسلاماً لأمره، فينال الأجر والمثوبة، فما كان من أمر الغلام إلاّ أن قال:
{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات:102].
فدنت ساعة التنفيذ، ومضى إبراهيم ليكب ابنه على جبينه استعداداً، والغلام مستسلم لا يتحرك امتثالاً للأمر، وأسلما جميعاً أمرهما لله بكل ثقة وطمأنينة ورضى وتسليم
{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات:103]،
ولم يبق إلاّ أن يُذبح إسماعيل، ويسيل دمه.
وهنا كان الوالد والولد قد أديا الأمر، وحققا التكليف،
والله لا يريدأن يعذب عباده بابتلائهم، وإنّما يريد أن يختبر صبرهم وإيمانهم ويقينهم،
ولما كان الابتلاء قد تم، ونتائجه قد ظهرت، وغاياته قد تحققت، وحصل مقصود الرؤيا، جاء النداءالرباني:
{..أَنْ يَا إِبْرَاهِيم ُ(104) قَدْ صَدَّقْتَالرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِي(105) إِنَّ هَذَا لَهُوَالْبَلَاء الْمُبِينُ} [الصافات: 104- 106].
ولأنّ إبراهيم جاد بأعزشيء لله عز وجل، فقد عوضه الله فداء عظيماً لابنه، وأبقى ذكره في العالمين، وبشره بإسحاق نبياً من الصالحين،
{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} [الصافات: 107- 108].
ومضت بذلك الأضحية، سنة باقية في العالمين، يقتدى فيها بالخليل إلى يوم الدين، وخلَّد الله ذكرى هذه الحادثة العظيمة في كتابه، لبيان حقيقة الإيمان،وأثر الطاعة، وكمال التسليم، ولتعرف الأمة حقيقة أبيها إبراهيم الذي تتبع ملته،وترث نسبه وعقيدته، ولتعلم أنّ الإسلام هو دين الرسل جميعاً، وأنّ حقيقته إنّما هي الاستسلام لأوامر الله، بدون تردد أو تلكؤ، ولو كانت على خلاف مراد النفس وأهوائها.
وليوقن العبد أنّ الله لا يريد أن يعذبه بالابتلاء، ولا أن يؤذيه بالبلاء، وإنّما يريد منه أن يأتيه طائعاً ملبياً، لا يتألى عليه، ولا يقدم بين يديه، فإذا عرف منه الصدق، أعفاه من الآلام والتضحيات، واحتسبها كما لو أداها،وأكرمه كما أكرم أباه إبراهيم من قبل.
الشبكةالإسلامية
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
و بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد