المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إضاءات من حديث (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله )



مشعل المطيري
11-05-2010, 09:58 PM
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " متفق عليه .

* التعريف بالراوي :

هو الصحابي الجليل ، سيد الحفاظ الأثبات ، أبو هريرة رضي الله عنه ، اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال كثيرة ، أرجحها أنه : عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، أسلم عام خيبر ، أول سنة سبع . قال الذهبي : ( حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، لم يلحق في كثرته )
ولم يرو أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منه ، لملازمته له ، فقد بلغت مروياته 5374 حديثاً .


* الأحكام والتوجيهات :

1- من فضل الله سبحانه وتعالى أن جعل بعض الأعمال ينال صاحبها جزاء خاصاً ، لتميزه بهذا العمل ، وهذا فيه حث وترغيب في أمور كثيرة من الخير .

وهنا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم جزاء هؤلاء السبعة الذين تميز كل منهم بميزة خاصة ، وذكر هذا الفضل في أحاديث أخرى لغير هؤلاء السبعة ، مثل : الغازي في سبيل الله ، والذي ينظر المعسر ، ومعين الغارم ، وكثير الخطى إلى المساجد ، وغيرهم ، مما جعل أهل العلم يقولون أن العدد المذكور لا مفهوم له ، فلا يراد به الحصر .
وقد تتبع الحافظ ابن حجر رحمه الله تلك الخصال ، وأفرادها في كتاب اسمه: ( معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال ) .


2- ذكر الرجال في هذا الحديث لا مفهوم له أيضاً ، إذ تدخل النساء معهم فيما ذكر إلا في موضعين ، هما :

أ‌- الولاية العظمى والقضاء ، فالمرأة لا تلي المسلمين ولاية عامة ، ولا تكون قاضية ، لكن ينطبق عليها العدل فيما تصح به ولايتها ، كمديرة المدرسة ، ونحوها .

ب‌- ملازمة المسجد ، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من المسد . وباقي الخصال تدخل فيها المرأة .



3- لقد عظم الشرع أمر العدل ، سواء كان في الولاية العظمى ، أو فيما دونها من الولايات ، حتى في أمور الإنسان الأسرية ، كالعدل بين الزوجات ، والعدل بين الأولاد ، وغير ذلك ، قال تعالى : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم ) وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " وقال تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) ، وقال صلى الله عليه وسلم " إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )

وذكر الإمام العادل في أول الخصال لعظم أمر الإمامة والعدل فيها .


4- مرحلة الشباب من أهم مراحل العمر ، تقوى فيها العزيمة ، وتكثر الآراء ، وتمتلئ بالحيوية والنشاط ، ولهذا من سلك منهج الله في شبابه ، وغالب هواه ونزواته ، استحق تلك الدرجة العالية المذكورة في الحديث ، وما يعين الشباب على تحقيق هذه الخصلة :

‌أ- طلب العلم والانشغال به .

‌ب- تعويد النفس على استغلال الوقت بشتى الوسائل ، كبر الوالدين ، وقضاء حوائجهما ، وقراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسيرة السلف الصالح .

‌ج- مصادقة الصالحين المستقيمين على منهج الله تعالى .

‌د- محاولة استغلال فرصة الشباب بحفظ كتاب الله تعالى أو شيء منه .



5- المساجد بيوت الله ، ومكان أداء العبادة المفروضة ، وأنواع من العبادات المستحبة ، وميدان العلم والتعلم ، والمذاكرة والمناصحة ، وكلها أعمال جليلة، يستحق الملازم لها ذلك الثواب العظيم ، بالإضافة إلى أن المتعلق بالمسجد بعيد عن رؤية المنكرات ، وقريب من الله سبحانه وتعالى ، فيصفو قلبه ، وتنجلي همومه وأكداره ، ويعيش في روضة من رياض الجنة ، وبذلك تكفر سيئاته ، وتكثر حسناته .

والتعلق بالمساجد لا يعني الجلوس فيها جميع الأوقات ، بل وقت دون وقت ، لكن إذا خرج منها فإنه يحب الرجوع إليها ، وإذا جلس فيها أنس واطمأن وارتاحت نفسه .



6- العلاقات بين الناس قائمة على أسس متعددة من مصالح مادية ، وقرابة ، وشراكة مالية ، وتجانس خلقي ، ونحوها ، والإسلام يشجع قوة الترابط بين المسلمين على أساس من المحبة في الله ، والقاسم المشترك فيها طاعة الله تعالى ، ونصوص الكتاب والسنة تركز على هذا الجانب ، يقول تعالى : (إنما المؤمنون إخوة )، ويقول تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أوثق عري الإيمان : الحب في الله . والبغض في الله )



7- للنفس البشرية رغبات وشهوات ، وجه الإسلام لإشباعها بمنهج ثابت معلوم ، والشيطان حريص على أن يميل الإنسان مع شهواته ويتبعها حتى يشاركه في الغي والضلال ، ومما يميل إليه الرجل المرأة ، فإن اتصفت بصفات الجمال والمنصب والحسب والشرف ، كان إليها أكثر ميلاً ، فإذا ما كانت الدعوة موجهة منها ، مع الأمن من الخوف تساقت إليها نفس الرجل أكثر ، وهنا يظهر داعي الإيمان عند المؤمن الصادق ، فيقول : إني أخاف الله ، فإذا قالها بلسان وصدقها عمله ، نال جزاءه العظيم المذكور في الحديث ، وهكذا يريد الإسلام بأن يكون الرجال والنساء أعفاء شرفاء ، بعيدين عن الفواحش والآثام والمحرمات ، يراقبون الله سراً وعلانية .

قال الشاعر :
وإذا خلوت ريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني



8- الصدقة مبدأ عظيم ، وفضلها جسيم ، وثمارها يانعة ، في الدنيا والآخرة ، لا تحصى النصوص في بيان فضلها وثوابها ، ومضاعفة الأجر لصاحبها ، وقربه من الجنةورضا الله ، وحجبه عن النار ، يقول الله تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ).
والصدقة فاضلة سراً وعلانية ، يقول تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير ).

والأفضل في إظهار الصدقة أو إخفائها يختلف باختلاف الأحوال ، فإن كان في إظهارها مصلحة فهو أفضل ، وإلا فإخفاؤها أفضل فرضاً ونفلاً.



9- ذكر الله تعالى من أفضل الأعمال ، ومن أيسرها ، فقيه ثناء على الله ، وتمجيد ، وحمد ، وشكر له بما هو أهله ، واعتراف بالتقصير تجاهه ، وإذا كان هذا الثناء والذكر بعيداً عن أعين الناس ، وأثر في صاحبه خوفاً وخشية دمعت منها عيناه ، أثابه الله تعالى على هذا الذكر الصادق الخالص بأن يظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .



10- مما أفاده الحديث : إخلاص العبادة لله جل وعلا ، فالأمر الجامع بين العمال المذكورة في الحديث إخلاصها لله سبحانه وتعالى ، وتجريدها عن المقاصد الأخرى .


11- ومن الأمور الجامعة بين هذه الصفات أيضاً : الصبر والتحمل ، ولا شك أن طاعة الله تعالى وتنفيذ أوامره تحتاج إلى صبر ومصابرة ، لأن فيها معارضة للشيطان والنفس والهوى ، فإذا جاهدهم وانتصر عليهم استحق الجزاء الأوفى.



12- مما يرشدنا إليه الحديث أيضاً : أن يحرص المؤمن على أن يوجد له عملاً خفياً لا يعلم عنه أحد من الناس ، ليكون أبعد عن الرياء ، وليتعود الإخلاص، فإن هذا مما يزيد ممارسته لتلك الأعمال الجليلة .



الكاتب / علي بن عبدالعزيز الراجحي .


دمتم في رعاية الله وحفظه ..

الصريح
11-05-2010, 10:04 PM
اسال الله ان يجعلك من هؤلاء السبعه
كل الشكر لك على هذا النقل المميز

المسك
11-05-2010, 10:13 PM
الله يجعلك منهم يارب يارحيم اخوي مشعل


تدري اول مره ادقق بهالحديث اعوذ بالله ..


عاد قبل فتره رفيجتي حثتني اني احفظ الاربعون النوويه

بس اعوذ بالله التهيت ... وانشغلت ...من هالشيطان اعوذ بالله منه ..

والله يريح قلبك بالدنيا والاخره

ويحسن خاتمتك وخاتمه جميع المسلمين يااااارب ياكريم

ياارحم الراحمين يارب

مشعل المطيري
11-05-2010, 10:16 PM
اسال الله ان يجعلك من هؤلاء السبعه
كل الشكر لك على هذا النقل المميز


اللهم آمين .. جزاك الله خير ..

أن يجعلك منهم كذلك .. فهذي ليست من الأعمال الصعبة والمستحيله ..

مشعل المطيري
11-05-2010, 10:18 PM
الله يجعلك منهم يارب يارحيم اخوي مشعل


تدري اول مره ادقق بهالحديث اعوذ بالله ..


عاد قبل فتره رفيجتي حثتني اني احفظ الاربعون النوويه

بس اعوذ بالله التهيت ... وانشغلت ...من هالشيطان اعوذ بالله منه ..

والله يريح قلبك بالدنيا والاخره

ويحسن خاتمتك وخاتمه جميع المسلمين يااااارب ياكريم

ياارحم الراحمين يارب

وهو شنو يشغلنا غير الغفلة الله المستعان ..

هنيأً لكِ الصديقة الوفية .. التي تعينك على فعل الخير ..

شاكر مرورك إختي وردة .. وجزاك الله خيراً ..

وأسأل الله أن يجعلك ممن يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ..

همس الرووح
11-10-2010, 04:29 PM
http://forum.moalem.net/file/2010/11/26.gif

مشعل المطيري
11-10-2010, 10:20 PM
http://forum.moalem.net/file/2010/11/26.gif

أسعدني مرورك وبارك الله فيك ..

الرواسي
11-11-2010, 10:19 PM
أستاذي الفاضل .. مشعل .. أولا اهنئك على ما اخترت وانتقيت .. فسبحان الله .. هذا الحديث فيه من العظمة والروعة .. ما قد يبعد عن أذهان بعض الناس فأمر الظلال عظيم جدا ، ولمن يمنح ولأي الابتلاءات .. ؟
فالإمام العادل .. ابتلاء في قوة وسيطرة الملك .. والنشأة في عبادة الله .. ابتلاء في ريعان الشباب وعنفوانه .. فأغلب الشباب يغتر بعمره وصغر سنه .. وكأن الموت ينتظر ،، رجل تعلق قلبه بالمساجد .. ابتلاء في مرحلة الرجولة .. فأغلب من نراهم في هذا الوقت منشغلون إما في انتخابات أو أسهم بورصة .. أو علاقات اجتماعية ومراكز علمية .. فأي ابتلاء .. ؟؟ .. والحب فالله .. في زمن المصالح .. ؟؟ .. وابتلاء في فتنة الدنيا .. بل وأشد الفتن .. " النساء " .. وابتلاء في شر النفوس الأمارة بالسوء .. ومدى توازن حبها لزينة الحياة الدنيا "المال " والظل الظليل .. وابتلاء الخلوات .. وذكر الله فيها ..
ولست هنا بصدد النظرة السلبية بقدر تسليط الضوء على أهمية هذا الظل والشمس على بعد ميل أو أقل .. ومدى ارتباط أهميته بفتن هذه الدنيا .. نسأل الله العافية .. ونحن كنا ولا زلنا ونظل نحسن الظن بالله سبحانه .. ونسأل الله أن لا يغرنا طول الأمد والأمل .. ذكرتني بشريط للشيخ سعيد بن مسفر بعنوان الأماني والمنون .. شريط فعلا رائع ..
المطيري .. أعتذر للإطالة .. أهنئك مرة أخرى على حسن الاختيار .. بارك الله فيك .. ونفع بك .. تقبل مروري وعذري عن أطالتي .. الرواسي ..