المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لغتنا الجميلة - د موسى



د موسى
03-22-2010, 08:16 PM
لغتنا الجميلة .. تش
كو إلى الله هجرها
حوار مع موقع وزارة ا
لأوقاف الكويتية .
إن الناظر إلى أحوال أمتنا يجد البون شاسعاً بينه وبين لغته الجميلة، فإن ظاهرة الضعف في اللغة العربية أصبحت عامة على كل المستويات والقطاعات، مما يزيد النفوس ألماً واعتصاراً على أحوالنا الثقافية ولا شك أنَّ الأمر قد زاد حتى صار ظاهرة ألقت بظلالها على قطاعات كبيرة ومجالات عديدة في حياتنا اليومية عند استخدام أفراد المجتمع للغته العربية تحدثاً و كتابة و قراءة واستعمالاً، حتى صارت هناك قنوات فضائية في بلاد العرب من أهم أهدافها محاربة اللغة العربية ..حول تشخيص الداء ووصف الدواء لضعف اللغة العربية نلتقي الدكتور/ موسى علي موسى، الباحث الأكاديمي بالمركز العالمي للوسطية بدولة الكويت، وصاحب خبرة في تعليم اللغة العربية لنقف معه عدة وقفات حول هذا الموضوع ...
•بداية فضيلة الدكتور من المعروف أن اللغة هي أداة الناس للتواصل والتفاهم، والناظر في مجتمعنا العربي يجد لغات أخرى طغت حتى صارت في استعمالها أسهل، فما الإشكال في أن يستخدم العربي لغة أخرى للتواصل والتفاهم والحوار مع الناس ؟الحمدُ لله الذي شرَّف الناطقين بالعربية فأنزلَ عليهم كتاباً عربياً غيرَ ذي عِوَج ، وأرسلَ إليهم رسولاً عربياً مؤيداً بالبراهين والحُجَج وبعد ... ، أقول ، وبالله التوفيق إن مسألة اللغة العربية وما آلت إليه قد سببت أرقا وهمًّا للمهتمين باللغة العربية والغيورين عليها، مما جعلهم يفكرون في هذه الظاهرة ، ويتحدثون في أنديتهم وملتقياتهم عنها، وعن أسبابها وآثارها ويحاولون إيجاد الحلول وطرق العلاج المناسبة لهذه الظاهرة الخطيرة .
لقد عرف السابقون من أسلافنا أهمية لغتنا العربية فاهتموا بها واعتنوا بتعلمها وتعليمها ونشرها واستخدامها، بل وقف العديد من غير أهلها على أهميتها وسجلوا إعجابهم بها وتقديرهم لها ومن هؤلاء مستشرقون، نقل الأستاذ أنور الجندي الكثير من شهاداتهم للغة العربية في كتابه الرائع " الفصحى لغة القرآن ".
ولكن لما فشت ظاهرة التغريب في مجتمعاتنا وهجر الكثيرون من أبناء العربية عربيتهم الجميلة في أحاديثهم وتواصلهم ، واستعملوا غيرها من اللغات، فلعلَّ الواقع الذي نعيشه خير رد وجواب على أثر ذلك الشيء، واستسهال البعض بهذا الأمر الخطير مما أدى إلى غياب وأحيانا ضياع الهوية والاستقلالية لشخصية الإنسان العربي في ثقافته ورأيه وفكره وقراره وطريقة حياته وتعايشه مع الآخرين .
ويَحْسُنُ بنا أن نذكِّر بأن اعتياد اللغة يؤثر في العقلِ والخلقِ والدينِ تأثيرا قويّا بيّناً ، ويؤثر أيضا في مشابهةِ صدرِ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقلَ والدينَ والخلقَ ، كما أن اللغة العربية لها أهمية كبرى ، وصلة عظمى بكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وعليها يقوم فهم النص الشرعي ، واستنباط الحكم منه . وتظهر أهمية اللغة العربية في عصمة اللسان من الخطأ في كتاب الله تعالى قراءة وفهما وتدبرا واستنباطا، وعصمته كذلك من الخطأ في لغة التخاطب والحوار ، وعصمة صاحبه من الخطأ في لغة الكتابة، ولهذا ذكر علماؤنا أن اللغة العربية من الدِّين، وأن تعلمها فرض؛ لأن فهم نصوص الكتاب والسنة فرض، ولا يتم إلا باللغة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كما ذكروا أن من اللغة ما يكون تعلُّمه فرضَ عينٍ، ومنها ما يكونُ تعلُّمه فرضَ كفاية.
•وماذا عن أهم مظاهر الضعف في اللغة العربية لدى أبنائها من وجهة نظركم ؟إذا أردنا رصد مظاهر الضعف فلنسمع إلى متحدث أو قارئ باللغة العربية ، أو لنقرأ إلى ما يكتبه البعض ، فسوف تتجلى مظاهر الضعف في اللغة العربية لدى المتحدثين بها وذلك من خلال : عدم النطق السليم للحروف ، والخطأ في قراءة الحروف من مخرجها الصحيح ، وقلب الحروف وخلطها خاصة المتشابهة منها، وبطء القراءة وعدم وصل الكلمات في الجمل ، والقراءة المتقطعة غير المفيدة وترك كلمات دون قراءة ، وعدم مراعاة الضبط والخلط في الحركات .
كما يظهر ذلك في تغليب اللغة العامية أو اللهجة الدارجة في الأحاديث والمجالس ووسائل الإعلام المختلفة، وتكرار الجمل في الموضوع الواحد، وعدم التسلسل والترتيب في صياغة الموضوعات والمقالات.
كما يظهر الضعف في الكتابة من خلال : الخلط بين الحروف المتشابهة ، ونقص الكلمات وحذف حروف منها ، والكتابة كذلك باللهجات العامية ، وكثرة الأخطاء الإملائية والنحوية فيما يكتبه الكثيرون في كتاباتهم ومجلاتهم ومصنفاتهم .
•لهذا الضعف الذي صارت إليه اللغة العربية أسباب، ترى ما أهم هذه الأسباب فضيلة الدكتور ؟لا شك إن هناك أسباباً حقيقية وراء إحساس البعض بصعوبة استخدام اللغة العربية أو حتى تعلمها ، ولا سيما قواعد اللغة العربية ومن ذلك :
1. جهل الناس باللغة وعلومها وقواعدها، وقد قيل : الإنسان عدو ما يجهل .
2. الفصل بين اللغة وبين حياة الناس وواقعهم، وتغليب اللهجة المحلية عليها.
3. عدم تقدير أهمية اللغة وعلاقة ذلك بالعلوم الشرعية .
4. ضعف الهمة في طلب العلم بصفة عامة وفي علم اللغة العربية بصفة خاصة .
5. بعض طرائق تعليم اللغة العربية التقليدية، وعدم الإبداع والابتكار لطرائق جديدة جذابة ومشوقة، والتنوع في استخدام المرغبات والوسائل التعليمية والتقنيات الحديثة في طريقة التعليم.
6. عدم التنبه الكافي للظاهرة ومعرفة حجم المشكلة وأثرها والتفكير في إيجاد حلول عملية لها .
7. غياب الوعي القرائي وأهمية القراءة وأثر ذلك في العملية التعليمية كلها وعدم معرفة أثر الضعف في اللغة العربية على المجالات الدراسية الأخرى .
8. استخدام اللهجة العامية في التعليم من قبل المعلم والمتعلم والمنزل ووسائل الإعلام المختلفة.
9. كثرة الشواغل والملهيات للمتعلم من حوله ، والتفنن في جذب المتعلمين إليها، مما يصرفه عن الدراسة والتحصيل .
10. إغفال دور المكتبة والوسائل والبرامج الحديثة الأخرى والاكتفاء في تعلم اللغة العربية على المناهج الدراسية .
•وماذا عن آثار الضعف في اللغة العربية في واقعنا ، سيما وأنتم صاحب ميدان في تدريس اللغة العربية ؟يقول الأستاذ الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي رحمه الله : " ما ذلّت لغة شعبٌ إلاّ ذلّ ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ ، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضا على الأمّة المستعمَرة ، ويُشعرهم عظمته فيها " .
وتعد اللغة جزءا أساسيا من شخصية أصحابها وهويتهم ، ولعل من المناسب الإشارة إلى أن أول كلام نوراني ، وأول توجيه رباني ، وأول أمر إلهي وُجِّهَ للنبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) هو قوله تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ سورة العلق: ١ ]
ولا شك أن هذا التوجيه الرباني ، وذلك الأمر الإلهي يشمل كل من آمن بهذا النبي العظيم واتبعه ؛ وذلك لأن بالقراءة يصل العبد إلى ربه وخالقه ويعرف نبيه ودينه وأحكامه، ويتصل بتاريخه وتراثه وبما حوله من العالم والثقافات والمعارف ، كما أنه سينمي شخصيته وعقله وفكره ، ويكون على دراية واطلاع بواقعه وعالمه الذي يعيش فيه ، كما أن ذلك يمكنه من مواكبة الواقع والاتصال والتواصل بالآخرين، وكذلك يمكنه من التعبير عن آرائه وأفكاره وتوصيل رؤيته ومواقفه للآخرين ، لا سيما في عالم أصبح الآن قرية صغيرة تداخلت فيها الثقافات ، وكثرت روافد المعرفة ومصادرها وتعددت ، ولا مجال فيه للمنعزل عنه معرفة واطلاعا ومواكبة .
فمن كان متعثرا أو ضعيفا في اللغة العربية فلا شك سيفوته كل هذا الخير .
·إذا شخصنا الداء وأسبابه فماذا عن أهم طرق مواجهة ظاهرة الضعف في اللغة العربية ؟
هناك بعض المقترحات لبعض طرق العلاج لمواجهة ظاهرة الضعف في اللغة العربية لعلها تكون مناسبة وممكنة التطبيق وعملية ومحددة قدر الإمكان .
وأود التنبيه إلى ضرورة التفكير بجدية والتحرك السريع بما نملكه من قدرات للتوعية بهذه الظاهرة ودراستها والتفكير فيها بشكل يلائم حجمها وخطورتها،ثم بعد ذلك نحشد كل الطاقات ونستخدم ما لدينا من إمكانيات لإيجاد حلول واقعية مناسبة مع مراعاة التدرج والمرحلية واستخدام طرائق علمية وتربوية مدروسة تخطيطا وتنفيذا .
ولعل من أهم طرق مواجهة هذه الظاهرة وعلاجها ما يأتي :
1. ضرورة التوعية بأهمية اللغة العربية ودورها في كل مناحي الحياة ، ولا سيما في مؤسساتنا التعليمية ، وفي كافة الوسائل والأجهزة الإعلامية .
2. الاستخدام الميسَّر للغة العربية الفصيحة المبسَّطة ، والابتعاد قدر الإمكان عن استخدام اللهجة العامية الدارجة ، لا سيما من قبل المتخصصين والمتحدثين في وسائل الإعلام وإظهار روعة اللغة وجمالياتها .
3. استخدام وسائل تعليمية وتقنيات حديثة وبرامج مساعدة ومنها القصص والكتب المصورة المعينة والمناسبة .
4. التشجيع على القراءة ، والتوعية بأهمية المكتبة والإقبال على إعداد البرامج المتنوعة التي تخدم علاج ظاهرة الضعف في اللغة العربية .
5. عمل بعض المسابقات المناسبة ، ورصد بعض الجوائز المكافآت للمتميزين في اللغة العربية بكل فروعها ومجالاتها . والله الموفق لكل خير .
وفي الختام نشكر باسمكم الدكتور / موسى علي موسى، الباحث الأكاديمي بالمركز العالمي للوسطية بدولة الكويت؛ على هذه الوقفات حول ظاهرة ضعف اللغة العربية بين أبنائها بين أسباب الضعف وطرق العلاج ، ونسأل الله العلي القدير أن يقيض لهذه الأمة أمر رشد، لتعود اللغة العربية كما كانت على لسان كل عربي، على كل المستويات وفي كل القطاعات ؛ لتعود معها العزة والكرامة والريادة لأمتنا الإسلامية والعربية، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام وسلم تسليماً كثيراً .