محب القلم
04-02-2009, 11:54 AM
منح الثقة للفتاة لا يمنع من الإشراف والتوجيه بالحسنى
د. عبدالملك بن إبراهيم الجندل
جريدة الوطن السعودية ـ الأربعاء 5/4/1430هـ
زرع الثقة في الأولاد خصلة إيجابية، تنشئهم على الاعتماد على أنفسهم، وتقوي الرقابة الذاتية لديهم، إلا أن البعض يريد حصر الثقة في الأبناء دون البنات، لأن تلك الفئة تصف الولد (عيبه في جيبه) فعند اقترافه للذنب لا يلحقه عيب، فالمجتمع سينسى زلته ويغفرها له، أما البنت عند هؤلاء وبناء على ثقافتهم وما يسمعون من قصص عن الفتيات المنحرفات، فهي لا تستحق الثقة ابتداء، فليست أهلاً لها، فتحاسب في أمور كثيرة كما في الملبس، والمنع من الرد على الهاتف، وحرمانها من اقتناء الهاتف الجوال، واستخدام الحاسب، والدخول في الإنترنت، والتسوق، والذهاب إلى المتنزهات، والشك في تصرفاتها، إلى غير ذلك من أمور يتم فيها التضييق عليها، وكل ذلك بحجة الخوف عليها.
وفي المقابل هناك آباء سمحوا لبناتهم بكل شيء، دون توجيه تربوي أو إشراف ومتابعة، ودون النظر في خطورة وعواقب تلك الحرية غير المنضبطة.
فعند اختلال (الثقة) لدى هذين الطرفين المتناقضين، سواء الخوف الزائد عن حده المانع للثقة، أو الحرية الكاملة غير المنضبطة، تحصل المشاكل، ومن ثم تنتج المآسي، ومن ذلك ما وردني في الرسالة الآتية:
في صباح أحد الأيام، رأيت قريباً لي عند مطعم للوجبات السريعة، فسلمتُ عليه، ولاحظت أن في سيارته امرأة، فسألته: سلامات، من معك بالسيارة؟ فارتبك وقال: أمي، سأذهب بها للمستشفى، فشككت في كلامه بعد أن لاحظت ارتباكه وتوتره، ثم اتجهت للسيارة، فسلمت على المرأة، فلم ترد، فزال الشك وثبت اليقين بأن في الأمر شيئاً، فركبت السيارة، ثم لحقني قريبي، فصرنا ثلاثتنا في السيارة.
فانهار الشاب وقال: استر علي، الله يستر عليك، وتكلمت الفتاة: آخر مرة، استر علينا، وبعد حوار قصير، أخذت حقيبة الفتاة، فماذا وجدت فيها؟ كتباً جامعية، فهي تدرس في الجامعة، وجهازي هاتف جوال، أحدهما الهاتف الخاص بها، ذو نوعية غالية، والآخر رخيص الثمن وبه شريحة جوال، تبين أنها شريحة (تعبئة)، واستعرضت رسائل الجوالين، فالأول: رسائل محترمة، أما الجوال الآخر (أبوالبلايا): فرسائل حب وغرام وهيام، وكلاً يسميها باسم مختلف عن الآخر، حيث تقمصت عدداً من الأسماء.
والطامة الكبرى: وجدت ورقتين رسميتين فارغتين، ومختومتين، الأولى ورقة مراجعة مستشفى، والثانية تقرير الإجازة الطبية، وذلك لإعطائه الجامعة من أجل غياب هذا اليوم، الذي خرجت فيه مع هذا الشاب!!
يقول: صدمت وصعقت من هذا الترتيب والاستعداد (الرهيب) والجرأة من الشاب والفتاة.
وحرت في أمري: ماذا أفعل؟ فأخبرتهم بوجوب إخبار أهلهما، إلا أني تراجعت وقررت السماح والعفو والستر، وذلك بعد إلحاح الاثنين ودعائهما وتوسلهما، مع العهود والمواثيق بعدم التكرار، وما صاحب ذلك من عبرات وزفرات ونشيج وبكاء ودموع، إضافة أن والد قريبي يرقد بالمستشفى بعد إصابته بجلطة مؤخراً، وخفت أن أضيف عليه مصيبة أخرى قد تؤدي بصحته إلى الأسوأ، ولم أرد فضح الشاب فهو أكبر إخوانه ويعتبر قدوتهم، أما الفتاة فوالدها مسافر خارج المملكة.
وبعد.. من أجل حياة مستقبلية سعيدة، لابد من تنشئة تربوية مستقيمة، تربية تقوم على الحوار والإقناع، وليس التحقيق والإجبار، ومخاطبة البنت بعقلها لا بعقل الوالد، وتنمية الرقابة الذاتية والخوف من الله، ووجوب أن تشعر الفتاة بالإشباع العاطفي الأسري، بدلا من البحث عنه عند البعض الذئاب البشرية، مع إعطاء الفتاة الثقة الكاملة، حسب عمرها، فالفتاة في المرحلة الابتدائية، ليست مثل فتاة الجامعة وهكذا، ومنح الثقة لا يمنع من الإشراف والتوجيه بالحسنى، وتبقى الثقة بقدر محافظة الفتاة عليها، لأن التربية المبنية على القسر والإكراه، أو ما أريكم إلا ما أرى، أو التحجير والكبت، تفيد ظاهراً ووقتياً أمام المربي، ولن تقتنع بها الفتاة وتطبقها في حياتها المستقبلية.
ونقطة أخيرة. أين دور الجامعة في إبلاغ ولي الأمر بتغيب ابنته، خصوصاً مع توفر التقنية الحديثة، سواء عن طريق الجوال، أو الإنترنت.
نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل سوء، وأن يكونوا لبنة صالحة في وطنهم.
المصدر: http://www.alwatan.com.sa/news/ad2.asp?issueno=3106&id=4076
د. عبدالملك بن إبراهيم الجندل
جريدة الوطن السعودية ـ الأربعاء 5/4/1430هـ
زرع الثقة في الأولاد خصلة إيجابية، تنشئهم على الاعتماد على أنفسهم، وتقوي الرقابة الذاتية لديهم، إلا أن البعض يريد حصر الثقة في الأبناء دون البنات، لأن تلك الفئة تصف الولد (عيبه في جيبه) فعند اقترافه للذنب لا يلحقه عيب، فالمجتمع سينسى زلته ويغفرها له، أما البنت عند هؤلاء وبناء على ثقافتهم وما يسمعون من قصص عن الفتيات المنحرفات، فهي لا تستحق الثقة ابتداء، فليست أهلاً لها، فتحاسب في أمور كثيرة كما في الملبس، والمنع من الرد على الهاتف، وحرمانها من اقتناء الهاتف الجوال، واستخدام الحاسب، والدخول في الإنترنت، والتسوق، والذهاب إلى المتنزهات، والشك في تصرفاتها، إلى غير ذلك من أمور يتم فيها التضييق عليها، وكل ذلك بحجة الخوف عليها.
وفي المقابل هناك آباء سمحوا لبناتهم بكل شيء، دون توجيه تربوي أو إشراف ومتابعة، ودون النظر في خطورة وعواقب تلك الحرية غير المنضبطة.
فعند اختلال (الثقة) لدى هذين الطرفين المتناقضين، سواء الخوف الزائد عن حده المانع للثقة، أو الحرية الكاملة غير المنضبطة، تحصل المشاكل، ومن ثم تنتج المآسي، ومن ذلك ما وردني في الرسالة الآتية:
في صباح أحد الأيام، رأيت قريباً لي عند مطعم للوجبات السريعة، فسلمتُ عليه، ولاحظت أن في سيارته امرأة، فسألته: سلامات، من معك بالسيارة؟ فارتبك وقال: أمي، سأذهب بها للمستشفى، فشككت في كلامه بعد أن لاحظت ارتباكه وتوتره، ثم اتجهت للسيارة، فسلمت على المرأة، فلم ترد، فزال الشك وثبت اليقين بأن في الأمر شيئاً، فركبت السيارة، ثم لحقني قريبي، فصرنا ثلاثتنا في السيارة.
فانهار الشاب وقال: استر علي، الله يستر عليك، وتكلمت الفتاة: آخر مرة، استر علينا، وبعد حوار قصير، أخذت حقيبة الفتاة، فماذا وجدت فيها؟ كتباً جامعية، فهي تدرس في الجامعة، وجهازي هاتف جوال، أحدهما الهاتف الخاص بها، ذو نوعية غالية، والآخر رخيص الثمن وبه شريحة جوال، تبين أنها شريحة (تعبئة)، واستعرضت رسائل الجوالين، فالأول: رسائل محترمة، أما الجوال الآخر (أبوالبلايا): فرسائل حب وغرام وهيام، وكلاً يسميها باسم مختلف عن الآخر، حيث تقمصت عدداً من الأسماء.
والطامة الكبرى: وجدت ورقتين رسميتين فارغتين، ومختومتين، الأولى ورقة مراجعة مستشفى، والثانية تقرير الإجازة الطبية، وذلك لإعطائه الجامعة من أجل غياب هذا اليوم، الذي خرجت فيه مع هذا الشاب!!
يقول: صدمت وصعقت من هذا الترتيب والاستعداد (الرهيب) والجرأة من الشاب والفتاة.
وحرت في أمري: ماذا أفعل؟ فأخبرتهم بوجوب إخبار أهلهما، إلا أني تراجعت وقررت السماح والعفو والستر، وذلك بعد إلحاح الاثنين ودعائهما وتوسلهما، مع العهود والمواثيق بعدم التكرار، وما صاحب ذلك من عبرات وزفرات ونشيج وبكاء ودموع، إضافة أن والد قريبي يرقد بالمستشفى بعد إصابته بجلطة مؤخراً، وخفت أن أضيف عليه مصيبة أخرى قد تؤدي بصحته إلى الأسوأ، ولم أرد فضح الشاب فهو أكبر إخوانه ويعتبر قدوتهم، أما الفتاة فوالدها مسافر خارج المملكة.
وبعد.. من أجل حياة مستقبلية سعيدة، لابد من تنشئة تربوية مستقيمة، تربية تقوم على الحوار والإقناع، وليس التحقيق والإجبار، ومخاطبة البنت بعقلها لا بعقل الوالد، وتنمية الرقابة الذاتية والخوف من الله، ووجوب أن تشعر الفتاة بالإشباع العاطفي الأسري، بدلا من البحث عنه عند البعض الذئاب البشرية، مع إعطاء الفتاة الثقة الكاملة، حسب عمرها، فالفتاة في المرحلة الابتدائية، ليست مثل فتاة الجامعة وهكذا، ومنح الثقة لا يمنع من الإشراف والتوجيه بالحسنى، وتبقى الثقة بقدر محافظة الفتاة عليها، لأن التربية المبنية على القسر والإكراه، أو ما أريكم إلا ما أرى، أو التحجير والكبت، تفيد ظاهراً ووقتياً أمام المربي، ولن تقتنع بها الفتاة وتطبقها في حياتها المستقبلية.
ونقطة أخيرة. أين دور الجامعة في إبلاغ ولي الأمر بتغيب ابنته، خصوصاً مع توفر التقنية الحديثة، سواء عن طريق الجوال، أو الإنترنت.
نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل سوء، وأن يكونوا لبنة صالحة في وطنهم.
المصدر: http://www.alwatan.com.sa/news/ad2.asp?issueno=3106&id=4076