moalma
05-03-2007, 09:30 PM
القصة فن من فنون المهارات الكتابية .. ولكتابتها يجب إتباع هذه الخطوات كي يتنج لدنيا قصة متكاملة من جميع الجوانب ..
أولا: كيف أحصل على المادة الخام ؟
لا بد أن يتمتع الكاتب بروح الطفل الذي يكتشف الأشياء من حوله لأول مرة بكثير من السذاجة وكثير من الجرأة وكثير من الرغبة في المعرفة ، إنه لا يكتفي بالنظر العابر ، ولا يكف عن إطلاق التساؤلات وبأقصى قدر من النباهة واللجاجة ، كما أنه أبدا لا يصل إلى إجابات مقنعة .. تماما كما لا تستهويه تلك الإجابات الجاهزة... لا يمكن للكاتب أن يكون كالإنسان العادي يمر على الأشياء والأحداث مرور الكرام.. في العراك يهتم الجميع بفض الاشتباك أو على الأقل المتابعة البليدة إلا الكاتب... فهو يتابع العيون والوجوه.. التهديدات.. حتى السباب والشتم يتابعه بشغف.. يترصد الخوف في العيون.. والجبن والتخاذل أو الجبروت والتسلط.. ربما تذكر موقفًا مشابهًا أو أوحى إليه ذلك بفكرة قصة أو خاطرة.. لا يهم أن تكون قريبة أو بعيدة عن الحدث ربما صور هذا الشجار ذاته في أحد أعماله وبكل تفاصيله.. وربما قفز منها إلى فكرة التنازع على السلطة ، أو حتى صراع الدول. .
إن الكاتب يركب المواصلات العامة فلا يضيق بالزحام كالآخرين بل يلتهم الناس من حوله تأملا.. يرى اللص وعلامات الريبة على وجهه ويرى السائق والضيق ينهشه ، ويرى العامل البسيط يعود من عمله منهك القوى وقد كلله العرق.. ويرى الفلاحة تبيع الزبد داخل الحافلة ، ويرى... ويرى... لتكون تلك مادته التي يتكئ عليها حين يشرع في عمل..
وحسب نصيحة أحد الكتاب "اختبر فيك بديهة الطفل ورويّة الشيخ.. طوّر قابليتك على رؤية المخلوقات والكائنات ، أنظرها -كل حين- وكأنك تراها لأول مرة... اعتياد الرؤية يقتل الأشياء يحنّطها ، اخرج من شرنقة الاعتيادي والروتيني ، لتكون كاتباً متفرداً"..
إنه لا يرى في الشحاذ قذرة و بطالته وملابسه الرثة ، بل قد يرى فيه المجتمع الظالم..والفساد الاقتصادي بل ووطنه الفقير أيضًا ، وعامة فالكاتب الجيد هو ذاك الذين يجيد الإصغاء بجوارحه جميعًا لكل ما حوله ، الطبيعة والبشر والناس والحيوانات والجماد أيضًا..
ثانيا: قبل كل قصة تكتبها اقرأ 10 كتب ..
لا بد للكاتب أن يقرأ ثم يقرأ ويقرأ ثم يعاود القراءة.. وهذا ليس تكرارا لكن المراد القراءات المختلفة التي لا تغني إحداها عن الأخرى.. قراءة المتعة وقراءة الإفادة وقراءة المعرفة وقراءة الوقوف على نقاط الضعف والقوة.. إن الكاتب الجيد هو متذوق جيد بالأساس ثم هو ناقد جيد يعرف كيف يفهم العمل الفني ، وهو حين يعجب بعمل ما وبقيمته الفنية يعرف كيف استطاع كاتبه أن يجوِّد عمله.. وما الذي أسهم في إعطائه تلك القيمة..
لا تعني القراءة هنا القراءة في الأدب فقط ، لكن القراءة في الرياضة والسياسة والاقتصاد والتاريخ وغير ذلك من العلوم الإنسانية هي رصيد لا بد أن يضاف لك ، وتبعا لكاتب فرنسي فإنه أثناء قراءته يتساءل: " ما الذي حبّب هذا الكتاب إليه ؟ ما الذي كرّهه فيه ؟ لماذا أثاره هنا وحرّك كوامن حزنه ؟ كيف انتهج المؤلف أسلوبه ذاك ؟ هل الأسلوب سلس أو معقّد ، مبهم أم واضح ؟ كيف تمَّ بناء الشخصيات وهندسة الأحداث ، هل الحوارات مقنعة والسرد وافٍ ، هل هي ضامرة وشاحبة لم تروِ ظمأ ولا أشبعت فضولا ً؟"..
ثالثا: ما الذي تريد أن تقوله ؟..
لا بد أن تقول شيئا لا يهم ماهية هذا الشيء يمكن أن يكون رأياً أو فكرة ، أو فلسفة ، أو دعوة أو تحذيراً أو حتى "نكتة"، بل يمكن أن يكون هذا الشيء هو اللاشيء … لكن المهم أن يكون هذا اللاشيء واضحا في ذهن صاحبه.. ولا نعني إلا أن الكاتب يمكن أن يعبر عن شاب ضاع هدفه وفقد بوصلته في الحياة ويختار الكاتب لذلك أن يكتب بلغة لا تعطي شيئا ولا تكون إلا أكوامًا من كلمات وحروف لينقل للمتلقي شعور الضياع والتشتت.. إن كافكا الكاتب الصهيوني سمي بالكاتب الكابوسي ؛ لأن ما يكتبه يحاول أن يشرك القارئ معه في معاناة وضيق وهذا ما دارت حوله كل أعماله ، وليس أدل على نجاحه من أن يقول الكاتب الفرنسي "جان جينيه": " يا له من حزن! .. لا شيء يمكن فعله مع كافكا هذا ، فكلما اختبرته واقتربت منه أراني أبتعد عنه أكثر" ؛ فالرجل نجح في إحباط قرائه ونقل الكابوس إليهم ورغم أن ذلك يبدو للبعض هدفا سيئا فإننا لا بد أن نبتعد عن تصنيف أهداف الكتاب إلى أهداف خيرة وأهداف شريرة لأنها ببساطة أهدافهم وهم أحرار حيالها..
رابعًا: أين تكتب ؟..
بيت عند سفح جبل أو على شاطئ بحر.. غرفة ريفية منعزلة أو مقهى في ميدان مزدحم … لا يهم فإن شرطاً ثابتاً لنوعية مكان الكتابة ومواصفاته ، لهو شرط عقيم لا يحالفه النجاح ببساطة لأن لكل إنسان طريقة ما تناسبه وتفجر ما عنده ؛ فالبعض يشترط على نفسه مكانا معينا والبعض قد يكتب في الأتوبيس.. إن شاعرا كبيرا كأمل دنقل وقاصا عظيما مثل يحيى الطاهر عبد الله كانا يكتبان على أظهر أغلفة علب السجائر ، وربما التقط أحدهما ورقة من الرصيف الذي يمشي بجانبه ليسارع بتسجيل ما خطر له من نصوص..
وأنت أيها المبدع الواعد اكتب في المكان الذي يحلو لك الجلوس فيه ، لا تقلّد أحداً ممن سبقك ولا تُعر انتباهاً لمن ينصحك في مثل هذه الجزئية ، فلا تشترط الكتابة إلا جالساً على مكتب فخم ومرتب وعليه آنية بزهور يانعة ، كما يفعل محمد حسنين هيكل.. ولا تكتب إلا جالساً على أريكة صلدة كما كان يحلو لطه حسين إملاء كتبه على سكرتيره ، أو تصرّ على الكتابة في ركن المطبخ كما فعلت فرجينيا وولف التي لم تشترط للكتابة إلا: " ركنا منعزلا وكرسيا ومنضدة للكتابة"، ومن طريف ما يذكر عنها أن كثيراً مما كتبت سجلته على حواف تذاكر القطار ، وعلى العكس فإن الجاحظ لم يكن ليبدع إلا حين يؤجر دكاكين الورّاقين ويبيت فيها ، ليتمكن من الكتابة ، وخلاصة الأمر أنه لو كان بداخلك شيء فسيخرج في أي ظرف وتحت أي ضغط.. وإذا لم يكن هناك شيء فمهما فعلت ووفرت له الظروف فصدقني ستتعب ولن تجني شيئا ذا بال..
خامسًا: كن الراوي الذي تريد ؟..
للقصة أنواع مختلفة.. من حيث الراوي فيمكن أن يكون الراوي هو البطل كأن يبدأ الكاتب الحديث على لسان البطل ، يلبس ملابسه وينام في فراشه ، يتحدث حديثه ويمارس عاداته وهواياته.. يتلكأ في الكلام أو يعرج أثناءه يحب أكل اللحوم ويهوي مشاهدة أفلاك الغرب الأمريكي..
ويمكن أن يكون الكاتب راوية فحسب.. لا يعدو أن يكون مراقباً نزيهاً وراصداً لحركات البطل أو الأبطال متابعاً سير الأحداث ، دون أن يتدخل في السياق ، فلا يفرض عليهم رأياً ولا يقدم لهم مشورة.. محافظاً على ذاك البعد المحسوب والمسافة الدقيقة التي تفصله عنهم.. إنه غريب عنهم ، لكنه بينهم..
ومن الممكن أيضا أن يتقمص الكاتب روح كل كائنات القصة وأبطالها ، يفصح عما في خلجاتهم ويدور مع نزعاتهم وبجميع الألسنة أو تعدد اللهجات..
سادسًا: كيف تنهي قصتك ؟..
النهاية البليغة لها تأثير كبير.. فالنهاية هي آخر ما يطالعه القارئ وبالتالي يمكن أن تكون الشيء الأكثر جاذبية فيها.. ولا نبالغ إذا قلنا بأن أحد أهم عناصر نجاح القصة نهايتها الموفقة ، والنهاية الموفقة هي التي يمتد أثرها ولا يتبدد مع آخر كلمة لها.. يختار البعض أن تكون النهاية مخيبة لآمال القارئ بأن تسير به في اتجاه مغاير تماما لما يوجهه إليه العمل ككل.. ورغم إحباط القارئ فإنه يستبطن إعجابا بهذا القاص اللطيف الذي خدعه.. كأن يتحدث أحدهم عن محبوبته الغائبة ومعاني الشوق والعشق ثم تكتشف في النهاية أنه يتحدث عن ساقية أرضه..
ويمكن أن تكون النهاية مفتوحة تستدعي من المتلقي الاشتراك في العمل بعد نهايته بأن يسرح هو بخياله مع العمل ليتمه أو ليتناقش معه .. والبعض يختار النهاية الدائرية بأن ينهي بجملة هي ذاتها التي بدأ بها ربما ليدلل على تكرار الحدث مرات ومرات ، ويمكن أن نختم بما قاله أحد الكتاب "خبئ للقارئ دائماً في خاتمة القصة قطعة مُرّ أو حلوى.. قبلة أو صفعة ، خبئ له مفاجأة ـ ولو صغيرة ـ تكون آخر هداياك له"..
بهذه النقطة تنتهي خطوات كتابة القصة مع العلم بأن الخطوات كانت منقولة للاستفادة ..
والآن .. نحن بانتظار إبداعاتكم .. فلا تترددوا بإضافة روائعكم ..
مهما كانت .. ولا تحرمونا إياها ..
للجميع أطيب تمنياتي ..
أولا: كيف أحصل على المادة الخام ؟
لا بد أن يتمتع الكاتب بروح الطفل الذي يكتشف الأشياء من حوله لأول مرة بكثير من السذاجة وكثير من الجرأة وكثير من الرغبة في المعرفة ، إنه لا يكتفي بالنظر العابر ، ولا يكف عن إطلاق التساؤلات وبأقصى قدر من النباهة واللجاجة ، كما أنه أبدا لا يصل إلى إجابات مقنعة .. تماما كما لا تستهويه تلك الإجابات الجاهزة... لا يمكن للكاتب أن يكون كالإنسان العادي يمر على الأشياء والأحداث مرور الكرام.. في العراك يهتم الجميع بفض الاشتباك أو على الأقل المتابعة البليدة إلا الكاتب... فهو يتابع العيون والوجوه.. التهديدات.. حتى السباب والشتم يتابعه بشغف.. يترصد الخوف في العيون.. والجبن والتخاذل أو الجبروت والتسلط.. ربما تذكر موقفًا مشابهًا أو أوحى إليه ذلك بفكرة قصة أو خاطرة.. لا يهم أن تكون قريبة أو بعيدة عن الحدث ربما صور هذا الشجار ذاته في أحد أعماله وبكل تفاصيله.. وربما قفز منها إلى فكرة التنازع على السلطة ، أو حتى صراع الدول. .
إن الكاتب يركب المواصلات العامة فلا يضيق بالزحام كالآخرين بل يلتهم الناس من حوله تأملا.. يرى اللص وعلامات الريبة على وجهه ويرى السائق والضيق ينهشه ، ويرى العامل البسيط يعود من عمله منهك القوى وقد كلله العرق.. ويرى الفلاحة تبيع الزبد داخل الحافلة ، ويرى... ويرى... لتكون تلك مادته التي يتكئ عليها حين يشرع في عمل..
وحسب نصيحة أحد الكتاب "اختبر فيك بديهة الطفل ورويّة الشيخ.. طوّر قابليتك على رؤية المخلوقات والكائنات ، أنظرها -كل حين- وكأنك تراها لأول مرة... اعتياد الرؤية يقتل الأشياء يحنّطها ، اخرج من شرنقة الاعتيادي والروتيني ، لتكون كاتباً متفرداً"..
إنه لا يرى في الشحاذ قذرة و بطالته وملابسه الرثة ، بل قد يرى فيه المجتمع الظالم..والفساد الاقتصادي بل ووطنه الفقير أيضًا ، وعامة فالكاتب الجيد هو ذاك الذين يجيد الإصغاء بجوارحه جميعًا لكل ما حوله ، الطبيعة والبشر والناس والحيوانات والجماد أيضًا..
ثانيا: قبل كل قصة تكتبها اقرأ 10 كتب ..
لا بد للكاتب أن يقرأ ثم يقرأ ويقرأ ثم يعاود القراءة.. وهذا ليس تكرارا لكن المراد القراءات المختلفة التي لا تغني إحداها عن الأخرى.. قراءة المتعة وقراءة الإفادة وقراءة المعرفة وقراءة الوقوف على نقاط الضعف والقوة.. إن الكاتب الجيد هو متذوق جيد بالأساس ثم هو ناقد جيد يعرف كيف يفهم العمل الفني ، وهو حين يعجب بعمل ما وبقيمته الفنية يعرف كيف استطاع كاتبه أن يجوِّد عمله.. وما الذي أسهم في إعطائه تلك القيمة..
لا تعني القراءة هنا القراءة في الأدب فقط ، لكن القراءة في الرياضة والسياسة والاقتصاد والتاريخ وغير ذلك من العلوم الإنسانية هي رصيد لا بد أن يضاف لك ، وتبعا لكاتب فرنسي فإنه أثناء قراءته يتساءل: " ما الذي حبّب هذا الكتاب إليه ؟ ما الذي كرّهه فيه ؟ لماذا أثاره هنا وحرّك كوامن حزنه ؟ كيف انتهج المؤلف أسلوبه ذاك ؟ هل الأسلوب سلس أو معقّد ، مبهم أم واضح ؟ كيف تمَّ بناء الشخصيات وهندسة الأحداث ، هل الحوارات مقنعة والسرد وافٍ ، هل هي ضامرة وشاحبة لم تروِ ظمأ ولا أشبعت فضولا ً؟"..
ثالثا: ما الذي تريد أن تقوله ؟..
لا بد أن تقول شيئا لا يهم ماهية هذا الشيء يمكن أن يكون رأياً أو فكرة ، أو فلسفة ، أو دعوة أو تحذيراً أو حتى "نكتة"، بل يمكن أن يكون هذا الشيء هو اللاشيء … لكن المهم أن يكون هذا اللاشيء واضحا في ذهن صاحبه.. ولا نعني إلا أن الكاتب يمكن أن يعبر عن شاب ضاع هدفه وفقد بوصلته في الحياة ويختار الكاتب لذلك أن يكتب بلغة لا تعطي شيئا ولا تكون إلا أكوامًا من كلمات وحروف لينقل للمتلقي شعور الضياع والتشتت.. إن كافكا الكاتب الصهيوني سمي بالكاتب الكابوسي ؛ لأن ما يكتبه يحاول أن يشرك القارئ معه في معاناة وضيق وهذا ما دارت حوله كل أعماله ، وليس أدل على نجاحه من أن يقول الكاتب الفرنسي "جان جينيه": " يا له من حزن! .. لا شيء يمكن فعله مع كافكا هذا ، فكلما اختبرته واقتربت منه أراني أبتعد عنه أكثر" ؛ فالرجل نجح في إحباط قرائه ونقل الكابوس إليهم ورغم أن ذلك يبدو للبعض هدفا سيئا فإننا لا بد أن نبتعد عن تصنيف أهداف الكتاب إلى أهداف خيرة وأهداف شريرة لأنها ببساطة أهدافهم وهم أحرار حيالها..
رابعًا: أين تكتب ؟..
بيت عند سفح جبل أو على شاطئ بحر.. غرفة ريفية منعزلة أو مقهى في ميدان مزدحم … لا يهم فإن شرطاً ثابتاً لنوعية مكان الكتابة ومواصفاته ، لهو شرط عقيم لا يحالفه النجاح ببساطة لأن لكل إنسان طريقة ما تناسبه وتفجر ما عنده ؛ فالبعض يشترط على نفسه مكانا معينا والبعض قد يكتب في الأتوبيس.. إن شاعرا كبيرا كأمل دنقل وقاصا عظيما مثل يحيى الطاهر عبد الله كانا يكتبان على أظهر أغلفة علب السجائر ، وربما التقط أحدهما ورقة من الرصيف الذي يمشي بجانبه ليسارع بتسجيل ما خطر له من نصوص..
وأنت أيها المبدع الواعد اكتب في المكان الذي يحلو لك الجلوس فيه ، لا تقلّد أحداً ممن سبقك ولا تُعر انتباهاً لمن ينصحك في مثل هذه الجزئية ، فلا تشترط الكتابة إلا جالساً على مكتب فخم ومرتب وعليه آنية بزهور يانعة ، كما يفعل محمد حسنين هيكل.. ولا تكتب إلا جالساً على أريكة صلدة كما كان يحلو لطه حسين إملاء كتبه على سكرتيره ، أو تصرّ على الكتابة في ركن المطبخ كما فعلت فرجينيا وولف التي لم تشترط للكتابة إلا: " ركنا منعزلا وكرسيا ومنضدة للكتابة"، ومن طريف ما يذكر عنها أن كثيراً مما كتبت سجلته على حواف تذاكر القطار ، وعلى العكس فإن الجاحظ لم يكن ليبدع إلا حين يؤجر دكاكين الورّاقين ويبيت فيها ، ليتمكن من الكتابة ، وخلاصة الأمر أنه لو كان بداخلك شيء فسيخرج في أي ظرف وتحت أي ضغط.. وإذا لم يكن هناك شيء فمهما فعلت ووفرت له الظروف فصدقني ستتعب ولن تجني شيئا ذا بال..
خامسًا: كن الراوي الذي تريد ؟..
للقصة أنواع مختلفة.. من حيث الراوي فيمكن أن يكون الراوي هو البطل كأن يبدأ الكاتب الحديث على لسان البطل ، يلبس ملابسه وينام في فراشه ، يتحدث حديثه ويمارس عاداته وهواياته.. يتلكأ في الكلام أو يعرج أثناءه يحب أكل اللحوم ويهوي مشاهدة أفلاك الغرب الأمريكي..
ويمكن أن يكون الكاتب راوية فحسب.. لا يعدو أن يكون مراقباً نزيهاً وراصداً لحركات البطل أو الأبطال متابعاً سير الأحداث ، دون أن يتدخل في السياق ، فلا يفرض عليهم رأياً ولا يقدم لهم مشورة.. محافظاً على ذاك البعد المحسوب والمسافة الدقيقة التي تفصله عنهم.. إنه غريب عنهم ، لكنه بينهم..
ومن الممكن أيضا أن يتقمص الكاتب روح كل كائنات القصة وأبطالها ، يفصح عما في خلجاتهم ويدور مع نزعاتهم وبجميع الألسنة أو تعدد اللهجات..
سادسًا: كيف تنهي قصتك ؟..
النهاية البليغة لها تأثير كبير.. فالنهاية هي آخر ما يطالعه القارئ وبالتالي يمكن أن تكون الشيء الأكثر جاذبية فيها.. ولا نبالغ إذا قلنا بأن أحد أهم عناصر نجاح القصة نهايتها الموفقة ، والنهاية الموفقة هي التي يمتد أثرها ولا يتبدد مع آخر كلمة لها.. يختار البعض أن تكون النهاية مخيبة لآمال القارئ بأن تسير به في اتجاه مغاير تماما لما يوجهه إليه العمل ككل.. ورغم إحباط القارئ فإنه يستبطن إعجابا بهذا القاص اللطيف الذي خدعه.. كأن يتحدث أحدهم عن محبوبته الغائبة ومعاني الشوق والعشق ثم تكتشف في النهاية أنه يتحدث عن ساقية أرضه..
ويمكن أن تكون النهاية مفتوحة تستدعي من المتلقي الاشتراك في العمل بعد نهايته بأن يسرح هو بخياله مع العمل ليتمه أو ليتناقش معه .. والبعض يختار النهاية الدائرية بأن ينهي بجملة هي ذاتها التي بدأ بها ربما ليدلل على تكرار الحدث مرات ومرات ، ويمكن أن نختم بما قاله أحد الكتاب "خبئ للقارئ دائماً في خاتمة القصة قطعة مُرّ أو حلوى.. قبلة أو صفعة ، خبئ له مفاجأة ـ ولو صغيرة ـ تكون آخر هداياك له"..
بهذه النقطة تنتهي خطوات كتابة القصة مع العلم بأن الخطوات كانت منقولة للاستفادة ..
والآن .. نحن بانتظار إبداعاتكم .. فلا تترددوا بإضافة روائعكم ..
مهما كانت .. ولا تحرمونا إياها ..
للجميع أطيب تمنياتي ..