bodalal
10-24-2008, 08:38 PM
مصطفى صادق الرافعي أديب كبير .. كتابه " وحي القلم " لا يكفي أن تقرأه مرة واحدة ... فيه من الأدب والبلاغة ما يثير الاعجاب والروعة
هذه قصاصة صغيرة من كتاب الرافعي رحمه الله " وحي القلم " .. أتمنى تعجيكم
===
" لا يعرف التاريخ غير محمد ( صلى الله عليه وسلم ) رجلاً أفرغ الله وجوده في الوجود الإنساني كله ، كما تنصب المادة في المادة ، لتمتزج بها ، فتحولها ، فتحدث منها الجديد ، فإذا الإنسانية تتحول به وتنمو ، وإذا هو ( صلى الله عليه وسلم ) وجود سار فيها فما تبرح هذه الإنسانية تنمو وتتحول .
كان المعنى الآدمي في هذه الإنسانية كأنما وهن من طول الدهر عليه ، يتحيفه ويمحوه ويتعاوره بالشر والمنكر ، فابتعث الله تاريخ العقل بآدم جديد بدأت به الدنيا في تطورها الأعلى من حيث يرتفع الإنسان على ذاته ، كما بدأت من حيث يوجد الإنسان في ذاته ، فكانت الإنسانية دهرها بين أثنين : أحدهما فتح لها طريق المجيء من الجنة ، والثاني فتح لها طريق العودة إليها : كان في آدم سر وجود الإنسانية ، وكان في محمد سر كمالها ."
من مقال " حقيقة المسلم " .. الجزء الثاني من وحي القلم
===
" ذهبت في صبح يوم عيد الفطر أحمل نفسي إلى المقبرة ، وقد مات لي من الخواطر موتى لا ميت واحد ، فكنت أمشي وفيَّ جنازة بمشيعيها ، من فكر يحمل فكراً ، وخاطر يتبع خاطراً ، ومعنى يبكي ومعنى يبكى عليه .
وكذلك دأبي كلما انحدرت في هذه الطريق إلى ذلك المكان الذي تأتيه العيون بدموعها ، وتمشي إليه النفوس بأحزانها ، ونجيء فيه القلوب إلى بقاياها . تلك المقابر التي لا ينادى أهلها من أهلهم بالأسماء ولا بالألقاب ، ولكن بهذا النداء : يا أحبابنا ، يا أحزاننا !
ذهبت أزور أمواتي الأعزاء وأتصل منهم بأطراف نفسي ، لأحيا معهم في الموت ساعة أعرض فيها أمر الدنيا على أمر الآخرة ، فأنسى وأذكر ، ثم أنظر وأعتبر ، ثم أتعرف وأتوسم ، ثم أستبطن مما في بطن الأرض ، وأستظهر مما على ظهرها .
وجلست هناك أشرف من دهر على دهر ، ومن دنيا على دنيا ، وأخرجت الذاكرة أفراحها القديمة لتجعلها مادة جديدة لأحزانها ، وانفتح لي الزمن الماضي فرايت رجعة الأمس ، وكأن دهرا كاملا خلق بحوادثه وأيامه ، ورفع لعيني كما ترفع الصورة المعلقة في إطارها .
أعرف أنهم ماتوا ، ولكني لم أشعر قط أنهم غابوا ، والحبيب الغائب لا يتغير عليه الزمان ولا المكان في القلب الذي يحبه مهما تراخت به الأيام ، وهذه هي بقية الروح إذا امتزجت بالحب في روح أخرى : تترك فيها ما لا يمحى لأنها خالدة لا تمحى . "
...
من مقال " وحي القبور " .. وحي القلم - الجزء الثاني
الكتاب جميل ورائع .. كنت أتمنى لو أنقله كله
ورد وود للجميع ..
هذه قصاصة صغيرة من كتاب الرافعي رحمه الله " وحي القلم " .. أتمنى تعجيكم
===
" لا يعرف التاريخ غير محمد ( صلى الله عليه وسلم ) رجلاً أفرغ الله وجوده في الوجود الإنساني كله ، كما تنصب المادة في المادة ، لتمتزج بها ، فتحولها ، فتحدث منها الجديد ، فإذا الإنسانية تتحول به وتنمو ، وإذا هو ( صلى الله عليه وسلم ) وجود سار فيها فما تبرح هذه الإنسانية تنمو وتتحول .
كان المعنى الآدمي في هذه الإنسانية كأنما وهن من طول الدهر عليه ، يتحيفه ويمحوه ويتعاوره بالشر والمنكر ، فابتعث الله تاريخ العقل بآدم جديد بدأت به الدنيا في تطورها الأعلى من حيث يرتفع الإنسان على ذاته ، كما بدأت من حيث يوجد الإنسان في ذاته ، فكانت الإنسانية دهرها بين أثنين : أحدهما فتح لها طريق المجيء من الجنة ، والثاني فتح لها طريق العودة إليها : كان في آدم سر وجود الإنسانية ، وكان في محمد سر كمالها ."
من مقال " حقيقة المسلم " .. الجزء الثاني من وحي القلم
===
" ذهبت في صبح يوم عيد الفطر أحمل نفسي إلى المقبرة ، وقد مات لي من الخواطر موتى لا ميت واحد ، فكنت أمشي وفيَّ جنازة بمشيعيها ، من فكر يحمل فكراً ، وخاطر يتبع خاطراً ، ومعنى يبكي ومعنى يبكى عليه .
وكذلك دأبي كلما انحدرت في هذه الطريق إلى ذلك المكان الذي تأتيه العيون بدموعها ، وتمشي إليه النفوس بأحزانها ، ونجيء فيه القلوب إلى بقاياها . تلك المقابر التي لا ينادى أهلها من أهلهم بالأسماء ولا بالألقاب ، ولكن بهذا النداء : يا أحبابنا ، يا أحزاننا !
ذهبت أزور أمواتي الأعزاء وأتصل منهم بأطراف نفسي ، لأحيا معهم في الموت ساعة أعرض فيها أمر الدنيا على أمر الآخرة ، فأنسى وأذكر ، ثم أنظر وأعتبر ، ثم أتعرف وأتوسم ، ثم أستبطن مما في بطن الأرض ، وأستظهر مما على ظهرها .
وجلست هناك أشرف من دهر على دهر ، ومن دنيا على دنيا ، وأخرجت الذاكرة أفراحها القديمة لتجعلها مادة جديدة لأحزانها ، وانفتح لي الزمن الماضي فرايت رجعة الأمس ، وكأن دهرا كاملا خلق بحوادثه وأيامه ، ورفع لعيني كما ترفع الصورة المعلقة في إطارها .
أعرف أنهم ماتوا ، ولكني لم أشعر قط أنهم غابوا ، والحبيب الغائب لا يتغير عليه الزمان ولا المكان في القلب الذي يحبه مهما تراخت به الأيام ، وهذه هي بقية الروح إذا امتزجت بالحب في روح أخرى : تترك فيها ما لا يمحى لأنها خالدة لا تمحى . "
...
من مقال " وحي القبور " .. وحي القلم - الجزء الثاني
الكتاب جميل ورائع .. كنت أتمنى لو أنقله كله
ورد وود للجميع ..