محب القلم
10-16-2008, 01:04 PM
تعليم الإنجليزية.. ماضياً وحاضراً ومستقبلاً
د. عبدالملك بن إبراهيم الجندل
مقال (جريدة الجزيرة السعودية الجمعة 10/11/1429هـ) الرابط أسفل المقال
حدثني مدير مدرسة عن قصة ظاهرها الطرافة، وفي طياتها دروس وعبر كثيرة، تدور القصة حول مشكلة طالب في الصف الثاني المتوسط، اكتُشف (غشه) في مادة اللغة الإنجليزية من الطالب المجاور له، وزيادة في عدم معرفته باللغة بعد ثلاث سنوات من دراستها عدم كتابة اسمه، بل اسم الطالب الذي نقل منه، وهذا ما أوقعه في شر أعماله، فأثناء مراجعة الأوراق لم توجد لهذا الطالب ورقة إجابة، ووجدت ورقتان باسم طالب واحد.
هذه الواقعة تشمل أمرين سلبيين: أحدهما الغش، ثم الضعف في اللغة الإنجلزية، وبالنسبة للغش فلا أحد يشك في خطئه وخطورته، وأنه تصرف سلبي، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا).
ولعلي أجد تلك القصة مدخلاً لتسليط الضوء على وضع تعليم اللغة الإنجليزية في مدارسنا، فهناك تحسن في الاهتمام باللغة الإنجليزية، ومن أهمها تدريس اللغة الإنجليزية بالصف السادس الابتدائي واعتبارها مادة أساسية، إلا أن هناك (ثقافة سادت، وما بادت) تلك الثقافة السلبية ما زالت موجودة لدى عدد من طلابنا مع اللغة الإنجليزية، وهي امتداد لعقود سابقة، ومنها:
(من النقطة للنقطة، من الواحد للعشرة أو شختك بختك، حفظ التعبير، الإنجليزي صعب، البلبل من يسافر).
ويقصد (من النقطة للنقطة)، الأسئلة التحريرية التي تعقب القطعة، فيبحث الطالب عن كلمة في الجملة تماثل كلمة في السؤال، ومن ثم يكتب الإجابة من بداية الجملة حتى النقطة. وأما (من الواحد للعشرة، أو شختك بختك): فهي في أسئلة الاختيار من متعدد أو وصل العبارات، حيث الاختيار عشوائياً، أما (حفظ التعبير): فهي حفظ قطعة التعبير على شكل صورة، دون معرفة لمعانيها وكيفية تراكيبها اللغوية، وفي الاختبار يرسمها رسماً. و(الإنجليزي صعب): يظهر ذلك عند سؤال أحد الصغار الذين لم يدرسوا، وتستمر تلك النظرة حتى بعد دراسته للغة الإنجليزية، إضافة إلى تكاثر أعداد المعلمين الخصوصيين سنوياً، وعدم انخفاض أسعارهم، بل لابد من الحجز مبكراً بداية الفصل الدراسي، وأذكر معلماً في المرحلة الثانوية (قبل عقود) كان جدوله للدروس الخصوصية من بعد العصر حتى الساعة الثانية عشر ليلاً، ويومي الخميس والجمعة من بعد صلاة الفجر، ولا يسافر لأهله في الإجازة الصيفية تفرغاً للطلاب المكملين. وأما عبارة (البلبل من يسافر): إشارة إلى أن تعليم اللغة الإنجليزية لدينا لا يمكن الطالب من إتقان الإنجليزية، فمن أراد الإتقان فليسافر ليدرسها بين أهلها، والأمثلة حاضرة: (فلان سافر ورجع بلبلاً، مع أنه ما يفك الحرف قبل سفره).
والغريب أن بعض الطلاب في التعليم العام والجامعي ينجحون وبتفوق، ودرجاتهم في اللغة الإنجليزية فوق المتوسط، ومستواهم منخفض في اللغة الإنجليزية.
وبعد ذلك الاستعراض المختصر عن واقع اللغة الإنجليزية لفئة من الطلاب، يأتي السؤال: (ما هو الحل)؟
والإجابة عن ذلك تمر بعدة أطراف:
أولاً: المجتمع: ولعل المجتمع لديه اتجاهات إيجابية نحو اللغة الإنجليزية في العصر الحاضر، للقناعة بأهميتها ومكانتها العالمية بين اللغات.
ثانياً: معلم اللغة الإنجليزية: في مرحلة (الإعداد) خلال المرحلة الجامعية، من كفاية مواد التخصص وحداثتها، وعدم مزاحمة المواد العربية لمواد التخصص، إضافة إلى كفاءة أعضاء هيئة التدريس.
ثم مرحلة (التدريب أثناء الخدمة) من خلال تزويده بالجديد في مجال التربية والتعليم بصفة عامة، وما استجد في تدريس اللغة الإنجليزية خاصة، إضافة إلى كيفية التأثير النفسي على الطالب من أجل إزالة الحاجز النفسي بالنسبة للغة الإنجليزية، وفتح المجال أمام المتميزين من المعلمين لإكمال دراساتهم العليا، مع التعاون المستمر والمثمر بين وزارة التربية والتعليم، وأقسام اللغة الإنجليزية في الجامعات.
ومما يدل على أهمية المعلم في العملية التعليمية أن إحدى المدارس الابتدائية التي تدرس اللغة الإنجليزية أحضرت معلماً (إنجليزي الجنسية) لتدريس الصفوف الأولية، ونظراً لما يتمتع به هذا المعلم من قدرة في التأثير وتمكن في التخصص، فقد (أسر) الطلاب وأحبوه، مما جعل ذلك طريقاً لرغبتهم في اللغة ومن ثم إتقانها حسب مرحلتهم العمرية، وقضوا أغلب الوقت في استذكارها، وقد أثر ذلك سلباً على المواد الأخرى والتي لا يتمتع معلموها بما يتمتع به ذلك (الإنجليزي)، فتم نقل المعلم من تلك المدرسة!
ثالثاً: المدرسة والمنهج: ويشمل كل ما تقدمه المدرسة في مجال اللغة الإنجليزية، ووضعه على ميزان (التقويم) باستمرار، ومنه:
الأهداف، والمقرر الدراسي، والحصص الأسبوعية، وتقنيات التعليم ومن أهمها معامل اللغة، والنشاط وأعداد الطلاب في الفصل، والتقويم النهائي للطالب بعد سبع سنوات من دراسة اللغة الإنجليزية، لمعرفة مخرجات ذلك التعليم.
رابعاً: التقنية: من خلال إدخال التقنية الحديثة في تعلم اللغة الإنجليزية، مثل: الإنترنت وقناة تلفزيونية فضائية متخصصة في تعليم اللغة الإنجليزية، وتكون مرتبطة بالمقرر الدراسي السعودي، علها تكون مساعدة لفهم الطالب لما تلقاه داخل الفصل، وذلك عند وجود عوامل سلبية مثل: أداء المعلم، قدرات الطالب وظروفه، كثرة الطلاب في الفصل، تجهيزات المدرسة.
ختاماً.. الواقع والإمكانات هما أساس الإعداد للمستقبل، وتلك رسالة إلى ندوة (تعليم اللغة الإنجليزية في المملكة الواقع والتحديات) التي ستنظمها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العام القادم والتي نرجو أن يكون للندوة الفائدة الكبيرة في مجال تعليم وتعلم اللغة الإنجليزية في المملكة العربية السعودية.
المصدر: جريدة الجزيرة: http://www.al-jazirah.com/250255/rj10.htm
د. عبدالملك بن إبراهيم الجندل
مقال (جريدة الجزيرة السعودية الجمعة 10/11/1429هـ) الرابط أسفل المقال
حدثني مدير مدرسة عن قصة ظاهرها الطرافة، وفي طياتها دروس وعبر كثيرة، تدور القصة حول مشكلة طالب في الصف الثاني المتوسط، اكتُشف (غشه) في مادة اللغة الإنجليزية من الطالب المجاور له، وزيادة في عدم معرفته باللغة بعد ثلاث سنوات من دراستها عدم كتابة اسمه، بل اسم الطالب الذي نقل منه، وهذا ما أوقعه في شر أعماله، فأثناء مراجعة الأوراق لم توجد لهذا الطالب ورقة إجابة، ووجدت ورقتان باسم طالب واحد.
هذه الواقعة تشمل أمرين سلبيين: أحدهما الغش، ثم الضعف في اللغة الإنجلزية، وبالنسبة للغش فلا أحد يشك في خطئه وخطورته، وأنه تصرف سلبي، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا).
ولعلي أجد تلك القصة مدخلاً لتسليط الضوء على وضع تعليم اللغة الإنجليزية في مدارسنا، فهناك تحسن في الاهتمام باللغة الإنجليزية، ومن أهمها تدريس اللغة الإنجليزية بالصف السادس الابتدائي واعتبارها مادة أساسية، إلا أن هناك (ثقافة سادت، وما بادت) تلك الثقافة السلبية ما زالت موجودة لدى عدد من طلابنا مع اللغة الإنجليزية، وهي امتداد لعقود سابقة، ومنها:
(من النقطة للنقطة، من الواحد للعشرة أو شختك بختك، حفظ التعبير، الإنجليزي صعب، البلبل من يسافر).
ويقصد (من النقطة للنقطة)، الأسئلة التحريرية التي تعقب القطعة، فيبحث الطالب عن كلمة في الجملة تماثل كلمة في السؤال، ومن ثم يكتب الإجابة من بداية الجملة حتى النقطة. وأما (من الواحد للعشرة، أو شختك بختك): فهي في أسئلة الاختيار من متعدد أو وصل العبارات، حيث الاختيار عشوائياً، أما (حفظ التعبير): فهي حفظ قطعة التعبير على شكل صورة، دون معرفة لمعانيها وكيفية تراكيبها اللغوية، وفي الاختبار يرسمها رسماً. و(الإنجليزي صعب): يظهر ذلك عند سؤال أحد الصغار الذين لم يدرسوا، وتستمر تلك النظرة حتى بعد دراسته للغة الإنجليزية، إضافة إلى تكاثر أعداد المعلمين الخصوصيين سنوياً، وعدم انخفاض أسعارهم، بل لابد من الحجز مبكراً بداية الفصل الدراسي، وأذكر معلماً في المرحلة الثانوية (قبل عقود) كان جدوله للدروس الخصوصية من بعد العصر حتى الساعة الثانية عشر ليلاً، ويومي الخميس والجمعة من بعد صلاة الفجر، ولا يسافر لأهله في الإجازة الصيفية تفرغاً للطلاب المكملين. وأما عبارة (البلبل من يسافر): إشارة إلى أن تعليم اللغة الإنجليزية لدينا لا يمكن الطالب من إتقان الإنجليزية، فمن أراد الإتقان فليسافر ليدرسها بين أهلها، والأمثلة حاضرة: (فلان سافر ورجع بلبلاً، مع أنه ما يفك الحرف قبل سفره).
والغريب أن بعض الطلاب في التعليم العام والجامعي ينجحون وبتفوق، ودرجاتهم في اللغة الإنجليزية فوق المتوسط، ومستواهم منخفض في اللغة الإنجليزية.
وبعد ذلك الاستعراض المختصر عن واقع اللغة الإنجليزية لفئة من الطلاب، يأتي السؤال: (ما هو الحل)؟
والإجابة عن ذلك تمر بعدة أطراف:
أولاً: المجتمع: ولعل المجتمع لديه اتجاهات إيجابية نحو اللغة الإنجليزية في العصر الحاضر، للقناعة بأهميتها ومكانتها العالمية بين اللغات.
ثانياً: معلم اللغة الإنجليزية: في مرحلة (الإعداد) خلال المرحلة الجامعية، من كفاية مواد التخصص وحداثتها، وعدم مزاحمة المواد العربية لمواد التخصص، إضافة إلى كفاءة أعضاء هيئة التدريس.
ثم مرحلة (التدريب أثناء الخدمة) من خلال تزويده بالجديد في مجال التربية والتعليم بصفة عامة، وما استجد في تدريس اللغة الإنجليزية خاصة، إضافة إلى كيفية التأثير النفسي على الطالب من أجل إزالة الحاجز النفسي بالنسبة للغة الإنجليزية، وفتح المجال أمام المتميزين من المعلمين لإكمال دراساتهم العليا، مع التعاون المستمر والمثمر بين وزارة التربية والتعليم، وأقسام اللغة الإنجليزية في الجامعات.
ومما يدل على أهمية المعلم في العملية التعليمية أن إحدى المدارس الابتدائية التي تدرس اللغة الإنجليزية أحضرت معلماً (إنجليزي الجنسية) لتدريس الصفوف الأولية، ونظراً لما يتمتع به هذا المعلم من قدرة في التأثير وتمكن في التخصص، فقد (أسر) الطلاب وأحبوه، مما جعل ذلك طريقاً لرغبتهم في اللغة ومن ثم إتقانها حسب مرحلتهم العمرية، وقضوا أغلب الوقت في استذكارها، وقد أثر ذلك سلباً على المواد الأخرى والتي لا يتمتع معلموها بما يتمتع به ذلك (الإنجليزي)، فتم نقل المعلم من تلك المدرسة!
ثالثاً: المدرسة والمنهج: ويشمل كل ما تقدمه المدرسة في مجال اللغة الإنجليزية، ووضعه على ميزان (التقويم) باستمرار، ومنه:
الأهداف، والمقرر الدراسي، والحصص الأسبوعية، وتقنيات التعليم ومن أهمها معامل اللغة، والنشاط وأعداد الطلاب في الفصل، والتقويم النهائي للطالب بعد سبع سنوات من دراسة اللغة الإنجليزية، لمعرفة مخرجات ذلك التعليم.
رابعاً: التقنية: من خلال إدخال التقنية الحديثة في تعلم اللغة الإنجليزية، مثل: الإنترنت وقناة تلفزيونية فضائية متخصصة في تعليم اللغة الإنجليزية، وتكون مرتبطة بالمقرر الدراسي السعودي، علها تكون مساعدة لفهم الطالب لما تلقاه داخل الفصل، وذلك عند وجود عوامل سلبية مثل: أداء المعلم، قدرات الطالب وظروفه، كثرة الطلاب في الفصل، تجهيزات المدرسة.
ختاماً.. الواقع والإمكانات هما أساس الإعداد للمستقبل، وتلك رسالة إلى ندوة (تعليم اللغة الإنجليزية في المملكة الواقع والتحديات) التي ستنظمها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العام القادم والتي نرجو أن يكون للندوة الفائدة الكبيرة في مجال تعليم وتعلم اللغة الإنجليزية في المملكة العربية السعودية.
المصدر: جريدة الجزيرة: http://www.al-jazirah.com/250255/rj10.htm