المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا نفشل ؟



زين العابدين
07-20-2008, 09:50 PM
لماذا الفشل ؟



الوقت والجهد اللذان نُنفقهما لتحقيق الفشل كان يمكن أن ننفقهما لتحقيق النجاح!
هل يبدو هذا أشبه باللغز؟! إنها الحقيقة التي تنطوي على الأمل والرجاء.


افترِض أن رجلاً على موعد في مكان يَبعُد مائة ميل شمالي منزله، وإن هذا الموعدَ سيعود عليه بالصحة، والسعادة، والفلاح ما بقي له من عمر، وافترِض أنَّ أمامَه من الوقت ما يكفيه ليصل في الموعد، وأن في خزان سيارته من الوقود ما يكفي للوصول، ثم افترض بعد هذا أن صاحِبَنا رأى من الأمْتع له أن يتجه أولاً جنوبًا مسافة خمسة وعشرين ميلاً قبل أن يشرع جديًّا في الاتجاه نحو الهدف، فما قولك فيما صنعه الرجل؟ حماقة ولا شك! ولم يكن للوقود دخل فيما صنع الرجل، ولم يختر الوقت على أي وجه ينفقه، والطريق امتد شمالاً كما امتد جنوبًا، فليس على أيٍّ من هذه إذًا تثريب في تقصير الرجل عن بلوغ غايته!


فإذا حدَّثَنا الرجلُ بعد ذلك قائلاً: إنه استمتع بالرحلة التي قام بها في الاتجاه المضاد، وإنه لذَّ له أن يقود سيارته على غير هدى، بدلاً من أن يسيرها في اتجاه محدد، فهل نثني على الأسلوب الفلسفي الذي يتقبَّل به إخفاقَه؟ كلاَّ؛ بل ينبغي أن نحسبه أحمقَ، وحتى لو أنه أخطأ الاتجاه لاستغراقه في حلم من أحلام اليقظة، لما أعفانا هذا من أن ننحو عليه باللائمة؛ بل حتى لو أنه وصل وجْهَتَه بعد الميعاد؛ لأنه ضل الطريق عفوًا، لاتهمناه بسوء الحكم؛ لأنه كان في ميسوره أن ينظر خريطة الطريق؛ ليتعرف عليه قبل أن يبدأ!


وبرغم هذا، فنحن فيما يتصل باتجاهنا رأسًا إلى غايتنا في الحياة نسلك مسلكَ صاحبِنا الأحمق الذي سُقنا مَثَلَهُ! نسير في الاتجاه الخطأ، ونفشل حيث كان يَسعُنا النجاح بما أنفقناه في الفشل من وقت وجهد!


فالفشل ليس إلا دليلاً على أن مجهودًا قد بُذِل في الطريق الخطأ، ولا بُد للفشل من طاقة نشاطٍ!
هذه حقيقة قلَّما ندركها على الفور؛ فقد اعتدنا أن نرى الفشل نقيضًا للنجاح، ومن ثم عزونا للفشل نقائضَ صفات النجاح.
والنجاح يتطلب نشاطًا، فلا بد - إذًا - أن الفشل يتطلب جمودًا، وهذا حق، ولكن الجمود ليس معناه افتقاد الجهد، ودَعْ أيَّ عالم نفساني يخبرك كم يحتاج الرجل الناضج من الجهد ليقاوم الحركة، فثمة كفاح شديد لا بد منه لمغالبة قوى الحياة والحركة، بحيث يظل المرء جامدًا في مكانه. غاية ما في الأمر أن الكفاح يحدث داخليًّا فلا نحس له - على السطح - أثرًا! والجمود البدني ليس دليلاً صحيحًا على أن الحياة لا تحترق بداخل الشخص الجامد، فحتى الكَسُول البادي الكسل يحرق وقودًا، بينما هو سادرٌ في خواطره.


وعندما يتأتَّى الفشل نتيجة تكريس الوقت لوسائل قتل الوقت؛ فهنالك نرى أن طاقة النشاط تُنفَق في الاتجاه الخطأ، ولكن ثمة وسائل لقتل الوقت خفيَّة غير مستبينة؛ بل لعلها تبدو على العكس كأنما هي أعمال شاقة تستنفد مجهودًا كبيرًا، وتستدر من المُشاهِد الإعجابَ والثناء، فإذا دقَّقتَ النظر اكشتفت أن هذا المجهود لا يفضي بنا إلى غاية، وأنه يَدَعنا متعبين ساخطين، وأنه مجهود يبذل فعلاً لاجتلاب الفشل!


فلماذا كان الأمر كذلك، ما دام النشاط نفسه خليقًا بأن يوصلنا إلى النجاح؟ فلماذا نتعثر في غالب الأحيان في بلوغ غاياتنا التي رسمنا لها الخطة وأعددنا العدة؟ لماذا لا ننجز إلا القليل، ونعطل أنفسنا عن الوصول إلى أهدافنا بحماقة؟ لماذا نعتبر أنفسنا فلاسفة حين ننتحل لأنفسنا أعذارًا عن بَدء الرحلة متأخرين أو بدئها في الطريق الخطأ، أو افتقادنا معالم الطريق نتيجة انسياقنا في الخواطر وأحلام اليقظة؟ لا أحد يجد العزاء حقًّا فيما يتقول به من أن عصفورًا في اليد خير من عشرة على الشجرة، فأمثال هذه "الحِكَم" لم تُضرَب لتقود خطانا في طريق الحياة! ونحن لا نخدع بهذا التفلسف أحدًا، وإن قَبِل الناسُ أعذارَنا ما داموا هم أيضًا على غرارنا!


ويستمع الرجل الناجح إلى هذه الأقاويل فيبتسم ساخرًا، وقد ازداد يقينًا أن النفاق ما برح بخير! فهو وحده يملك الدليل على أن الحياة الموجهة أجزى وأشهى ثمارًا من كل ما عساه يتأتَّى مع الفشل من ثمار هزيلة، وأن عملاً أُنجز وخَرج إلى حيِّز الوجود لهو أفضلُ وأبقى من جبال شامخة من الأحلام والخواطر.


وحتى حين نعزي أنفسنا عن الفشل، فإننا لا نُحس العزاء والراحة حقًّا، فنحن في ذات أنفسنا لا نؤمن بهذه الحِكَم والأمثال التي نتشدق بها، وإن بدَتْ في سمعنا طبيعيةَ الوقْع، ومن أمثلتها أن على المرء أن يختار بين النجاح وبين الحياة الممتعة، كأن النجاح والحياة الهانئة على طرفي نقيض!


بل نحن نوقن بأن الناجحين يستمتعون - كما نستمتع - بالشمس الساطعة، والهواء الطلق، والحب والتقدير؛ يستمتعون بهذا أكثرَ مما يستمتع الفاشلون، بل يستمتعون فوق هذا بما يحسون به ويدركونه من أنهم اختاروا طريق الحياة والنمو، بدلاً من طريق الموت والفناء!


فلماذا نفشل إذًا؟ بل لماذا نجتهد في الفشل؟:
لأننا إلى جانب خضوعنا لإرادات نفسية إنشائية شتَّى؛ كإرادة الحياة، وإرادة القوة، نخضع أيضًا لإرادة الفشل، أو إرادة الموت!
ولعل مِن الناس مَن يسمع بهذه "الإرادة" للمرة الأولى! فقد شبعنا سماعًا بإرادة الحياة، وإرادة القوة، ولكن إرادة الفشل من الغموض بحيث قلَّ أن نلحظها وهي تؤتي عملها، وهي تتخذ أشكالاً فردية شتى تختلف باختلاف النماذج "السيكولوجية" للأفراد، وهي تدهمنا بغير تحذير، ما دمنا لا نرى الفشل إلا طيفًا، ولا نراه قط حقيقةً مجسمة ينبغي أن نواجهها ونغالبها.


وإدراك أن ثمة إرادةً للفشل - أو إرادة للموت سيان - تعمل في نفوسنا؛ وأن ثمة تيارًا هدامًا مقوضًا يَسرِي في عكس اتجاه قُوَى الصحة والنمو - إدراك هذه الحقيقة هو الخطوة الأولى لتحويل الفشل إلى نجاح.
ولا ينبغي أن نبدأ بإهمال هذا التيار، فهو عندئذ خليق بأن يزداد استخفاء؛ بل ينبغي أن نواجهه حتى نقصيَه.


ففي إمكاننا أن نستعيد جهدنا الموجَّه إلى الفشل، وأن نستغله في تحقيق غاياتنا السليمة؛ وثمة حقائقُ سيكولوجية واضحة متى أدركناها أبلغتْنا إلى نتائجَ واضحةٍ محددة، ومن هذه النتائج نستطيع أن نختط خطة نعمل بمقتضاها، ثمة طريقة بسيطة عملية يَسَعها أن تحوِّل وجوهنا إلى الاتجاه الصحيح، وهي الطريقة التي يتبعها كل ناجح، سواء واعيًا أو غير واعٍ، وهي من البساطة بحيث قد لا يصدِّق أولئك الميالون إلى تجسيم الأمور أن في ميسورها أن تعينهم وتجديَهم، على أنني لا أحسبهم يمانعون في التجرِبة، ما دامت من البساطة كما ذكَرتُ، ولْنَدَع للنتائج الحُكْم، فما أحسب وسيلة مقترحة يقال: إنها تفضي إلى حياة أحفل، وعمل أفضل - إلا جديرة بالتجربة على أية حال!


كل ما ينبغي أن يتسلح به المرء لإجراء هذه التجربة هو الخيال والتضحية - لفترة - بما دَرَج عليه من عادات، ريثما يُتِم عملاً واحدًا من الأعمال التي يتطلع إليها، أما في كمْ مِن الوقت يتم هذا العمل؛ فأمرٌ يختلف من فرد إلى آخر، ويتوقف على طبيعة العمل نفسه، وهو يعتمد على الفرد نفسه، أو يعتمد على التعاون بينه وبين غيره من الناس، ومهما يكن من أمر فسوف تتضح بعضُ النتائج الأولية توًّا، وهي نتائج لعمري تثير الدهش، ولن أحصي لك هذه النتائج الآن، فسماعك بها كسماعك بمعجزة، وعسى أن تثير فيك الشك؛ والشك من العادات التي ينبغي أن تشرع من الآن في "التضحية" بها!


ومرة أخرى أكرِّر أنه وإن بدت النتائج كالمعجزات، فإن الطريقة نفسها من البساطة والوضوح بمكان عظيم، وإنها لجديرة بالتجربة؛ فقد حققت النجاح للمئات، وفي ميسورها أن تحققه لك.

ابو بدر
07-21-2008, 12:43 AM
بارك الله فيك أخي زين العابدين

وأنا من المتابعين .. والطريقة لتعديل الأتجاه .. إلى النجاح ,,

همس الرووح
07-21-2008, 09:50 PM
فعلا في نظري الفشل لا بد من

تجرعه لنذوووق عسل النجاح


الطريقة أعلاها علينا بتجربتها


ليتسنى لنا الأمر الجديد


زين العابدين رائع فيما تنقله لنا .

moalma
07-25-2008, 08:15 PM
موضوع رائع

كما أسلفت أخي زين

أغلب الفشل يكون ناتج من عدم التخطيط ووضوح الهدف !!

لكن هذا الفشل سيكون له شأن كبير عندما يكون النجاح بعد تخطيه ( أي الفشل) بصورة كبيرة .


مادة قيمة لتطوير الذات

تحيتي وتقديري

boubakeur_15
07-27-2008, 06:44 PM
تحياتي
....يسرني أن أتواصل معكم والمشاركة في هذا الموضوع
إن الفشل ربما ناتج عن التربية الأولى التي يتلقاه الطفل في االبيت من أمه وأبيه ....كأن يقول الأب لإبنه : أنت لا تصلح لشئ ..ماذا يكون الأب قد غرس في نفسية ابنه الصغير ؟ غرس فيه الفشل لأن عقله الباطن يخزن ماقيل له ..وربما تكرر الأم هذه العبارة السلبية فيتأكد الطفل إنه لا يص2لح لشئ وهكذا دواليك ..وربقما يسمع هخذه الكلام من قبل معلمه وكما تعلمن للمعلم تأثير كبير في نفسية الطفل ...ويشب الطفل حذرا خائفا غير مقدام يخشى أبسط الأمور لا يستطيع المواجهة ويكبر على ذلك وسيلقى صعوبات تواجه في الحياة ويصبح عضوا سلبيا غير نافع في كثير من الأحيان.....كما يكون المرء مع نفسه سلبيا فاشلا في الحياة لماذا؟ لإنه بمجرد إرسال رسائل إلى عقله والغقل يحولها إلى العاقل الباطن فتعمل هذه الرسائل السلبية في هذا الإنسان وتجعله سلبيا كأن يقول لنفسه : أنا لا أستطيع أن أفعل هذا العمل أخشى السقوط ..أخشى الفشل ...أخشى الرسوب...ربما يضحك الناس من تصرفاتي ...أنا لا أحسن القراءة والكتابة ولن أستطيع أن أتعلم ...أنا لا أصلح لهذه المهمة ...وووو...ماذا يكون قد فعل هذا الإنسان أو هذا تالفرد إنه أرسل رسائل سلبية إلى العقل الباطن الذي يخزن هذه المعلومات ثم حينما يريد الفرد أن يعمل عمل ما تبرز هذه السلبيات وتذكره أنه غير قادر فلا يجب رأن يعب نفسه ...وأنا قد بلغت من العمر العقد الخامس أحاول تغير حياة إلى الأحسنم في الأسرة وفي التدريس ومع الناس وأحاول أن احسن من مستواي التعليمي صدقوني وجدت صعوبات جمة ووجدت مواجهة من داخلي عسيرة وعسيرة وأنا في مواجهة الأعاصير من الأفكار السلبية قد تكون أفكار مخزنة وها هي تبرز عندما أريد أن أقوم بعمل ما أجد صعوبات ورغم هذا لم استسلم بل إنني في حرب مع نفسي وحتى مع أقرب المناس إلي لإنهم يريدون مني أن أبقى مكاني دون حركة وأرضى بقدريث ولا أبذل أي مجهود ولكني إنني في صراع مع نفسي لإعير من حياتي قبل سنة كنت لا أعرف شئ عن الأنترنت ولكن بعد عام أصبحت لي مهارات وأصبحت أتصل بإلا ذاعات وأقوم بحوارات وها أنا أتصل بكم نعم هناك محاولات لكن لست راض ...ساعدوني ووجهوني وأنصحوني وبارك الله فيكم جميعا أيه الأحبة أبوبكر شرق الجزائر

ريحانة امجد
08-02-2008, 07:13 PM
بارك اللة لك اخي واعلم ان الفشل هوسلم النجاح فعندما نتطلع الي مخترع المصباح الكهربائى هل تعلم كم عدد المرات التي فشل فيها اكثر من الف مرة الي ان وصل في النهاية الي هذا الاختراع الرهيب
فالمرء لايولد ومعة النجاح ان الامر يتطلب ارادة وصبر وهدف
واعلم ان السقوط هو بداية النهوض لان الارادة وحدها قادرة علي التحمل وقادرة علي الوصول لهدفها

همس الرووح
08-16-2008, 10:16 AM
كاالعادة مبدع في اختيارك

ولكن دائماً هناك شيئ يدفع الانسان


لتحقيق شيء ما وقد يفشل فيه بالرغم

من اعداد العدة .... و هناك الكثيرين الذين


اشتهروا ولم يذكر لهم مرات فشلهم كأديسون وأمثاله،،،

دائماً الفشل نتيجته النجاح ،،،،،،،

زين العابدين بارك الله فيك .