المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث في الدعوة والدعاة



السعيد شيخ
05-27-2008, 08:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الدعاة المعتدلون!!




أو يقولون: نحن الدعاة إلى الوسطية (التيسير)، بلا تشدّد في الدين، و لا تفلّت منه،لا تنطّع في الأحكام الشرعيّة، و لا تهاون فيها. فإذا ذكروا التفلّت من الدين، أو التهاون في الأحكام الشرعيّة فإنّك لا تكاد تسمعهما، وقد يكرّرونها مرّة أخرى بما لا يُخالف المرّة الأولى.
أما إذا بدؤوا الحديث عن التيسير ، فهم يُفيضون في الحديث عنه، كأنّهم يريدون أن يبرّؤوا الإسلام من تهمة أ و عار، وساقوا لك الأدلّة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة، ونسوا- أو تناسَوْا، فالله أعلم بما في القلوب- العودة إلى وجوب الالتزام بالدين والتمسّك بالأحكام الشرعيّة، و أدلّته من القرآن الكريم والسنّة الشريفة.
و الأنكى أن يجمعوا بين لفظين مختلفين في المعنى: التيسير و التسهيل، وأتساءل: هل تتحمّل الآية الكريمة السادسة من سورة الشرح (إنّ مع العسر يُسرا)، تفسير( اليسر) بالسهولة؟! القارئ يفهم أن (اليسر)هنا يرافق العسر(مع)، لا يقابله و لا يضادّه. مع(العسر ) ( يسر) . إذاً ما ضدّ ( العسر) ؟ إنــــَه ( السهولة ). فإذا تناقض( العسر ) و ( السهولة)، فهل يُعقل أن تقول: ( إنّ مع العسر سهولة ) ؟! كلّ ما يمكن أن نقول : إن الأمر اليسير ما أمكن القيام به، سواء أكان سهلاً أم صعباً ، على ألا تصل الصعوبة ( أو العسر ) إلى حدّ الاختناق أو الوصول إلى تمرّد النفس وعصيان الله بسبب هذه الصعوبة ( المنبتّ لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع ). فكثرة الضغط تولّد الانفجار: و التعفّف عن ارتكاب الفاحشة ميسور – وقطعاً ليس سهلاً - ، أمّا الرهبانيّة فصعوبة بالغة قد تؤدي إلى الفجور ، وربما إلى الكفر ، فهي محرّمة قطعاً – لهذا السبب ولأنّ الزواج سنة الله لدوام الحياة الدنيا - ، والتعفّف واجب .

ليس الداعية أو المفتي مسؤولاً عن تيسهيل أو تشديد، فالحكم لله –تعالى-، وما نذكره من أنّ الإسلام دين الاعتدال فما هو إلا تصوّير شامل للإسلام، أما التفصيلات فليس لنا إلا أن نعود بها إلى النصوص الشرعية و ما يُستنبط منها ( الاجتهاد )، و إذا اتخذ المفتي لنفسه سبيل التسهيل أو التشديد دون العودة إلى النصوص، فقد خرج من الشرع إلى الرأي الشخصيّ، نعم! إذا كان في الأمر سعة، وكان المسلم مخيّراً بين أمرين أفتى بأسهلهما، دون أن نُحرّمَ واحداً منهما، فالطعام له حدود شرعيّة: -أولاً :وجوب أن تأكل ما يُعينك علّى طاعة الله وعبادته- ولتفهم العبادة بمعناها العامّ: كلّ قول أو فعل ترجو به رضا الله، وتفعله بالطريقة التي شرّعها الله- ثانياً: لك أن تزيد من الطيّبات التي أحلّها الله- تعالى- من مصدر ه الحلال، دون إحساس بتكالب على الحياة الدنيا و عبوديّة للطعام، و بدون تخمة و لا أذى لنفسك أو لغيرك أو حرمان للجائع و لو أدّيت زكاة مالك! و للناس أن يعيشوا ضمن هذين الحدين، و كلّهم مسلمون، ثمّ قد يكون بعدها التفاضل و التفاوت في الثواب.
فبسبب السيف المسلّط على رقاب كلّ من يدعو إلى الالتزام بالدين بدعوى التيسير والتسهيل- دع عنك الغلاة المتشدّدين- تقاعسوا عن التذكير بأوامر الله، أو صمّ قوم آذانهم عن دعوة الحقّ، وركنوا إلى الأخذ بشيء من الدين و الاكتفاء به!! ليصبح رمزاً يُدخلهم في زمرة عباد الله الصالحين!!
و يقولون: نحن الدعاة إلى الله-تعالى-بالحكمة والموعظة الحسنة،

متّبعين قوله-تعالى- (وادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة)، مقتدين بسنة رسوله - صلّى الله عليه وسلّم- مبتعدين عن فظاظة و غلظة القلب، مهتدين بما مدحه الله به: (ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك). أيّ مسلم يجرؤ على قول ما يُخالف هذا، ولكنّ الإنسان لا يمشي على قدم واحدة،والمسلم لا ينسى قوله – تعالى-: ( فاصدع بما تؤمر، وأعرض عن الجاهلين ).
المعيار لا يتبدّل، تفاضل الرجال يكون في عرض الحقيقة - الحقيقة وحدها بدون مواربة- بأسلوب لطيف جذّاب يشدّ أسماع الآخرين، بمعرفة المداخل المقنعة للموضوع، قد يبدؤون بذكر النقاط التي يتفق عليها الفرقان، يريدون بها الوصول إلى نقاط الاتفاق في راحة نفسية تساعد على تقبّل الحوار، قد يبذؤون بذكر الحكم الإسلامي من جانب لا يصدم الطرف الآخر، لكنّ المطلوب دائماً ألا تختفي الحقيقة وراء ذرائع باطلة، كمصلحة الدعوة ، والمطلوب دخول الناس في الإسلام!! كأنّنا نريد ألا يكون لنا إسلام واحد، إنّما أكثر من إسلام واحد، وهو في حقيقة الأمر دين الناس السابق لما يُدّعى أنّه إسلام، كلّ ما فعلناه أنّا حوّلنا أسماءهم من وثنيين- مثلاً – إلى مسلمين!!
ثمّ إذا ذكرت جماعة التكفير والهجرة أحسست أنّّه خشي على نفسه أن يُنسب إليها، فكان سبّاقاً إلى إعلان براءته من كلّ تكفير: أنا لا أكفّر أحداً!!



حقيقة الكفر
• La notion de ( kufr ) = cover = couvrir


• المشكلة في الفهم المنحرف لكلمة( الكفر )، لقد تواضعت العرب على تخصيص معناه في بيان الفرق بين فريق وآخر ، فإذا كان الفريق الأول يؤمن بفكرة محدّدة، و لا يؤمن الفريق الآخر بها، عبروا عن هذا بكلمة الكفر، والعكس صحيح . و القرآن الكريم صوّر هذا أروع تصوير بقوله – جلّ وعلا -:{ قل: يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون* و لا أنتم عابدون ما أعبد* و لا أنا عابد ما عبدتم* و لا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم، وليَ دين * Nulle contrainte en religion البقرة - 256 }، والإيجاز في اللسان أمر مألوف، و بخاصّة إذا لم يخلّ بالمعنى، كأنّه يقول: يا أيها الكافرون بما نؤمن. وليس هذا غريباً في الألسنة الأخرى، فالفرنسية تُسمي الفريق الأول مؤمناً (CROYANT)، أما الإنجليزية فتُسميه(BELIEVER )،و تسميان الفريق الآخر( CROYANT IN ) أو ( BELIEVER UN ) أي { غير مؤمن }. وقد يكون هذا النفي للإيمان أقسى من لفظ ( الكافر ) لغويا، فالإسلام كان أكثر تهذيبا حين استعار من الزراعة هذا اللفظ، وهو يعني ستر البذور في الأرض، ومن عقيدة المسلم أن الكافر مؤمن بالله بفطرته (كل مولود يولد على الفطرة )، لكنه يخفي إيمانه في أعماق نفسه، وليست مهمتنا أن نجعله يؤمن بالله، بل أن نوقظه من غفلته ( و ما أكثر ما نسمع هذا التعبير: الغفلة عن ذكر الله)، ولا يقولنَّ عاقل: إن الإيقاظ من الغفلة يكون بالقهر والإكراه ، بل بالتنبيه والإقناع وربما بالعلاج النفسي الملائم . والآية الكريمة ( لا إكراه في الدين ) جاءت جملة اسمية تقرر واقعا، فنحن لا نستطيع أن نفرض الدين، لأنه اعتقاد داخلي، وإن تظاهر الفرد بالإيمان ( إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء *– القصص – 56 - Tu(Muhammad)
o celui que tu aime, mais pas ne dirige
• .les biens Guides C’est Allah qui le veut ; Il connaît cependant
وما فهمه المسلمون من تحريم إكراه الناس على الإسلام، إن هو إلا نتيجة منطقية لهذه الحقيقة التي ذكرها القرآن الكريم. أنعم النظر في قوله – تعالى: ( فإذا ركبوا في الفلك دعَوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البرّ، إذا هم يشركون ليكفروا بما آتيناهم، وليتمتعوا، فسوف يعلمون * Quand ils montent en bateau, ils invoquent Allah Lui vouant exclusivement leur culte. Une fois qu'Il les a sauvés (des dangers de la mer en les ramenant) sur la terre ferme, voilà qu' ils (Lui) donnent des associés Qu' ils nient ce que nous leur avons donné et jouissent des biens de ce monde! Ils sauront bientôt! الآيتان 65، 66 من سورة العنكبوت
فلماذا نخشى من نسبة إنسان إلى الكفر إذا كان فيه ما يُدخله في الكفر يقيناً،
قد يصدر الحكمَ بالتكفير مفتٍ- وهو الذي يتمتّع بالعلم الشرعيّ المؤهِّل، لا بالثقافة الإسلاميّة، ولو قرأ آلاف الكتب للأئمّة المتّبعين، فهو كحطّاب ليل، وهذه هي مصيبتنا مع جماعة التكفير والهجرة و أضرابهم -، أمّا العقوبة فليست من حقّ المفتي، و لا حقّ في هذا إلا للقاضي الذي يُحاكمَ المتّهم وفق أصول المحاكمات المنصوص عليها شرعا.


و يقولون: هؤلاء هم الدعاة إلى الله- تعالى-،

يحاورهم المذيع، كأنّما تُحسّ بتبعيّة الداعية للمذيع- و لا تعدّوا هذا من الظنّ السيئ-،و أنّ الأوّل يعرض عضلاته الكلاميّة ليتمكّن من تأكيد فكرة الثاني. نعم! موضوع الحوار متّفق عليه من قبل، فلا خلاف يُلمَس في أثناء عرضه على الجمهور، وليس من الظنّ أنّ الحلقة الواحدة تكلّف المبلغ ( المجقوم ) أعلاه!!

فما غاية هذه الأحاديث؟الله- تعالى- أعلم، و لا تظنّوا الظنّ السيئ!



فليتق الدعاة الله- تعالى-
و ليقولوا قولاً سديدا

همس الرووح
06-24-2008, 09:41 PM
http://forum.moalem.net/file/2008/06/29.gif (http://www.up.3ros.net)

عبير الورد
08-21-2008, 11:04 AM
وهل يوجد علماء ربانيون في هذا الزمان ؟

جزاك الله خيرا على مواضيعك القيمة .

وادي المسك
08-21-2008, 12:07 PM
موضوع قيم جدا شكرا جزيلا لك اخي الكريم وبارك الله فيك

ريحانة امجد
08-24-2008, 04:28 PM
أخى الكريم جزاك الله خير وليكن همنا هو الوحدة لاالشتات وأعلم أن الدعاة كثر ومنهم من يخطئ ومنهم من يصيب ولكن الامر لاينطبق علي الكل ومن أبرز الدعاة اللذين أثرو في شخصيتي وغير مني الكثير الداعية عمرو خالد سيحان الله لة قبول غير عادي
أمابنسبة الي التيسير والسهولة فديننا دين وسطية ونحن من صعبنا علي أنفسنا أمور ديننا
وأنا معك في أمر التكفير فهذا لا]يجوز نحن نجرم العمل ولكن لانكفر هم ونترك أمرهم الى الله
والسلام مسك الختام

السعيد شيخ
08-30-2009, 10:03 AM
الإخوة الكرام


السلام عليكم و رحمة الله

أثابكم الله

و هدانا سبل السلام

مدرس خصوصي
08-31-2009, 02:27 AM
استغرب هنا ياشيخ سعيد عدم اجابتك لردود الاعضاء حينما يتسائلون عن بعض النقاط التي اوردتها في مقالك هنا!؟ ماسبب ذلك؟
اخت عبير الورد نعم العلماء الربانيون موجودين وهم علماء السنه والجماعه رعاك الله تعالى.

السعيد شيخ
09-01-2009, 10:16 AM
الأخ الكريم المدرس الخصوصي!!

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


رعاك الله
أمّا السؤال عن وجود علماء ربانيين، - إن كان سؤالاً غرضه الاستفهام عن أمر مجهول أو يراد به التأكّد من أمر لم نبلغ فيه درجة اليقين، فالجواب جوابك لآ يناقش فيه مسلمان:

نعم العلماء الربانيّون بين ظهرانينا، و لا يمكن أن يخلوَ زمان منهم، فالله في عوننا دائما، و نحن نمدّ إليه أكفّ الضراعة أن يخلصنا من كلّ سوء.


لم أجب عن هذا السؤال بالذات ( لا عن أسئلة الأعضاء بالجمع! )

فالاستفهام في البلاغة له أغراض، و سياق الكلام لم يُحدّد لي أي غرض له، وأنا حاضر للجواب إن كانت الأخت عبير الوررد تعني غير ما فهمته أنت ، و أجبت عنه الجواب الذي يجيبه كل مسلم.

وسلام من الله لكم أيها الكرام أتباع محمد - صلى الله عليه وسلّم-