moalma
03-31-2008, 08:21 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملخص كتاب جدد حياتك لمحمد الغزالي
(1) جدد حياتك
لا تعلّق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير و تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس
ونحن كما نرتب البيت من الفوضى ونعيد كل شيء في مكانه الصحيح يجب ان نرتيب حياتنا بين الحين والحين لنرى ما عراها من اضطراب فنزيله وما لحقها من إثم فننفيه عنها مثلما تُنفى القمامة
إن تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة، أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة، فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلاً حميداً، ولا مسلكاً مجيداً.
إنها عودة تتطلب أن يجدد الإنسان نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، وأن يستأنف مع ربه علاقة أفضل، وعملاً أكمل، وعهداً يُجري على فمه هذا الدعاء: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت أبوءُ لك بنعمتك عليّ، وأبوءُ بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)
(2) عش في حدود يومك
(والعيش في حدود اليوم – وفق هذه الوصايا – يتّسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من أصبح آمناً في سِربه معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزتْ له الدنيا بحذافيرها)الترمذي
(ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتاً من بعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بيّن).
وهي نصيحة للأديب الإنكليزي (توماس كارليل)
على أن العيش في حدود اليوم لا يعني تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له، فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل.
وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ في استغلال اليوم الحاضر وبين التوجّس المربك المحيّر مما قد يفد به الغد.
(3)الثباتُ والأَناةُ والاحتيالُ
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" آل عمران- 156
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)
يقول ديل كارنيجي1 سل نفسك: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي؟2 ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الاحتمالات 3 ثم اشرع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ولا شك أن الرجل الذي يضبط أعصابه أمام الأزمات، ويملك إدارة البصر فيما حوله هو الذي يظفر في النهاية بجميل العاقبة.
(4)هُمومٌ وسُموم
نذكر بعض أحاديث النبي محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذم هذا التكالب والترهيب من عقباه، قال (من جعل الهم هماً واحداً كفاه الله همّ دنياه. ومن تشعَّبتْه الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك) . الحاكم
هذا اللون من التوجيه النبوي بقصد به بثّ السكينة في الأفئدة، واستئصال جراثيم الطمع والتوجع التي تطيل لُغوبَ الإنسان وراء الدنيا وتحسّره على ما يفوته منها، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (من كانت الآخرة همَّه جعل الله غِناه في قلبه، وجمع له شمْلَه، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همَّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدّر له)الترمذي وقال: (تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله ضَيْعته، وجعل فقره بين عينيه. ومن كانت الآخرة أكبر همّه جمع الله له أموره، وجعل غِناه في قلبه. وما أقبل عبدٌ بقلبه على الله عز وجل إلا جمع الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالوُدّ والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع)البيهقي
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن الغنى ليس عن كثرة العَرض، ولكن الغنى غنى النفس. وإن الله عز وجل يؤتي عبده ما كُتب له من الرزق، فأجملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرُم) أبو يعلى.
والإجمال في الطلب – كما رأيت – لا يعني القعود أبداً إن الطلب الجميل تكسُّب الحلال في سماحة ورفق، وإطِّراح الحرام في زَهادة وأنفة.
ان السعار المادي بالسباق على حطام الدنيا يهلك الصحة ولو أن أحداً ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم، فما الفرق بينه وبين العامل الذي يحفر الأرض؟ لعل العامل أشد استغراقاً في النوم، وأوسع استمتاعاً بطعامه من رجل الأعمال ذي الجاه والسطوة.
إن من حق الدنيا علينا أن نعمل فيها، وأن ننال من ضروراتها ومرفهاتها ما يحفظ حياتنا ويسعدها، ولكن من الحماقة أن يتحوّل المال إلى هدف مقصود لذاته
(5) كيف نزيل أسباب القلق؟
وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُون )يونس 36َ(
وجدير بالإنسان في عالم استوحش فيه الحق على هذا النحو أن يجتهد في تحريه، وأن يلتزم الأخذ به، وأن يرجع إليه كلما بعّدته التيارات عنه
وهذا ما ندعو به في كل صلواتنا::"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" الفاتحة 6،7
وينقل عن ديل كارنيجي قوله : (إننا قلّما نُعنى بالحقائق، وإذا حدث أن حاول احدُنا استخلاص الحقائق فإنه يتصيّد منها ما يعضّد الفكرة الراسخة في ذهنه ولا يبالي بما ينقضها، أي أنه يسعى إلى الحقائق التي تسوّغ عمله، وتتسِق مع أمانيه، وتتفق مع الحلول السطحية التي يرتجلها.
فما العلاج؟ العلاج أن نفصل بين عاطفتنا وتفكيرنا، وأن نستخلص الحقائق المجردة بطريقة محايدة).
والخطوة التالية لجمع الحقائق استشعار السكينة التامة في تلقّيها، وضبط النفس أمام ما يظهر محيّراً أو مروّعاً منها،
(6) علمٌ أثمَرَه العمل
وقد جاء عن أحد التابعين: (كنا نستعين على حفظ أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم بالعمل بها)
إن العمل يحيي القلوب بالمعرفة اليقظة الدافعة.
والعلم الذي ينشأ عن العمل هو الملكة التي يستنير بها المرء، ويعرف منها مواقع أقدامه في دروب الحياة المتشابهة.
وينقل عن ديل كارنيجي (إن التعلم عمل إيجابي لا سلبي، ونحن نتعلم حين نعمل، فإذا أردتَ أن تستفيد من النصائح المبذولة في تضاعيف هذا الكتاب – أو أي كتاب – فجرّبها، واعمل بها، وطبّقها في كل فرصة تسنح لك.
فإنك – إن لم تفعل هذا – فسوف تنسى ما لُقِّنْتَه سريعاً ).
إن المعرفة التي نستخدمها هي وحدها التي تعلق بأذهاننا
(7) آفات الفراغ
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ) البخاري
قال الشافعي في أسس التربية هذه الكلمة الرائعة: (إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل)
إذا لم تَدُر في حركة سريعة من مشروعات الخير والجهاد والإنتاج المنظّم لم تلبث أن تنهبها الأفكار الطائشة، وأن تلُفّها في دوامة من الترهات والمهازل وأفضل ما تصون به حياة إنسان أن ترسم له منهاجاً يستغرق أوقاته، ولا تترك فرصة للشيطان أن يتطرق إليه بوسوسة أو إضلال. وتوزيع التكاليف الشرعية في الإسلام منظور فيه إلى هذه الحقيقة، ألاّ يُترك للنفس فراغ يمتلئ بالباطل، لأنه لم يمتلئ من قبل بالحق.
(8) لا تَدَع التوافِهَ تغلبُك على أمرك
(إن الشيطان قد يئس أن تُعبد الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات يوم القيامة ) الطبراني
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهْلكنه، وإن رسول الله صلي الله عليه وسلم ضرب لهنّ مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعُود، والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً، فأجّجوا ناراً، فأنضجوا ما قذفوا فيها)
مسند أحمد
يشير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله" لا يَفْرِكْ – لا يكره – مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر" مسلم
وقد اكد الخبراء ان معظم حالات الطلاق كان سببها التوافه.
ويقول ديل كارنيجي (إننا غالباً ما نواجه كوارث الحياة وأحداثها في شجاعة نادرة وصبر جميل، ثم ندع التوافِهَ بعد ذلك تغلبنا على أمرنا)
(9) قضاءٌ وقدرٌ
قال تعالى" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(يوسف)21
وقال الله عز وجل"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
البقرة- 155-157
والمرونة في مقابلة الشدائد بعض آثار الإيمان والرشد.
وحريٌّ بالرجل الذي يدع العاصفة تمر أن يحسن التغلب عليها بعد أن تكون حدّتها قد انكسرت.
وهذه المرونة دلالة تأدّب مع الله وسكينة في ملاقاة قدره
لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم"مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء. ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد) وفي رواية: (مثل المؤمن كمثل الخـامـة من الزرع تُفيئُها الريح تصرعها مرة وتَعْدِلُها أخرى حتى تهيج – أي تقوى وتنضح -. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذّبة على أصلها لا يفيئها شيء – لا تميل مع ريح لصلابتها – حتى يكون انجعافُها مرة واحدة) البخاري – أي – انكسارها).
وهذه المرونة في ملاقاة الواقع البغيض قد تكلّفك الابتسام له، وحمل النفس على حسن استقباله، لا لأنك تودّ بقاءه، بل تخفيفاً من شدة الضيق به
قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : (اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) الترمذي
وفي هذا يقول (ديل كارنيجي) كلاماً حسناً:
(عليك أن تختار واحداً من شيئين: إما أن تنحني حتى تمر العاصفة بسلام، وإما أن تتصدى لها متعرضاً بذلك للهلاك.
دكتور (رينولد تايبر) الأستاذ بمعهد الاتحاد الديني بنيويورك:
هبْني اللهــم الصبـر والقدرة لأرضى بمــا ليس منه بــدّ وهبنـي اللهم الشجاعة والقوة لأغيّر ما تقوى على تغييره يـد وهبنـي الله السـداد والحكمـة لأميّز بيــــن هـــذا وذاك
ملخص كتاب جدد حياتك لمحمد الغزالي
(1) جدد حياتك
لا تعلّق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير و تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس
ونحن كما نرتب البيت من الفوضى ونعيد كل شيء في مكانه الصحيح يجب ان نرتيب حياتنا بين الحين والحين لنرى ما عراها من اضطراب فنزيله وما لحقها من إثم فننفيه عنها مثلما تُنفى القمامة
إن تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة، أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة، فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلاً حميداً، ولا مسلكاً مجيداً.
إنها عودة تتطلب أن يجدد الإنسان نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، وأن يستأنف مع ربه علاقة أفضل، وعملاً أكمل، وعهداً يُجري على فمه هذا الدعاء: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت أبوءُ لك بنعمتك عليّ، وأبوءُ بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)
(2) عش في حدود يومك
(والعيش في حدود اليوم – وفق هذه الوصايا – يتّسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من أصبح آمناً في سِربه معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزتْ له الدنيا بحذافيرها)الترمذي
(ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتاً من بعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بيّن).
وهي نصيحة للأديب الإنكليزي (توماس كارليل)
على أن العيش في حدود اليوم لا يعني تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له، فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل.
وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ في استغلال اليوم الحاضر وبين التوجّس المربك المحيّر مما قد يفد به الغد.
(3)الثباتُ والأَناةُ والاحتيالُ
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" آل عمران- 156
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)
يقول ديل كارنيجي1 سل نفسك: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي؟2 ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الاحتمالات 3 ثم اشرع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ولا شك أن الرجل الذي يضبط أعصابه أمام الأزمات، ويملك إدارة البصر فيما حوله هو الذي يظفر في النهاية بجميل العاقبة.
(4)هُمومٌ وسُموم
نذكر بعض أحاديث النبي محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذم هذا التكالب والترهيب من عقباه، قال (من جعل الهم هماً واحداً كفاه الله همّ دنياه. ومن تشعَّبتْه الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك) . الحاكم
هذا اللون من التوجيه النبوي بقصد به بثّ السكينة في الأفئدة، واستئصال جراثيم الطمع والتوجع التي تطيل لُغوبَ الإنسان وراء الدنيا وتحسّره على ما يفوته منها، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (من كانت الآخرة همَّه جعل الله غِناه في قلبه، وجمع له شمْلَه، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همَّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدّر له)الترمذي وقال: (تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله ضَيْعته، وجعل فقره بين عينيه. ومن كانت الآخرة أكبر همّه جمع الله له أموره، وجعل غِناه في قلبه. وما أقبل عبدٌ بقلبه على الله عز وجل إلا جمع الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالوُدّ والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع)البيهقي
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن الغنى ليس عن كثرة العَرض، ولكن الغنى غنى النفس. وإن الله عز وجل يؤتي عبده ما كُتب له من الرزق، فأجملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرُم) أبو يعلى.
والإجمال في الطلب – كما رأيت – لا يعني القعود أبداً إن الطلب الجميل تكسُّب الحلال في سماحة ورفق، وإطِّراح الحرام في زَهادة وأنفة.
ان السعار المادي بالسباق على حطام الدنيا يهلك الصحة ولو أن أحداً ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم، فما الفرق بينه وبين العامل الذي يحفر الأرض؟ لعل العامل أشد استغراقاً في النوم، وأوسع استمتاعاً بطعامه من رجل الأعمال ذي الجاه والسطوة.
إن من حق الدنيا علينا أن نعمل فيها، وأن ننال من ضروراتها ومرفهاتها ما يحفظ حياتنا ويسعدها، ولكن من الحماقة أن يتحوّل المال إلى هدف مقصود لذاته
(5) كيف نزيل أسباب القلق؟
وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُون )يونس 36َ(
وجدير بالإنسان في عالم استوحش فيه الحق على هذا النحو أن يجتهد في تحريه، وأن يلتزم الأخذ به، وأن يرجع إليه كلما بعّدته التيارات عنه
وهذا ما ندعو به في كل صلواتنا::"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" الفاتحة 6،7
وينقل عن ديل كارنيجي قوله : (إننا قلّما نُعنى بالحقائق، وإذا حدث أن حاول احدُنا استخلاص الحقائق فإنه يتصيّد منها ما يعضّد الفكرة الراسخة في ذهنه ولا يبالي بما ينقضها، أي أنه يسعى إلى الحقائق التي تسوّغ عمله، وتتسِق مع أمانيه، وتتفق مع الحلول السطحية التي يرتجلها.
فما العلاج؟ العلاج أن نفصل بين عاطفتنا وتفكيرنا، وأن نستخلص الحقائق المجردة بطريقة محايدة).
والخطوة التالية لجمع الحقائق استشعار السكينة التامة في تلقّيها، وضبط النفس أمام ما يظهر محيّراً أو مروّعاً منها،
(6) علمٌ أثمَرَه العمل
وقد جاء عن أحد التابعين: (كنا نستعين على حفظ أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم بالعمل بها)
إن العمل يحيي القلوب بالمعرفة اليقظة الدافعة.
والعلم الذي ينشأ عن العمل هو الملكة التي يستنير بها المرء، ويعرف منها مواقع أقدامه في دروب الحياة المتشابهة.
وينقل عن ديل كارنيجي (إن التعلم عمل إيجابي لا سلبي، ونحن نتعلم حين نعمل، فإذا أردتَ أن تستفيد من النصائح المبذولة في تضاعيف هذا الكتاب – أو أي كتاب – فجرّبها، واعمل بها، وطبّقها في كل فرصة تسنح لك.
فإنك – إن لم تفعل هذا – فسوف تنسى ما لُقِّنْتَه سريعاً ).
إن المعرفة التي نستخدمها هي وحدها التي تعلق بأذهاننا
(7) آفات الفراغ
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ) البخاري
قال الشافعي في أسس التربية هذه الكلمة الرائعة: (إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل)
إذا لم تَدُر في حركة سريعة من مشروعات الخير والجهاد والإنتاج المنظّم لم تلبث أن تنهبها الأفكار الطائشة، وأن تلُفّها في دوامة من الترهات والمهازل وأفضل ما تصون به حياة إنسان أن ترسم له منهاجاً يستغرق أوقاته، ولا تترك فرصة للشيطان أن يتطرق إليه بوسوسة أو إضلال. وتوزيع التكاليف الشرعية في الإسلام منظور فيه إلى هذه الحقيقة، ألاّ يُترك للنفس فراغ يمتلئ بالباطل، لأنه لم يمتلئ من قبل بالحق.
(8) لا تَدَع التوافِهَ تغلبُك على أمرك
(إن الشيطان قد يئس أن تُعبد الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات يوم القيامة ) الطبراني
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهْلكنه، وإن رسول الله صلي الله عليه وسلم ضرب لهنّ مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعُود، والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً، فأجّجوا ناراً، فأنضجوا ما قذفوا فيها)
مسند أحمد
يشير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله" لا يَفْرِكْ – لا يكره – مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر" مسلم
وقد اكد الخبراء ان معظم حالات الطلاق كان سببها التوافه.
ويقول ديل كارنيجي (إننا غالباً ما نواجه كوارث الحياة وأحداثها في شجاعة نادرة وصبر جميل، ثم ندع التوافِهَ بعد ذلك تغلبنا على أمرنا)
(9) قضاءٌ وقدرٌ
قال تعالى" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(يوسف)21
وقال الله عز وجل"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
البقرة- 155-157
والمرونة في مقابلة الشدائد بعض آثار الإيمان والرشد.
وحريٌّ بالرجل الذي يدع العاصفة تمر أن يحسن التغلب عليها بعد أن تكون حدّتها قد انكسرت.
وهذه المرونة دلالة تأدّب مع الله وسكينة في ملاقاة قدره
لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم"مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء. ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد) وفي رواية: (مثل المؤمن كمثل الخـامـة من الزرع تُفيئُها الريح تصرعها مرة وتَعْدِلُها أخرى حتى تهيج – أي تقوى وتنضح -. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذّبة على أصلها لا يفيئها شيء – لا تميل مع ريح لصلابتها – حتى يكون انجعافُها مرة واحدة) البخاري – أي – انكسارها).
وهذه المرونة في ملاقاة الواقع البغيض قد تكلّفك الابتسام له، وحمل النفس على حسن استقباله، لا لأنك تودّ بقاءه، بل تخفيفاً من شدة الضيق به
قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : (اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) الترمذي
وفي هذا يقول (ديل كارنيجي) كلاماً حسناً:
(عليك أن تختار واحداً من شيئين: إما أن تنحني حتى تمر العاصفة بسلام، وإما أن تتصدى لها متعرضاً بذلك للهلاك.
دكتور (رينولد تايبر) الأستاذ بمعهد الاتحاد الديني بنيويورك:
هبْني اللهــم الصبـر والقدرة لأرضى بمــا ليس منه بــدّ وهبنـي اللهم الشجاعة والقوة لأغيّر ما تقوى على تغييره يـد وهبنـي الله السـداد والحكمـة لأميّز بيــــن هـــذا وذاك