bodalal
03-26-2008, 11:14 PM
أمضيت قرابة الشهر وأنا أجوب مدن ألمانيا شرقها وغربها، جنوبها وشمالها مستخدما الباصات والقطارات فوق الأرض وتحت الأرض، ولم يحدث أن سألني أحد ولو لمرة واحدة عن تذكرة الركوب، كبائن بيع التذاكر منتشرة في كل مكان، والجميع يتجه إليها ليضع فيها قطع النقود ويأخذ التذكرة ثم يتوجه إلى الباص أو القطار على الرغم من عدم وجود التفتيش على التذاكر، طريقة غريبة في التعامل تقوم على الثقة بالبشر وعدم تعميم مسؤولية وجود بعض «الحرامية» على الآخرين.
يقول علماء التربية إن التربية الحقيقية تحقق أهدافها متى ما أصبح تطبيق القانون والنظم نابعا من الاحترام والثقة.
عندما زرت هامبورغ العام الماضي كانت ألمانيا كسائر البلدان المسيحية تحتفل بعيد الفصح Easter والذي صادف أن كان يومي الأحد والاثنين، فكان دوام يوم الجمعة قبل العطلة ويوم الثلاثاء بعد العطلة عاديا جدا، ولم يحدث أن قام معظم الموظفين هناك بربط العطلة من أول الأسبوع إلى نهاية الأسبوع التالي لمجرد وجود عطلة في منتصف الأسبوع كما يحدث عندنا بكل بساطة، والأهم أنها ليست قضية تحتاج لإثارتها في البرلمان بكل تأكيد.
كنت أشاهد برنامجا تلفزيونيا قبل أيام عن الحوادث الحقيقية، حيث قامت دورية المرور بإيقاف سائق شاحنة بسبب سيره على الجانب الأيسر للطريق وتجاوزه سيارة كانت تسير ببطء على الجانب الأيمن، نزل السائق وكان كبيرا بالسن وعندما سأله الشرطي هل تعلم لماذا أوقفتك، أجاب بنعم لأنه تجاوز الحارة المخصصة للشاحنات، وبعد أن تأكد الشرطي من سجل الرجل ووجده نظيفا تماما قال له إنني لن أسجل لك مخالفة هذه المرة، فاستغرب السائق وقال له إن هذا غير معقول، أنا أخطأت ولا بد أن تسجل مخالفة، هذه أول مرة أرى فيها مثل هذا الموقف في حياتي.
لو تأملنا أوضاعنا وما نعيشه من فوضى وتجاهل تام للقانون على الرغم من الكم الهائل من الإدارات والموظفين المعنيين فقط بمراقبة تطبيق القانون لأصابنا الإحباط والضجر، بقدر ما يصيبنا من الغثيان بسبب تلك المظاهر المخزية من الإجراءات التعسفية والبيروقراطية المريضة، كل ذلك بسبب انعدام الثقة بالناس واعتبارهم بلا استثناء مجرمين، يجب ألا تترك لهم حرية التصرف والعمل، تلك الآفة التي يقتات عليها القابعون خلف مكاتب بعض المسؤولين ويصورون لهم أنها ضرورية ليضمنوا بقاءهم وأننا لا نستطيع أن نتخلى عنهم.
دخل أحد الطلاب إلى مكتب مدير المدرسة وكان وجهه شاحبا من شدة الخوف والقلق، وطلب من المدير أن يعطيه ورقة لإعادة الاختبار الذي فاته، سأله المدير عن سبب الغياب فقال بكل صراحة «راحت علي نومة»، ولأن الطالب مجتهد ومتفوق ومعروف عند إدارة المدرسة بحسن سلوكه قال له المدير إنه يصدقه ولكن لا بد أن يحضر ورقة تفيد بأنه مريض حتى يمتحنه، قال الطالب لكنني لم أكن مريضا، أجابه المدير «خذ ورقة طبية ودبر نفسك بالمستوصف»!!!
هكذا تربي وزارة التربية أبناءنا على الصدق والثقة، فكيف نستغرب أن يصبح اللف والدوران واللعب على الحبلين و«من صادها عشى عياله» القيم السائدة في المجتمع؟
http://www.alanba.com.kw/AbsoluteNMNEW/templates/?a=24610&z=93
يقول علماء التربية إن التربية الحقيقية تحقق أهدافها متى ما أصبح تطبيق القانون والنظم نابعا من الاحترام والثقة.
عندما زرت هامبورغ العام الماضي كانت ألمانيا كسائر البلدان المسيحية تحتفل بعيد الفصح Easter والذي صادف أن كان يومي الأحد والاثنين، فكان دوام يوم الجمعة قبل العطلة ويوم الثلاثاء بعد العطلة عاديا جدا، ولم يحدث أن قام معظم الموظفين هناك بربط العطلة من أول الأسبوع إلى نهاية الأسبوع التالي لمجرد وجود عطلة في منتصف الأسبوع كما يحدث عندنا بكل بساطة، والأهم أنها ليست قضية تحتاج لإثارتها في البرلمان بكل تأكيد.
كنت أشاهد برنامجا تلفزيونيا قبل أيام عن الحوادث الحقيقية، حيث قامت دورية المرور بإيقاف سائق شاحنة بسبب سيره على الجانب الأيسر للطريق وتجاوزه سيارة كانت تسير ببطء على الجانب الأيمن، نزل السائق وكان كبيرا بالسن وعندما سأله الشرطي هل تعلم لماذا أوقفتك، أجاب بنعم لأنه تجاوز الحارة المخصصة للشاحنات، وبعد أن تأكد الشرطي من سجل الرجل ووجده نظيفا تماما قال له إنني لن أسجل لك مخالفة هذه المرة، فاستغرب السائق وقال له إن هذا غير معقول، أنا أخطأت ولا بد أن تسجل مخالفة، هذه أول مرة أرى فيها مثل هذا الموقف في حياتي.
لو تأملنا أوضاعنا وما نعيشه من فوضى وتجاهل تام للقانون على الرغم من الكم الهائل من الإدارات والموظفين المعنيين فقط بمراقبة تطبيق القانون لأصابنا الإحباط والضجر، بقدر ما يصيبنا من الغثيان بسبب تلك المظاهر المخزية من الإجراءات التعسفية والبيروقراطية المريضة، كل ذلك بسبب انعدام الثقة بالناس واعتبارهم بلا استثناء مجرمين، يجب ألا تترك لهم حرية التصرف والعمل، تلك الآفة التي يقتات عليها القابعون خلف مكاتب بعض المسؤولين ويصورون لهم أنها ضرورية ليضمنوا بقاءهم وأننا لا نستطيع أن نتخلى عنهم.
دخل أحد الطلاب إلى مكتب مدير المدرسة وكان وجهه شاحبا من شدة الخوف والقلق، وطلب من المدير أن يعطيه ورقة لإعادة الاختبار الذي فاته، سأله المدير عن سبب الغياب فقال بكل صراحة «راحت علي نومة»، ولأن الطالب مجتهد ومتفوق ومعروف عند إدارة المدرسة بحسن سلوكه قال له المدير إنه يصدقه ولكن لا بد أن يحضر ورقة تفيد بأنه مريض حتى يمتحنه، قال الطالب لكنني لم أكن مريضا، أجابه المدير «خذ ورقة طبية ودبر نفسك بالمستوصف»!!!
هكذا تربي وزارة التربية أبناءنا على الصدق والثقة، فكيف نستغرب أن يصبح اللف والدوران واللعب على الحبلين و«من صادها عشى عياله» القيم السائدة في المجتمع؟
http://www.alanba.com.kw/AbsoluteNMNEW/templates/?a=24610&z=93