المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوجودية



bodalal
03-07-2008, 01:26 AM
دأبت الفلسفة منذ نشأتها مع طاليس على الاهتمام «بالحكمة»، والحكمة هنا ظلت مرتبطة بالعقل طوال قرون من الزمان، حتى جاء كيركجور الفيلسوف الدنماركي وافتتح فرعا صغيرا في هذه الطريق، وهو فرع اصبح يهتم بالجانب العاطفي لحياة الانسان، بأحاسيسه ومشاعره، بآلامه ومتاعبه، وبخوفه الدائم من الموت، تلك التجربة الفردية المجهولة!

كان ذلك في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، وما لبثت هذه «الطريق الجديدة» ان فتحت على الفلاسفة من بعده جانبا لطالما غاب، او غُيب! ولم يعد السؤال عندهم عن اصل الوجود او مادته كما كان مع طاليس، اذ لم يعد الوجود الخارجي هو ما يهم هؤلاء الفلاسفة، وانما «وجودي انا» كانسان هو ما يشغلني ويقض مضجعي، فتحول معنى الوجود عندهم الى وجود الانسان لا وجود الكائنات الاخرى، حتى اطلق على فلسفتهم «الفلسفة الوجودية».

والوجـودية فكر انساني اصـيل، سـلط الضــوء على اعمـق ما في الانسان من مشــاعر، وحـفر في مداخيل النفس البشـرية ليـصل الى كل ما يؤرقها ويحـيرها، وعبر عن همــوم هذا «الموجود» الفريد في كل شــيء، في خلقه وتكوينــه، وفــي عـقله وقلبه وســلوكه، وعــالج قـضـايا ربما ترفّــع عنها كثــير من الفلاسـفــة «الكلاسيكيين»، الا انها كانت تمثــل مواضيع على درجة عالية من الاهمية في الفكر الوجـودي، كالــيأس والخــوف والقـلـق، ووجود الفرد وتأثير الآخر عليه، بل وحتى الموت على الرغم مما يحيطه من ابهام وغموض غير يسير.

والانسان - كما نجده في معظم ادبيات الفكر الوجودي - مشروع لا يكتمل الا بالموت، وحياته مليئة بالهم والكدر، يمتد حزنها منذ صــرخة المـيلاد، الى صرخة الموت، دخلها غير مختــار، ويحياها في شقــاء وألم، ولكنه رغم ذلك «حر»، بل ان الحـرية لديه هي الشــيء الوحيد الذي لا يستطيع الخلاص منه، ولا يملك منه فكاكا!

والادب الوجودي مليء بصور تلك المعاناة الانسانية بأدق تفاصيلها واعمق معانيها، غير ان التعبير عن تلك المعاني قد يأخذ اكثر من صورة، وهو محيط بنا اينما توجهنا، فنراه فكرا في كتب الفلسفة، ونثرا في كتب الادب، وشعرا في قصائد الشعراء، وتمثالا في اعمال النحاتين والرسامين، فالمعنى واحد والصورة شتى وكلها تنهل من معين واحد، نظرة البؤس والألم في وجوه البشر!

عبير الورد
03-07-2008, 03:43 AM
كأن الحرية لديهم أصبحت قيد وعبء :)



بل ان الحـرية لديه هي الشــيء الوحيد الذي لا يستطيع الخلاص منه، ولا يملك منه فكاكا!

moalma
03-07-2008, 01:39 PM
من أشهر رواد تلك الفلسفة جان بول سارتر
الذي قال كلمته الشهيرة
ولدت لأعيش وسأموت بين الكتب !!

لكنني ألاحظ ان من ينتمون لفكر الفلسفة الوجودية يكونون قريبين من الفكر الليبرالي الخاطئ الذي يرفض
ان يكون تابعا لأي قانون !!

bodalal
03-08-2008, 03:09 PM
كتبت رد .. ومدري وين راح :(


أول شي مشكورين على الردود الجميلة والتواصل ...

أختي عبير الورد .. الحرية في الوجودية ليست عبء .. وإنما هي خاصية في الانسان

وهي الشي الوحيد - بالنسبة لهم - الذي لا يملك الانسان معه " حرية " .. فنحن نولد أحراراً ولا نملك الخروج من هذه الحرية

لأن كل أفعال الانسان هي صورة من صور الاختيار .. نحن نختار ما نكون عليه


أختي شمس .. بالنسبة لي مارتن هيدجر هو أهم الفلاسفة الوجوديين على الاطلاق ... وليس سارتر

سارتر كان صحفي وعرف شلون يكون لنفسه سمعة إعلامية :)

خاصة من خلال حملته ضد الأسلحة النووية بالخمسينات

بالتأكيد هو فيلسوف مهم .. ولكن هيدجر أهم منه بكثير

أما الليبرالية .. فهي إيديولوجيا تقوم على مبدأ التحرر من كل فكر أو قواعد مسبق .. مثل الدين

لا يعني هذا أنها لا تقوم على مبادئ .. ولكن مبادئها تتأسس وفقا للعقل وليس لأي شيء آخر ...

وهي ايديولوجيا ذات نزعة فردية تمجد الفرد ..

ولكن فيها قانون ومبادئ بالتأكيد ..

مشكورين ...

همس الرووح
03-08-2008, 08:41 PM
لي عودة وللنقاش معكم أعزائي

عبير الورد
03-08-2008, 09:22 PM
هل للسعادة والفرح نصيب في الوجودية أم أن كل المواضيع المطروحة حزينة وتميل لليأس ؟

bodalal
03-08-2008, 11:11 PM
في انتظار آرائك اختي همس الروح ...

اختي عبير الورد ..

ميزة الوجودية أنها اهتمت بتفاصيل الحياة اليومية للانسان .. مواضيع لم يعتد عليها الفلاسفة من قبل ..

فالانسان كما هو .. هو محور اهتمام الفلسفة الوجودية ..

ولأن حياة الانسان في حقيقتها مليئة بالهم والكدر .. كان لهذا الجانب النصيب الأكبر

ولكن هناك مواضيع أخرى لا تقل عنها أهمية ..

أذكر لك على سبيل المثال عناوين كتب لفلاسفة وجوديين من أمثال هديجر وكيركيجرد وسارتر وبيرجسون وألبير كامو وغيرهم ...

* الضحك >> كتاب يبحث في ماهية الضحك ..

* التلصص من ثقب الباب >> وهو بحث رائع للفيلسوف بيرجسون يعالج فيه نفسية الانسان عندما يشده الفضول للتلصص من ثقب الباب :)

* في بحث لهيدجر من روائع الوجودية .. بس ما أعرف كلمة بالعربية الفصحى ممكن أترجم فيها الكلمة الألمانية

Die Wig
ومعناها الطريق الجانبي اللي يتكون أو يتشكل من كثرة المشي .. طريق غير معبد ولكن يتشكل من كثرة مشي الناس عليه

( اللي نسميها بلهجتنا " دباية " :) )

وهو بحث جميل يعالج فيه هيدجر شعور الناس بالطمأنينة عندما يرون طريق يوحي بأن هناك من سلكه قبلهم :)

وغيرها كثير من المواضيع ... هذا ما يحضرني الآن ..

مشكورين على التواصل ..

ورد وود ..

عبير الورد
03-09-2008, 12:09 AM
معلومات جميلة بالفعل

الفضول الذي في نفسي تجاه هذا الفكر خف قليلا :)

لكن قد أسأل فيما بعد .....شكرا لسعة صدرك

bodalal
03-09-2008, 01:31 PM
حياج الله انتي والجميع ...

وسعيد بتواصلكم

همس الرووح
03-14-2008, 11:38 AM
دأبت الفلسفة منذ نشأتها مع طاليس على الاهتمام «بالحكمة»، والحكمة هنا ظلت مرتبطة بالعقل طوال قرون من الزمان، حتى جاء كيركجور الفيلسوف الدنماركي وافتتح فرعا صغيرا في هذه الطريق، وهو فرع اصبح يهتم بالجانب العاطفي لحياة الانسان، بأحاسيسه ومشاعره، بآلامه ومتاعبه، وبخوفه الدائم من الموت، تلك التجربة الفردية المجهولة!


طاليس أو من حمل لواء الثورة ضد الأساطير والخرافات بالرغم أنه لادين له . . . ولكن المعنى الحقيقي للفيلسوف هو ذلك الشخص المحب للحكمة وليس الحكيم . ولأن الصفة هذة أي الحكمة لاتطلق إلا لله والله هو الحكيم والعلة الحقيقية للكون ولكل شئ .


كان ذلك في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، وما لبثت هذه «الطريق الجديدة» ان فتحت على الفلاسفة من بعده جانبا لطالما غاب، او غُيب! ولم يعد السؤال عندهم عن اصل الوجود او مادته كما كان مع طاليس، اذ لم يعد الوجود الخارجي هو ما يهم هؤلاء الفلاسفة، وانما «وجودي انا» كانسان هو ما يشغلني ويقض مضجعي، فتحول معنى الوجود عندهم الى وجود الانسان لا وجود الكائنات الاخرى، حتى اطلق على فلسفتهم «الفلسفة الوجودية».


الوجودية الحقيقية أخي ليست بمادية الإنسان بل بالوجود الحقيقي له من أنا ؟ وما حقيقتي ؟ ولماذا الحروب ؟

لأن عمق الفلسفة جاءت بالأحرى نتيجة الحروب والثورات والقتال بين بني البشرو التي قضت على حرية الإنسان واستعباد البعض له .



والوجـودية فكر انساني اصـيل، سـلط الضــوء على اعمـق ما في الانسان من مشــاعر، وحـفر في مداخيل النفس البشـرية ليـصل الى كل ما يؤرقها ويحـيرها، وعبر عن همــوم هذا «الموجود» الفريد في كل شــيء، في خلقه وتكوينــه، وفــي عـقله وقلبه وســلوكه، وعــالج قـضـايا ربما ترفّــع عنها كثــير من الفلاسـفــة «الكلاسيكيين»، الا انها كانت تمثــل مواضيع على درجة عالية من الاهمية في الفكر الوجـودي، كالــيأس والخــوف والقـلـق، ووجود الفرد وتأثير الآخر عليه، بل وحتى الموت على الرغم مما يحيطه من ابهام وغموض غير يسير.




الفلسفة الوجوديّة ليس لها فخرا على الإنسان فخلق الوجود الحقيقي له هو الله وهو الذي أي الخالق أعطاه طاقات كامنه موجودة لديّه للتصدي للقضايا المعاصرة والتي فجّرت طاقات الإنسان .


والانسان - كما نجده في معظم ادبيات الفكر الوجودي - مشروع لا يكتمل الا بالموت، وحياته مليئة بالهم والكدر، يمتد حزنها منذ صــرخة المـيلاد، الى صرخة الموت، دخلها غير مختــار، ويحياها في شقــاء وألم، ولكنه رغم ذلك «حر»، بل ان الحـرية لديه هي الشــيء الوحيد الذي لا يستطيع الخلاص منه، ولا يملك منه فكاكا!



الحرية في نظر الوجوديين الإنسان حر ولكن حتى حريته حينما يختارها يكون قد اختار أما السعادة أو الشقاء .

أخي بودلال وكأن فلسفتهم قائمة على الشقاء والموت وعدم الإعتماد على الله في كل شئ فلسفة في بعض الأحيان ترقى إلى تصنيف الإزدواجية في الشئ .


والادب الوجودي مليء بصور تلك المعاناة الانسانية بأدق تفاصيلها واعمق معانيها، غير ان التعبير عن تلك المعاني قد يأخذ اكثر من صورة، وهو محيط بنا اينما توجهنا، فنراه فكرا في كتب الفلسفة، ونثرا في كتب الادب، وشعرا في قصائد الشعراء، وتمثالا في اعمال النحاتين والرسامين، فالمعنى واحد والصورة شتى وكلها تنهل من معين واحد، نظرة البؤس والألم في وجوه البشر!



وهو حقيقة تصوير راق في فلسفتهم ولكن يبقى شئ أن الفلاسفة المسلمين والعباقرة ظهروا نتيجة لفتح الإسلام العظيم وأن الله الخالق العظيم مهما قالوا لن يصلوا إلى أن الإنسان بالرغم من وجوده القاسي المؤلم والمليئ بالتقلبات يبقى إنسانا معرضا للنسيان ويبقى الله هو الذي يعطيه طريقان يخيّره لعمل الخير والحق ليتجنب الشقاء والخلود في النار ويبعد نفسه الإنسان من أي شئ يعذبه ويبعده عن السعادة الأبدية والخلود في الجنة .




أخي بودلال تأكد هذه المداخلة من بعض ماأكتبه في خواطري أو تكون من تأليفاتي المتواضعة . . . تقبّل مداخلتي وإضافاتي المتواضعة التي تمثّل الواقع لا تمثّل رأيي الشخصي . سلامي . همس الرووح:(287):

bodalal
03-14-2008, 03:23 PM
شكرا أختي همس الروح على هذه المداخلة الفلسفية والإضافة الجميلة التي أثرت الموضوع ..



الوجودية الحقيقية أخي ليست بمادية الإنسان بل بالوجود الحقيقي له من أنا ؟ وما حقيقتي ؟ ولماذا الحروب ؟

لأن عمق الفلسفة جاءت بالأحرى نتيجة الحروب والثورات والقتال بين بني البشرو التي قضت على حرية الإنسان واستعباد البعض له .

أتفق مع هذا الكلام .. مع أن الوجودية لم تقل بالمادية .. وإنما نادت بالاهتمام بقضايا الانسان بكل ما فيه من أفراح وأحزان



الفلسفة الوجوديّة ليس لها فخرا على الإنسان فخلق الوجود الحقيقي له هو الله وهو الذي أي الخالق أعطاه طاقات كامنه موجودة لديّه للتصدي للقضايا المعاصرة والتي فجّرت طاقات الإنسان .

لا أتفق معك هنا .. :)

أولا القضية ليست قضية فخر لفلسفة معينة أو فيلسوف ما ..

ثم إن القول بأن الله هو كل شيء ورد كل الأمور الى الله عز وجل .. كلمة حق ولكنها لا ينبغي أن تستخدم في كل شيء

نعم الله عز وجل خلق الكون ومن فيه .. ولكن الله عز وجل أيضا خلق الانسان وأعطاه عقل وقدرة على التفكير والحكم والاختيار والفعل ..

إذا كنا نريد أن نردد مثل هذا القول .. ونرجع كل شيء لله عز وجل .. فعلينا إذن أن نصمت ولا نقول غير هذه الكلمة

وليتوقف التفكير والعمل وكل شيء .. فالله هو كل شيء !!!

هذا طرح خطير ومنطق غير سليم للنظر الى الأشياء والعالم ..

الدنيا دار اختبار وعمل .. هناك عمل مطلوب من الانسان القيام به .. بما فيه التفكير .. فهو عمل أساسي ومهم .



الحرية في نظر الوجوديين الإنسان حر ولكن حتى حريته حينما يختارها يكون قد اختار أما السعادة أو الشقاء .

أخي بودلال وكأن فلسفتهم قائمة على الشقاء والموت وعدم الإعتماد على الله في كل شئ فلسفة في بعض الأحيان ترقى إلى تصنيف الإزدواجية في الشئ
.

أختي همس الروح ..

مرة أخرى .. وأرجو أن يتسع صدرك للنقاش الموضوعي ..

الله عز وجل هو كل شيء بالتأكيد .. ولكن أيضاً ليس بهذه الصورة :)


شكرا مرة أخرى على هذا الرد والتواصل الجميل .. ويبقى الاختلاف في الرأي نعمة :)

ورد وود ..

همس الرووح
03-14-2008, 06:05 PM
شكرا أختي همس الروح على هذه المداخلة الفلسفية والإضافة الجميلة التي أثرت الموضوع ..




أتفق مع هذا الكلام .. مع أن الوجودية لم تقل بالمادية .. وإنما نادت بالاهتمام بقضايا الانسان بكل ما فيه من أفراح وأحزان


لا أتفق معك هنا .. :) صحيح الوجودية جاءت نتيجة معاناة الإنسان الحقيقية وأنا أتفق معك . من يقول أن الله لا أعتمد عليه في كل شئ أنا همس أعتمد على الله في كل شيئ ولكن مع العمل هناك فرق بين التواكل على الله وبين التوكّل عليه وهذا قد يكون الإختلاف بيننا وبين العلمانية الزائفة .أولا القضية ليست قضية فخر لفلسفة معينة أو فيلسوف ما ..


ثم إن القول بأن الله هو كل شيء ورد كل الأمور الى الله عز وجل .. كلمة حق ولكنها لا ينبغي أن تستخدم في كل شيء

نعم الله عز وجل خلق الكون ومن فيه .. ولكن الله عز وجل أيضا خلق الانسان وأعطاه عقل وقدرة على التفكير والحكم والاختيار والفعل ..

إذا كنا نريد أن نردد مثل هذا القول .. ونرجع كل شيء لله عز وجل .. فعلينا إذن أن نصمت ولا نقول غير هذه الكلمة

وليتوقف التفكير والعمل وكل شيء .. فالله هو كل شيء !!!

هذا طرح خطير ومنطق غير سليم للنظر الى الأشياء والعالم ..

الدنيا دار اختبار وعمل .. هناك عمل مطلوب من الانسان القيام به .. بما فيه التفكير .. فهو عمل أساسي ومهم .


كلامك سليم لاخلاف عليه ولكن لاألغي التوكل فهو مطلوب حتى يكون التوفيق والسداد من قبله عز وجلّ ز


أختي همس الروح .. مرة أخرى .. وأرجو أن يتسع صدرك للنقاش الموضوعي ..

الله عز وجل هو كل شيء بالتأكيد .. ولكن أيضاً ليس بهذه الصورة :)


شكرا مرة أخرى على هذا الرد والتواصل الجميل .. ويبقى الاختلاف في الرأي نعمة :)

ورد وود ..


با العكس أسعدني كثير ردك ويعطيك العافية مع تحياتي همس الرووح

bodalal
03-19-2008, 10:00 PM
رأي أحترمه ... ألف شكر على التواصل والحوار الراقي اختي همس الروح ...

مشكورة