زين العابدين
01-14-2008, 07:45 PM
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه, أما بعد:
ما أكثر مواسم الخيرات, والجود والبركات, التي امتن بها رب البريات, على المؤمنين والمؤمنات؛ ليزدادوا بها من الطاعات, ويستكثروا من القربات, حتى ينالوا الخير والرحمات.
ومن هذه المواسم العظيمة, والأيام الفاضلة الكريمة؛ يوم عاشوراء الذي هو في شهر الله المحرم, الذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" أخرجه مسلم ( 1163 ).
واختصاراً لطريق الوصول إلى معرفة فضيلة هذا اليوم المبارك, فإنني قسَمت الموضوع إلى عناوين تسهيلاً للقراء الكرام. فأقول وبالله أستعين:
* معنى عاشوراء:
ـ قال ابن الأثير: "عاشُوراء:هو اليومُ العاشرُ من المحرّم . وهو اسمٌ إسْلاميٌّ وليس في كلامهم فَاعُولاَء ". النهاية (3/476)
ـ قال ابن منظور: "وعاشُوراءُ وعَشُوراءُ ممدودان؛ اليومُ العاشر من المحرم, وقيل: التاسع. قال الأَزهري: ولم يسمع في أَمثلة الأَسماء اسماً على فاعُولاءَ إِلا أَحْرُفٌ قليلة. قال ابن بُزُرج: الضّارُوراءُ: الضَّرّاءُ. والسارُوراءُ: السَّرَّاءُ. والدَّالُولاء: الدَّلال. وقال ابن الأَعرابي: الخابُوراءُ: موضع وقد أُلْحِقَ به تاسُوعاء". لسان العرب (4/568)
ـ قال بدر الدين العيني: " اشتقاق عاشوراء من العشر الذي هو اسم للعدد المعين. وقال القرطبي: عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم ". عمدة القاري (11/118)
*أيَّ يوم هو يوم عاشوراء؟
ذَهَبَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف: إِلَى أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر مِنْ الْمُحَرَّم,وَمِمَّنْ قَالَ بذَلِكَ : عائشة, وسَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ,وَمَالِك والشافعي وَأَحْمَد وَإِسْحَاق, وغيرهم, وَهَذَا ظَاهِر الأحَادِيث, وَهُوَ مُقْتَضَى الاشْتِقَاقِ وَالتَّسْمِيَةِ. وَقِيل:هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ, ولا يصح هذا القول.
* يوم عاشوراء في الجاهلية:
كانت قريش تصوم عاشوراءفي جاهليتها وصامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ معهم في مكة. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية, وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصومه؛ فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه, فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء,فمن شاء صامه ومن شاء تركه".أخرجه البخاري (2002) ومسلم (1125)
وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن أهل الجاهلية كانوايصومون يوم عاشوراء,وأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان, فلما افترض رمضان قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :"إن عاشوراءيوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه".أخرجه مسلم (1126)
* يوم عاشوراء عند أهل الكتاب:
صام اليهود يوم عاشوراء بسبب أن الله نجا فيه موسى عليه السلام وبني إسرائيل, وأغرق فرعون وقومه:
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة, فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء,فقال: "ما هذا"؟ قالوا: هذا يوم صالح, هذا يومٌ نجى الله بني إسرائيل من عدوهم؛ فصامه موسى, قال: "فأنا أحق بموسى منكم"؛ فصامه وأمر بصيامه. أخرجه البخاري (2004)ومسلم (1131)
* يوم عاشوراء في الإسلام:
مر صيام عاشوراء في صدر الإسلام في أربع مراحل:
المرحلة الأولى: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصومه في مكة مع أهل الجاهلية.
المرحلة الثانية: أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما جاء إلى المدينة ورأى اليهود يصومونه صامه وأمر بصيامه.
المرحلة الثالثة: أنه لما فُرض رمضان، صار صوم يوم عاشوراء مستحباً غير واجب.
المرحلة الرابعة: أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آخر حياته أمر بصيام اليوم التاسع مخالفةً لليهود.
فهذه أربع مراحل مر بها صيام عاشوراء.
* حكم صيامه:
صَوْمُ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا في بداية الأمر, ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهُ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ, وبقي الأمر على الاستحباب.
عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ يوم عاشوراءعام حج, على المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم, سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:" هذا يوم عاشوراء, ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر". أخرجه البخاري (1899)ومسلم (1129).
* فضل صيامه:
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقد سئل عن صيام يوم عاشوراء,فقال: "ما علمت أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم, ولا شهراً إلا هذا الشهر يعني رمضان". أخرجه البخاري 1902 ومسلم ( 1132 )
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ ـ رضي الله عنه ـ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ". أخرجه مسلم (1162) وفي رواية: " سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ ".
* مراتب صيامه:
المرتبة الأولى: وهي الأكمل, أن يُصام اليوم العاشر مع اليوم التاسع. لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع". أخرجه مسلم (1134)
المرتبة الثانية: أن يُصام اليوم العاشر وحده.
أما ما ذكره بعض أهل العلم من أن يُصام يوم عاشوراء مع يوم قبله و يوم بعده ـ أي التاسع والعاشر والحادي عشر ـ فهذا لم يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث صحيح,وإنما عمدتهم في ذلك حديث ضعيف لا يثبت.
* الحكمة من صيامه:
كان اليهود والنصارى يعظمون ذلك اليوم ويتخذونه عيداً فأُمرنا بمخالفتهم بصيامه:
عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـقال كان يوم عاشوراء يوماً تعظمه اليهود وتتخذه عيداً. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" فصوموه أنتم".أخرجه البخاري (1901) ومسلم (1131)
وفي رواية: "كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً, ويُلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم".
قال الإمام النووي: قَوْله: (الشَّارَة): وَهِيَ الْهَيْئَة الْحَسَنَة وَالْجَمَال, أَيْ يُلْبِسُونَهُنَّ لِبَاسَهُمْ الْحَسَنَ الْجَمِيلَ.
وعن عبد الله بن عباس ـرضي الله عنهما ـ قال : حين صام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عاشوراء وأمر بصيامه, قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع". قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .أخرجه مسلم (1134)
* حرصُ السلف على صيامه:
عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: "من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه". فكنا بعد ذلك نصومه ونصوِّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن ـ أي الصوف ـ فإذابكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار.أخرجه البخاري (1859) ومسلم (1136)
وفي رواية: " نصنع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم".
بل كان من السلف من يصوم هذا اليوم في السفر ابتغاء تحصيل فضيلته. قال الحافظ ابن رجب: " و كان طائفة من السلف يصومون عاشوراء في السفر منهم ابن عباس و أبو إسحاق السبيعي و الزهري و قال ـ أي الزهري ـ : رمضان له عدة من أيام أخر و عاشوراء يفوت. و نص أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر". اهـ "لطائف المعارف" ص70
* خرافات وبدع في عاشوراء:
1ـ تخصيص الاكتحال في هذا اليوم, والحديث في ذلك لا يصح.
2ـ تخصيص الاختضاب و الاغتسال في ذلك اليوم.
3ـ التوسعة فيه على العيال. بل التوسعة مشروعة في جميع أيام السنة. قال حرب : سألت أحمد عن الحديث الذي جاء : " من وسع على أهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر السنة " فلم يره شيئا.
4ـ اتخاذه مأتماً . قال الحافظ ابن رجب: " و أما اتخاذه مأتما كما تفعله ..... لأجل قتل الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ فيه : فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا و هو يحسب أنه يحسن صنعا و لم يأمر الله و لا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء و موتهم مأتما فكيف بمن دونهم!". "لطائف المعارف" ص74
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
( منقول )
ما أكثر مواسم الخيرات, والجود والبركات, التي امتن بها رب البريات, على المؤمنين والمؤمنات؛ ليزدادوا بها من الطاعات, ويستكثروا من القربات, حتى ينالوا الخير والرحمات.
ومن هذه المواسم العظيمة, والأيام الفاضلة الكريمة؛ يوم عاشوراء الذي هو في شهر الله المحرم, الذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" أخرجه مسلم ( 1163 ).
واختصاراً لطريق الوصول إلى معرفة فضيلة هذا اليوم المبارك, فإنني قسَمت الموضوع إلى عناوين تسهيلاً للقراء الكرام. فأقول وبالله أستعين:
* معنى عاشوراء:
ـ قال ابن الأثير: "عاشُوراء:هو اليومُ العاشرُ من المحرّم . وهو اسمٌ إسْلاميٌّ وليس في كلامهم فَاعُولاَء ". النهاية (3/476)
ـ قال ابن منظور: "وعاشُوراءُ وعَشُوراءُ ممدودان؛ اليومُ العاشر من المحرم, وقيل: التاسع. قال الأَزهري: ولم يسمع في أَمثلة الأَسماء اسماً على فاعُولاءَ إِلا أَحْرُفٌ قليلة. قال ابن بُزُرج: الضّارُوراءُ: الضَّرّاءُ. والسارُوراءُ: السَّرَّاءُ. والدَّالُولاء: الدَّلال. وقال ابن الأَعرابي: الخابُوراءُ: موضع وقد أُلْحِقَ به تاسُوعاء". لسان العرب (4/568)
ـ قال بدر الدين العيني: " اشتقاق عاشوراء من العشر الذي هو اسم للعدد المعين. وقال القرطبي: عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم ". عمدة القاري (11/118)
*أيَّ يوم هو يوم عاشوراء؟
ذَهَبَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف: إِلَى أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر مِنْ الْمُحَرَّم,وَمِمَّنْ قَالَ بذَلِكَ : عائشة, وسَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ,وَمَالِك والشافعي وَأَحْمَد وَإِسْحَاق, وغيرهم, وَهَذَا ظَاهِر الأحَادِيث, وَهُوَ مُقْتَضَى الاشْتِقَاقِ وَالتَّسْمِيَةِ. وَقِيل:هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ, ولا يصح هذا القول.
* يوم عاشوراء في الجاهلية:
كانت قريش تصوم عاشوراءفي جاهليتها وصامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ معهم في مكة. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية, وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصومه؛ فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه, فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء,فمن شاء صامه ومن شاء تركه".أخرجه البخاري (2002) ومسلم (1125)
وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن أهل الجاهلية كانوايصومون يوم عاشوراء,وأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان, فلما افترض رمضان قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :"إن عاشوراءيوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه".أخرجه مسلم (1126)
* يوم عاشوراء عند أهل الكتاب:
صام اليهود يوم عاشوراء بسبب أن الله نجا فيه موسى عليه السلام وبني إسرائيل, وأغرق فرعون وقومه:
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة, فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء,فقال: "ما هذا"؟ قالوا: هذا يوم صالح, هذا يومٌ نجى الله بني إسرائيل من عدوهم؛ فصامه موسى, قال: "فأنا أحق بموسى منكم"؛ فصامه وأمر بصيامه. أخرجه البخاري (2004)ومسلم (1131)
* يوم عاشوراء في الإسلام:
مر صيام عاشوراء في صدر الإسلام في أربع مراحل:
المرحلة الأولى: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصومه في مكة مع أهل الجاهلية.
المرحلة الثانية: أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما جاء إلى المدينة ورأى اليهود يصومونه صامه وأمر بصيامه.
المرحلة الثالثة: أنه لما فُرض رمضان، صار صوم يوم عاشوراء مستحباً غير واجب.
المرحلة الرابعة: أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آخر حياته أمر بصيام اليوم التاسع مخالفةً لليهود.
فهذه أربع مراحل مر بها صيام عاشوراء.
* حكم صيامه:
صَوْمُ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا في بداية الأمر, ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهُ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ, وبقي الأمر على الاستحباب.
عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ يوم عاشوراءعام حج, على المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم, سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:" هذا يوم عاشوراء, ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر". أخرجه البخاري (1899)ومسلم (1129).
* فضل صيامه:
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقد سئل عن صيام يوم عاشوراء,فقال: "ما علمت أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم, ولا شهراً إلا هذا الشهر يعني رمضان". أخرجه البخاري 1902 ومسلم ( 1132 )
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ ـ رضي الله عنه ـ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ". أخرجه مسلم (1162) وفي رواية: " سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ ".
* مراتب صيامه:
المرتبة الأولى: وهي الأكمل, أن يُصام اليوم العاشر مع اليوم التاسع. لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع". أخرجه مسلم (1134)
المرتبة الثانية: أن يُصام اليوم العاشر وحده.
أما ما ذكره بعض أهل العلم من أن يُصام يوم عاشوراء مع يوم قبله و يوم بعده ـ أي التاسع والعاشر والحادي عشر ـ فهذا لم يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث صحيح,وإنما عمدتهم في ذلك حديث ضعيف لا يثبت.
* الحكمة من صيامه:
كان اليهود والنصارى يعظمون ذلك اليوم ويتخذونه عيداً فأُمرنا بمخالفتهم بصيامه:
عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـقال كان يوم عاشوراء يوماً تعظمه اليهود وتتخذه عيداً. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" فصوموه أنتم".أخرجه البخاري (1901) ومسلم (1131)
وفي رواية: "كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً, ويُلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم".
قال الإمام النووي: قَوْله: (الشَّارَة): وَهِيَ الْهَيْئَة الْحَسَنَة وَالْجَمَال, أَيْ يُلْبِسُونَهُنَّ لِبَاسَهُمْ الْحَسَنَ الْجَمِيلَ.
وعن عبد الله بن عباس ـرضي الله عنهما ـ قال : حين صام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عاشوراء وأمر بصيامه, قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع". قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .أخرجه مسلم (1134)
* حرصُ السلف على صيامه:
عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: "من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه". فكنا بعد ذلك نصومه ونصوِّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن ـ أي الصوف ـ فإذابكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار.أخرجه البخاري (1859) ومسلم (1136)
وفي رواية: " نصنع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم".
بل كان من السلف من يصوم هذا اليوم في السفر ابتغاء تحصيل فضيلته. قال الحافظ ابن رجب: " و كان طائفة من السلف يصومون عاشوراء في السفر منهم ابن عباس و أبو إسحاق السبيعي و الزهري و قال ـ أي الزهري ـ : رمضان له عدة من أيام أخر و عاشوراء يفوت. و نص أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر". اهـ "لطائف المعارف" ص70
* خرافات وبدع في عاشوراء:
1ـ تخصيص الاكتحال في هذا اليوم, والحديث في ذلك لا يصح.
2ـ تخصيص الاختضاب و الاغتسال في ذلك اليوم.
3ـ التوسعة فيه على العيال. بل التوسعة مشروعة في جميع أيام السنة. قال حرب : سألت أحمد عن الحديث الذي جاء : " من وسع على أهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر السنة " فلم يره شيئا.
4ـ اتخاذه مأتماً . قال الحافظ ابن رجب: " و أما اتخاذه مأتما كما تفعله ..... لأجل قتل الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ فيه : فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا و هو يحسب أنه يحسن صنعا و لم يأمر الله و لا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء و موتهم مأتما فكيف بمن دونهم!". "لطائف المعارف" ص74
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
( منقول )