moalma
12-30-2007, 02:18 PM
يقول كاتب المقال :
ربما تنزعج عند الحديث عن قصة أحد الفاشلين، وخاصة إذا كان هذا الفشل يلاحق مسؤولاً يدير دفة الأمور في مكان ما، وهو في نفس الوقت مسؤول عن توجيه أشخاص آخرين، فإذا كان هذا المدير فاشلاً؛ فلماذا تم اختياره مديراً من البداية؟.
لابد أن تعرف في أول الأمر أن المدير الذي تم اختياره ربما كانت كفاءته الطريق الأوحد الذي أوصله إلى هذا المكان، وطبيعي أن الكفاءة وحدها لا تصلح لتسيير عجلة القيادة.. ما رأيك أن نتعرف على قصة فشل أحد هؤلاء المديرين ذوي المهارات والقدرات والخبرات ورغم ذلك هم فاشلون في إدارة أعمالهم وقيادة الأشخاص الآخرين؛ لنتجنب هذه الصفات، ونتعلم منها دروساً مفيدة في قيادة موقع أو مكان بالطريقة المثلى.
ولكن لا تنسى أن هذا المدير الذي نتحدث عنه شخص كفء ذو مهارات وخبرات في أداء عمله ربما تصل إلى درجة الامتياز لكن ينقصه..
سياسة الباب المغلق:
عادة ما تجد المدير الفاشل يحيط نفسه بسياج من الأشخاص المحيطين به يمنعونك من الوصول إليه وتجد أبوابه دائماً موصدة، وحتى تصل إلى هذه الأبواب الموصدة لابد أن تمر على أشخاص يحملون مسميات ومناصب مختلفة فحتى تمرر ما تريد إلى هذا النوع من المدراء؛ فلابد أن تتحدث أولاً إلى كل هؤلاء، ولابد من تمضية وقت كبير معهم حتى تشرح طلبك للواحد تلو الآخر، حتى ربما يدفعك حنقك إلى التفكير في الاستغناء عما تريد أو ربما تتحمل وتصبر حتى يصل طلبك إلى هذا المدير ويكون تحقيق الطلب بلا قيمة في هذه الحالة بسبب ضياع الوقت في تنفيذه.
خلاصة القول: إن المدير الفاشل هو الذي يبني حاجزاً بينه وبين مرؤوسيه من خلال هؤلاء الأشخاص المحيطين به.
المركزية في اتخاذ القرارات:
من الأمور المهمة لدى المدير الفاشل الانفراد باتخاذ القرارات الخاصة بالعمل والموظفين، وعدم أخذ آراء مرؤوسيه أو قيادات العمل بصورة مستمرة لكل صغيرة وكبيرة، ويبدو أمام نفسه الشخص الذي يحظى بالعلم والتجارب، فهو يرى أن هؤلاء المرؤوسين إنما هم أقل علمًا وأقل خبرة ولا ينبغي أن تؤخذ آراؤهم.
وفي أغلب الأحوال؛ فإن هذا المدير يتحمل خطأه وحده، ويتعرض لانتقادات كثيرة، منها ما هو مستتر ومنها ما صادر عن رؤسائه في المناصب الأعلى.
وهذه الصفات إنما تدل على الاستبدادية في العمل والمركزية في سلطات وواجبات كان من المفترض أن تكون في حوزة الموظفين الذين وظفوا لينجزوها، لا لأن يقضوا أوقاتهم يندبون الحظ الذي أردى به تحت سلطة مسؤول مستبد!.
وطبيعي بعد ذلك أن تكون مديراً فاشلاً بالدرجة الأولى بعد أن فشلت في أن تخلق صفاً ثانياً يمكن أن يخلفك في منصبك، وتأكد أن الخائفين من أن يتبوأ الآخرون مناصبهم هم أشخاصٍ ضعفاء غير جديرين بالمنصب، وليس من صالح العمل أن يستمر هذا الصنف الخائف على منصبه فيه.
أيها المدير الفاشل: لا بد أن تتعلم أن من سمات المدير القائد سمة اللامركزية في إدارة السلطات والمسؤوليات، فلست ناجحاً إن استحوذت على كل شيء وأصبحت طاولات مرؤوسيك فارغة إلا من أوراق قديمة بالية، فهؤلاء لن يفيدوا العمل في يوم من الأيام إن أنت حجبت عنهم السلطات، وجعلت يدك مقبوضة عليها وكأنها ملكٌ لك. إنجازك العظيم هنا؛ أن تفوض مرؤوسيك، وتمنحهم صلاحية العمل حتى يصل كل واحد منهم إلى مفهوم العمل الحقيقي الذي يرمي إلى تحقيق الذات، وثق بأنك لست محبوباً من قبل مرؤوسيك؛ لأنك مارست سياسة المركزية في إدارة العمل، بل إن هذا من شأنه تقويض الأهداف التي وضعت للجهة التي تعمل بها.
عدم الاستماع للآخرين:
إن المدير الذي نتحدث عنه إنما يستصعب الاستماع إلى أصدقائه العاملين معه، تصوراً منه أن ذلك مضيعة للوقت أو انشغالاً بأمور جزئية لا تعد مهمة، والحال أن هذا يعد من الأخطاء الكبيرة على المدى البعيد. صحيح أن بعض ما يقال ويثار في الكلام يعد من الهامشيات ويأخذ من وقته وأعصابه الشيء الكثير؛ إلا أن الكثير منه أيضاً قد يكون مهماً ويساهم مساهمة فعالة في تحسين وضع العمل، وربما يقدح في ذهنه أموراً تعينه على اكتشاف الكثير من الخفايا والمهام أو توصله إلى الأفكار الاستراتيجية على مستوى الفكر أو التطبيق.
لوائح الشركة:
ربما لا يجد الشخص المسؤول نفسه متهماً ولا نستطيع توجيه الاتهام إليه إذا كان يوجه جل اهتمامه لتطبيق القوانين، ويعمل على تطبيقها بدقة، ولكن الحال يختلف مع المدير الفاشل فهو يطبق نظريات ولوائح صماء على أشخاص ذوي أحاسيس ومشاعر ومواقف تمر بهم، وقد دخل (الموقف) إلى النظرية الإدارية فزعزع الأفكار والرؤى المترسخة عن العمل الإداري، وجعل الفكر الإداري يأخذ منحنى أشد صعوبة وأكبر من حيث التحدي والحاجة إلى إحداث (التوازن) للعملية الإدارية.
فعمل المدير أصبح من الممكن اختصاره في محاولات دؤوبة ومستمرة لإحداث التوازن المستمر والذكي بين القرارات الإدارية والظروف والمواقف المحيطة بهذا القرار، بينما نجد المدير الذي نتحدث عنه في غفلة عن هذا كله.
ونجد أن الموقف يعبر عن الحالة أو الوضع الذي تمر به المنشأة في وقت معين ومكان محدد، ويلخص مجموعة من العوامل والمتغيرات المتداخلة التي تعكس بصورة كبيرة طبيعة وشكل البيئة التي تعيش فيها المنشأة.
ففي لحظة مكانية معينة تتصف المنشأة بقدر محدد وخاص من المتغيرات أو العوامل التي لها علاقة بالبيئة المحيطة وبالاستراتيجية المتبعة وبحجم المنشأة وبالتقنية المتبناة وبطبيعة المرؤوسين.. هذه العوامل بتداخلها وتفاعلها تكون (الموقف) الذي وحسب الرؤية الإدارية الحديثة يلعب دوراً كبيراً في تحديد الأساليب الإدارية المناسبة والتي يؤدي اتباعها إلى تحقيق النجاح والتكيف مع الأوضاع السائدة ولكن مديرنا الذي نتحدث عنه لا يعلم عن القرارات غير ما يراه هو صالحاً.
اتخاذ القرارات السليمة:
إن طريقة تفكير المدير الفاشل تتسم بأنها طريقة تفكير غير منهجية وغير علمية، وتعد السمة الأساسية لهذا التفكير أنه تفكير غير مرتب وغير منطقي وتفكير يطبع بطابع التحيز والانفعال، وتفكير متواضع يخلو من الابتكار والإبداع، وتبنى قراراته على معلومات وتشخيصات غير دقيقة ولا يشجع المرؤوسين على المشاركة في التشخيص وفي اتخاذ القرارات.
السلطة والتنظيم:
مفهوم السلطة عند المدير الفاشل يختلف اختلافاً جوهرياً عن مفهوم السلطة عند باقي المديرين، فهو يتصور أن السلطة هي الحق المعطى له من أعلى لإلزام الآخرين، كما يتصور أن السلطة هي سلطة القبول من التابعين -أي من أسفل-، على حد تعبير (المدرسة السلوكية) في علم النفس، ويتصور أن السلطة تمارس بشكل مباشر.
يمكن باختصار أن نقول: إن المدير الفاشل يفهم السلطة على أنه صاحب السلطة، وهو الذي يملي ما يجب عمله، فهو ينظر إلى السلطة على أنها إلزام الآخرين بعمل معين.
وبالتالي فإن المدير الفاشل ينظر إلى مفهوم التنظيم على أنه تنظيم فردي لا يمكن لأحد غيره أن يقوم به.
الرقابة عند المدير الفاشل:
إن مفهوم المدير الفاشل للرقابة هو " أنها رقابة على الآخرين ومعرفة كل شئ عنهم وما يدور بينهم أثناء العمل"، ومن الأمور المهمة بالنسبة للمدير الفاشل المراقبة الشديدة لمرؤوسيه والحد من نشاطهم
إعداد قيادات جديدة:
من الأمور الخاطئة لدى المدير الفاشل أنه يتغافل شيئاً مهما للغاية؛ وهو رفع مستوى الموظفين ليصلحوا للإدارة ويشغلوا صفاً قيادياً ثانياً. كما ذكرنا سابقاً فهو يرى أنه لكي يحافظ على منصبه فلابد له من عدم تمكين الآخرين من الوصول إلى منصبه أو المناصب الأقل، ولذلك فمن وجهة نظره ألا يعمل على ترقية مستوى مرؤوسيه.
التحفيز على العمل:
من المؤكد أننا كبشر لسنا نشبه الآلات في شيء، لنا طبيعة خاصة، لا نعمل بضغط على زر، بل إن البشر ـ كل البشرـ ما هم إلا مجموعة من الأحاسيس والمشاعر، والعمل لابد أن يرتبط بتلك المشاعر.
ولذا فحسن أداء العمل أو سوء أدائه يرتبط بمشاعر العاملين نحو ذلك العمل، ورغم ذلك يتغافل المدير الفاشل عن الطريقة المثلى لكيفية التعامل مع الأفراد لإخراج أفضل ما لديهم نحو العمل المنوط بهم عن طريق التحفيز.
كما يفشل هذا المدير في إيصال الشعور للعاملين بالمؤسسة بأنهم جزء لا يتجزأ من هذه المؤسسة، وأن نجاحها نجاح لهم وفشلها فشل لهم.
ومن علامات الفشل أيضاً في تحفيز العاملين؛ عدم وجود مساحة للاختيار.. إذ إن المدير الفاشل لا يترك مساحة للاختيار للعاملين معه، فلا يطرح عليهم المشكلة،، ولا يستشير العاملين معه، كما ذكرنا آنفاً، وتصبح المشكلة وبدائل حلها أمام عينه وحده، ولا يشاركه أحد فيها، ولا يشعر العاملون بالمشكلات التي تواجه المؤسسة التي تجمعهم مع المدير، ومع هذا الوضع يفقد كل عامل الحافز القوي على إتمام نجاح ذلك العمل
المنوط بهم؛ لافتقادهم الحافز لذلك.
ومعوقات التحفيز أمام العاملين في هذه المؤسسة التي يوجد بها هذا المدير هي: الخوف والرهبة من المؤسسة، عدم وضوح الأهداف لدى إدارة المؤسسة، عدم المتابعة للعاملين، فلا يعرف المحسن من المسيء، قلة التدريب على العمل وقلة التوجيه لتصحيح الأخطاء من جانب هذا المدير، عدم وجود قنوات اتصال بين المدير والعاملين؛ فيكون كل منهم في واد بعيدًا عن الآخر، الأخطاء الإدارية كتعدد القرارات وتضاربها نتيجة عدم الاستشارة من جانب المدير.
المساواة:
المساواة عند المدير الذي نتحدث عنه تصبح مسألة ثانوية وربما تتلاشى نهائياً، فهو يرجح بعض الموظفين على البعض الآخر في كثير من الامتيازات، ومن ثم يصبح التفكك وتنافر القلوب هو السمة السائدة في المنشأة أو المؤسسة، مما يسبب ضعف الإنتاج، وليس معنى المساواة جعل غير المتساويين متساويين، بل معناه جعل المتساويين متساويين، وإلا فهو ظلم وإجحاف بحق المتفوقين.
الامتيازات الشخصية:
كمدير وجد نفسه فجأة قادراً على المجيء متأخراً، أو المغادرة متأخراً، أو الغياب أكثر من ساعة في فترة الغذاء، أو إجراء اتصالاته الشخصية من مكتبه الفاخر، وأصبح مأخوذًا بمكانته الجديدة وبسلطاته الواسعة، فأصبح يمارس هذه السلطات بأشكالها المتعددة.
لكن هذا المدير ينسى أن جميع العيون مسلطة عليه، وينسى أنه مثال حي لكل من يعمل معه، ويغفل أنه يجب أن يكون قدوة ومن المفترض أن العاملين أو الموظفين في المؤسسة يتبعونه في كل تصرفاته، لكن عليك عزيزي المدير ألا تتوقع أن يبذل الآخرون قصارى جهدهم، إذا لم تكن معهم لتحفزهم على ذلك.
لم تنته قصة هذا المدير الفاشل؛ فيمكنك أن تضيف إليها ما أردت ما دامت هذه الصفات لا تراعي التعاون والمشاركة والمرونة مع الآخرين، ومادامت هذه الصفات تجهل فن قيادة الآخرين.
تحياتي
ربما تنزعج عند الحديث عن قصة أحد الفاشلين، وخاصة إذا كان هذا الفشل يلاحق مسؤولاً يدير دفة الأمور في مكان ما، وهو في نفس الوقت مسؤول عن توجيه أشخاص آخرين، فإذا كان هذا المدير فاشلاً؛ فلماذا تم اختياره مديراً من البداية؟.
لابد أن تعرف في أول الأمر أن المدير الذي تم اختياره ربما كانت كفاءته الطريق الأوحد الذي أوصله إلى هذا المكان، وطبيعي أن الكفاءة وحدها لا تصلح لتسيير عجلة القيادة.. ما رأيك أن نتعرف على قصة فشل أحد هؤلاء المديرين ذوي المهارات والقدرات والخبرات ورغم ذلك هم فاشلون في إدارة أعمالهم وقيادة الأشخاص الآخرين؛ لنتجنب هذه الصفات، ونتعلم منها دروساً مفيدة في قيادة موقع أو مكان بالطريقة المثلى.
ولكن لا تنسى أن هذا المدير الذي نتحدث عنه شخص كفء ذو مهارات وخبرات في أداء عمله ربما تصل إلى درجة الامتياز لكن ينقصه..
سياسة الباب المغلق:
عادة ما تجد المدير الفاشل يحيط نفسه بسياج من الأشخاص المحيطين به يمنعونك من الوصول إليه وتجد أبوابه دائماً موصدة، وحتى تصل إلى هذه الأبواب الموصدة لابد أن تمر على أشخاص يحملون مسميات ومناصب مختلفة فحتى تمرر ما تريد إلى هذا النوع من المدراء؛ فلابد أن تتحدث أولاً إلى كل هؤلاء، ولابد من تمضية وقت كبير معهم حتى تشرح طلبك للواحد تلو الآخر، حتى ربما يدفعك حنقك إلى التفكير في الاستغناء عما تريد أو ربما تتحمل وتصبر حتى يصل طلبك إلى هذا المدير ويكون تحقيق الطلب بلا قيمة في هذه الحالة بسبب ضياع الوقت في تنفيذه.
خلاصة القول: إن المدير الفاشل هو الذي يبني حاجزاً بينه وبين مرؤوسيه من خلال هؤلاء الأشخاص المحيطين به.
المركزية في اتخاذ القرارات:
من الأمور المهمة لدى المدير الفاشل الانفراد باتخاذ القرارات الخاصة بالعمل والموظفين، وعدم أخذ آراء مرؤوسيه أو قيادات العمل بصورة مستمرة لكل صغيرة وكبيرة، ويبدو أمام نفسه الشخص الذي يحظى بالعلم والتجارب، فهو يرى أن هؤلاء المرؤوسين إنما هم أقل علمًا وأقل خبرة ولا ينبغي أن تؤخذ آراؤهم.
وفي أغلب الأحوال؛ فإن هذا المدير يتحمل خطأه وحده، ويتعرض لانتقادات كثيرة، منها ما هو مستتر ومنها ما صادر عن رؤسائه في المناصب الأعلى.
وهذه الصفات إنما تدل على الاستبدادية في العمل والمركزية في سلطات وواجبات كان من المفترض أن تكون في حوزة الموظفين الذين وظفوا لينجزوها، لا لأن يقضوا أوقاتهم يندبون الحظ الذي أردى به تحت سلطة مسؤول مستبد!.
وطبيعي بعد ذلك أن تكون مديراً فاشلاً بالدرجة الأولى بعد أن فشلت في أن تخلق صفاً ثانياً يمكن أن يخلفك في منصبك، وتأكد أن الخائفين من أن يتبوأ الآخرون مناصبهم هم أشخاصٍ ضعفاء غير جديرين بالمنصب، وليس من صالح العمل أن يستمر هذا الصنف الخائف على منصبه فيه.
أيها المدير الفاشل: لا بد أن تتعلم أن من سمات المدير القائد سمة اللامركزية في إدارة السلطات والمسؤوليات، فلست ناجحاً إن استحوذت على كل شيء وأصبحت طاولات مرؤوسيك فارغة إلا من أوراق قديمة بالية، فهؤلاء لن يفيدوا العمل في يوم من الأيام إن أنت حجبت عنهم السلطات، وجعلت يدك مقبوضة عليها وكأنها ملكٌ لك. إنجازك العظيم هنا؛ أن تفوض مرؤوسيك، وتمنحهم صلاحية العمل حتى يصل كل واحد منهم إلى مفهوم العمل الحقيقي الذي يرمي إلى تحقيق الذات، وثق بأنك لست محبوباً من قبل مرؤوسيك؛ لأنك مارست سياسة المركزية في إدارة العمل، بل إن هذا من شأنه تقويض الأهداف التي وضعت للجهة التي تعمل بها.
عدم الاستماع للآخرين:
إن المدير الذي نتحدث عنه إنما يستصعب الاستماع إلى أصدقائه العاملين معه، تصوراً منه أن ذلك مضيعة للوقت أو انشغالاً بأمور جزئية لا تعد مهمة، والحال أن هذا يعد من الأخطاء الكبيرة على المدى البعيد. صحيح أن بعض ما يقال ويثار في الكلام يعد من الهامشيات ويأخذ من وقته وأعصابه الشيء الكثير؛ إلا أن الكثير منه أيضاً قد يكون مهماً ويساهم مساهمة فعالة في تحسين وضع العمل، وربما يقدح في ذهنه أموراً تعينه على اكتشاف الكثير من الخفايا والمهام أو توصله إلى الأفكار الاستراتيجية على مستوى الفكر أو التطبيق.
لوائح الشركة:
ربما لا يجد الشخص المسؤول نفسه متهماً ولا نستطيع توجيه الاتهام إليه إذا كان يوجه جل اهتمامه لتطبيق القوانين، ويعمل على تطبيقها بدقة، ولكن الحال يختلف مع المدير الفاشل فهو يطبق نظريات ولوائح صماء على أشخاص ذوي أحاسيس ومشاعر ومواقف تمر بهم، وقد دخل (الموقف) إلى النظرية الإدارية فزعزع الأفكار والرؤى المترسخة عن العمل الإداري، وجعل الفكر الإداري يأخذ منحنى أشد صعوبة وأكبر من حيث التحدي والحاجة إلى إحداث (التوازن) للعملية الإدارية.
فعمل المدير أصبح من الممكن اختصاره في محاولات دؤوبة ومستمرة لإحداث التوازن المستمر والذكي بين القرارات الإدارية والظروف والمواقف المحيطة بهذا القرار، بينما نجد المدير الذي نتحدث عنه في غفلة عن هذا كله.
ونجد أن الموقف يعبر عن الحالة أو الوضع الذي تمر به المنشأة في وقت معين ومكان محدد، ويلخص مجموعة من العوامل والمتغيرات المتداخلة التي تعكس بصورة كبيرة طبيعة وشكل البيئة التي تعيش فيها المنشأة.
ففي لحظة مكانية معينة تتصف المنشأة بقدر محدد وخاص من المتغيرات أو العوامل التي لها علاقة بالبيئة المحيطة وبالاستراتيجية المتبعة وبحجم المنشأة وبالتقنية المتبناة وبطبيعة المرؤوسين.. هذه العوامل بتداخلها وتفاعلها تكون (الموقف) الذي وحسب الرؤية الإدارية الحديثة يلعب دوراً كبيراً في تحديد الأساليب الإدارية المناسبة والتي يؤدي اتباعها إلى تحقيق النجاح والتكيف مع الأوضاع السائدة ولكن مديرنا الذي نتحدث عنه لا يعلم عن القرارات غير ما يراه هو صالحاً.
اتخاذ القرارات السليمة:
إن طريقة تفكير المدير الفاشل تتسم بأنها طريقة تفكير غير منهجية وغير علمية، وتعد السمة الأساسية لهذا التفكير أنه تفكير غير مرتب وغير منطقي وتفكير يطبع بطابع التحيز والانفعال، وتفكير متواضع يخلو من الابتكار والإبداع، وتبنى قراراته على معلومات وتشخيصات غير دقيقة ولا يشجع المرؤوسين على المشاركة في التشخيص وفي اتخاذ القرارات.
السلطة والتنظيم:
مفهوم السلطة عند المدير الفاشل يختلف اختلافاً جوهرياً عن مفهوم السلطة عند باقي المديرين، فهو يتصور أن السلطة هي الحق المعطى له من أعلى لإلزام الآخرين، كما يتصور أن السلطة هي سلطة القبول من التابعين -أي من أسفل-، على حد تعبير (المدرسة السلوكية) في علم النفس، ويتصور أن السلطة تمارس بشكل مباشر.
يمكن باختصار أن نقول: إن المدير الفاشل يفهم السلطة على أنه صاحب السلطة، وهو الذي يملي ما يجب عمله، فهو ينظر إلى السلطة على أنها إلزام الآخرين بعمل معين.
وبالتالي فإن المدير الفاشل ينظر إلى مفهوم التنظيم على أنه تنظيم فردي لا يمكن لأحد غيره أن يقوم به.
الرقابة عند المدير الفاشل:
إن مفهوم المدير الفاشل للرقابة هو " أنها رقابة على الآخرين ومعرفة كل شئ عنهم وما يدور بينهم أثناء العمل"، ومن الأمور المهمة بالنسبة للمدير الفاشل المراقبة الشديدة لمرؤوسيه والحد من نشاطهم
إعداد قيادات جديدة:
من الأمور الخاطئة لدى المدير الفاشل أنه يتغافل شيئاً مهما للغاية؛ وهو رفع مستوى الموظفين ليصلحوا للإدارة ويشغلوا صفاً قيادياً ثانياً. كما ذكرنا سابقاً فهو يرى أنه لكي يحافظ على منصبه فلابد له من عدم تمكين الآخرين من الوصول إلى منصبه أو المناصب الأقل، ولذلك فمن وجهة نظره ألا يعمل على ترقية مستوى مرؤوسيه.
التحفيز على العمل:
من المؤكد أننا كبشر لسنا نشبه الآلات في شيء، لنا طبيعة خاصة، لا نعمل بضغط على زر، بل إن البشر ـ كل البشرـ ما هم إلا مجموعة من الأحاسيس والمشاعر، والعمل لابد أن يرتبط بتلك المشاعر.
ولذا فحسن أداء العمل أو سوء أدائه يرتبط بمشاعر العاملين نحو ذلك العمل، ورغم ذلك يتغافل المدير الفاشل عن الطريقة المثلى لكيفية التعامل مع الأفراد لإخراج أفضل ما لديهم نحو العمل المنوط بهم عن طريق التحفيز.
كما يفشل هذا المدير في إيصال الشعور للعاملين بالمؤسسة بأنهم جزء لا يتجزأ من هذه المؤسسة، وأن نجاحها نجاح لهم وفشلها فشل لهم.
ومن علامات الفشل أيضاً في تحفيز العاملين؛ عدم وجود مساحة للاختيار.. إذ إن المدير الفاشل لا يترك مساحة للاختيار للعاملين معه، فلا يطرح عليهم المشكلة،، ولا يستشير العاملين معه، كما ذكرنا آنفاً، وتصبح المشكلة وبدائل حلها أمام عينه وحده، ولا يشاركه أحد فيها، ولا يشعر العاملون بالمشكلات التي تواجه المؤسسة التي تجمعهم مع المدير، ومع هذا الوضع يفقد كل عامل الحافز القوي على إتمام نجاح ذلك العمل
المنوط بهم؛ لافتقادهم الحافز لذلك.
ومعوقات التحفيز أمام العاملين في هذه المؤسسة التي يوجد بها هذا المدير هي: الخوف والرهبة من المؤسسة، عدم وضوح الأهداف لدى إدارة المؤسسة، عدم المتابعة للعاملين، فلا يعرف المحسن من المسيء، قلة التدريب على العمل وقلة التوجيه لتصحيح الأخطاء من جانب هذا المدير، عدم وجود قنوات اتصال بين المدير والعاملين؛ فيكون كل منهم في واد بعيدًا عن الآخر، الأخطاء الإدارية كتعدد القرارات وتضاربها نتيجة عدم الاستشارة من جانب المدير.
المساواة:
المساواة عند المدير الذي نتحدث عنه تصبح مسألة ثانوية وربما تتلاشى نهائياً، فهو يرجح بعض الموظفين على البعض الآخر في كثير من الامتيازات، ومن ثم يصبح التفكك وتنافر القلوب هو السمة السائدة في المنشأة أو المؤسسة، مما يسبب ضعف الإنتاج، وليس معنى المساواة جعل غير المتساويين متساويين، بل معناه جعل المتساويين متساويين، وإلا فهو ظلم وإجحاف بحق المتفوقين.
الامتيازات الشخصية:
كمدير وجد نفسه فجأة قادراً على المجيء متأخراً، أو المغادرة متأخراً، أو الغياب أكثر من ساعة في فترة الغذاء، أو إجراء اتصالاته الشخصية من مكتبه الفاخر، وأصبح مأخوذًا بمكانته الجديدة وبسلطاته الواسعة، فأصبح يمارس هذه السلطات بأشكالها المتعددة.
لكن هذا المدير ينسى أن جميع العيون مسلطة عليه، وينسى أنه مثال حي لكل من يعمل معه، ويغفل أنه يجب أن يكون قدوة ومن المفترض أن العاملين أو الموظفين في المؤسسة يتبعونه في كل تصرفاته، لكن عليك عزيزي المدير ألا تتوقع أن يبذل الآخرون قصارى جهدهم، إذا لم تكن معهم لتحفزهم على ذلك.
لم تنته قصة هذا المدير الفاشل؛ فيمكنك أن تضيف إليها ما أردت ما دامت هذه الصفات لا تراعي التعاون والمشاركة والمرونة مع الآخرين، ومادامت هذه الصفات تجهل فن قيادة الآخرين.
تحياتي